هل يستلزم الثواب و العقاب وجود من يستحق الثواب و العقاب؟اي ان الله يحتاج الى المحسنين و الفاسدين حتى يتّصف بالحِكمة
عندي تساؤل وهو أن الثواب و العقاب يستلزمان وجود من يستحق الثواب و العقاب فبدون هذا الوجود لا يمكن تفعيل هذا المبدأ فهناك افتقار إلهي للمحسنين و الفاسدين حتى يتمكن الله من تحقيق مراده.. هذا إشكال يدور في ذهني وأرجو من سيادتكم الرد..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الثوابُ والعقابُ هما أثرٌ يترتّب على فعل الإنسان، فهو لاحقٌ لفعله وليس سابقاً له، وبالتالي لا يمكن تصوّرهما من دون وجود إنسانٍ فاعل ومُختار، فهما متعلقان بالإنسان تعلّقَ السبب بالمُسبّب، فالإنسان حتى يدخل الجنة ويتجنّب دخول النار مُحتاجٌ إلى القيام بالأفعال التي تمكّنه من ذلك، أمّا من جهة الخالق فلا يدور الأمر مدار الحاجة والإفتقار وإنّما يدور مدار الحكيم وغير الحكيم، فلو أثابهم أو عاقبهم من دون فعلٍ منهم يكون فعله عبثاً، أمّا إذا رتّب ثوابهم وعقابهم على ما يصنعه الإنسان بفعله الإختياري، يكون فعله حكيماً ولا يُقال حينها أنّه إفتقر إلى وجود المُحسنينَ والفاسدين حتى يتّصف بالحِكمة، فوجود صفاتٍ إلهيّة لها علاقةٌ بالفعل لا يعني إفتقاره للأفعال حتّى يتّصف بها، وإنّما طبيعة الصفة قائمةٌ على تعلّقها بالغير، فمثلاً صفة الرازق من صفات الفعل لأنّ الرزق متعلقٌ بالمخلوق ولا يُقال أنّه مفتقرٌ للمخلوق حتى يُقال له رازق، وكذلك عندما يُجعَل الثواب والعقاب ثمناً لفعل الإنسان يقال أنّ فعله حكيم وليس عبثياً، ولا يعني أنّه غير مستحقٍّ لهذه الصفات حتّى قبل خلقه للخلق إلا أنّها لم تظهر لنا نحن كبشرٍ إلا من خلال فعله تعالى.
اترك تعليق