لماذا يغضب الله تعالى لغضب فاطمة ع ولم يغضب لنبيه موسى ع؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

يكشفُ قولُ رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حقّ فاطمة الزهراء (عليها السلام) يرضى الله لرضاها ويغضب لغضبها عن عصمتها وعلوّ منزلتها عند الله تعالى؛ لأنّ الله لا يعلق رضاه وغضبه على من يكون غضبه ورضاه ليس على وجه الحق، وهذا يعني أنها (سلام الله عليها) كالميزان الذي يكشف عن أهل الحق والباطل من بين المسلمين، كما هو حال أمير المؤمنين (عليه السلام) لا يحبّه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق ولذا قيل كنا نعرفُ المؤمن من المنافق بحبه وبغضه لعلي، وبذلك يمكننا أن نقف على الحكمة من تأكيدات رسول الله على ضرورة مودّة أهل البيت والسّير على هداهم، فهم سفن النجاة والعروة الوثقى والصراط المستقيم، فمن أراد أن يختبر رضا الله عنه فليختبر منزلته من أهل البيت (عليهم السلام) وبذلك نكتشف الحِكمة من هذا الحديث وأمثاله بأنّه أتى في مقام بيان من يمثل الحقّ بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وعليه فإنّه لا ينفي أنّ الله لا يغضب لغضب موسى أو بقية الأنبياء والصالحين؛ بل اللهُ يغضب لغضب المؤمن ويرضا لرضاه إذا كان غضبه ورضاه في سبيل الله، وإنما جاء هذا الحديث للكشف عن كون الزهراء (عليها السلام) هي المعيار الذي يقيسُ عليه الإنسان إيمانه بالله، فالإيمان بالله لا يتحقق إلا عبر التسليم لمن أمرَ الله بطاعته، ومن هنا لابدّ من شخوص يكونون شهوداً على إيمان الناس، فما حدث في الأمة الإسلامية من اختلاف وتمذهُبٍ لا يمكن تمييز الحقّ فيه عن الباطل إلا من خلال هذه الشخوص الطاهرة والأنفس الزكية التي جعلها الله معياراً للحقّ وطريقاً للهدى. 

والذي يؤكّد أنّ الحديث لا ينفي حدوث غضب الله ورضاه بغضب ورضا العبد الصالح، هو الحديث المرويّ عن الإمام الصادق عن علي بن أبي طالب (عليهم السلام)، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أنّه قال: يا فاطمة، إنّ الله تبارك وتعالى ليغضب لغضبك، ويرضى لرضاك، قال: فجاء صندل، فقال لجعفر ابن محمد (عليهما السلام): يا أبا عبد الله، إنّ هؤلاء الشباب يجيئونا عنك بأحاديث منكرة! فقال له جعفر (عليه السلام): وما ذاك يا صندل؟ قال: جاءنا عنك أنك حدثتهم أنّ الله يغضب لغضب فاطمة، ويرضى لرضاها؟ قال: فقال جعفر (عليه السلام): يا صندل، ألستم رويتم فيما تروونَ أنّ الله تبارك وتعالى ليغضب لغضب عبده المؤمن، ويرضى لرضاه؟ قال: بلى. قال: فما تنكرون أن تكون فاطمة (عليها السلام) مؤمنة، يغضب الله لغضبها، ويرضى لرضاها! قال: فقال: الله أعلم حيث يجعلُ رسالته (الأمالي - الشيخ الصدوق - الصفحة ٤٦7)