ممكن معرفه مصادر لتفسير القرآن الباطن وما رأي المذهب الجعفري بالأربعون حديثا لرسول الله (ص)
ممكن معرفه مصادر لتفسير القرآن الباطن جزاكم الله خيرا. ..... يقال ان الأربعون حديثا لرسول الله صلى الله عليه و آله وسلم متفق عليه من قبل مجاميع المسلمين. ... هل هذا مؤكد لدى المذهب الجعفري. ...و لو كان صحيحاً ماهي المصادر التي توثق هذه الأحاديث الشريفه النبويه الأربعون .
بالنسبةِ للسؤالِ الأول: لا وجودَ لمنهجية محدّدةٍ للتفسير الباطني يمكنُ رصدها في مصادر محدّدة، وإنما هناك إتجاهاتٌ باطنية ومدارسُ فرضت تأويلاتها على النصوص القرآنية، وتختلفُ التفاسير الباطنية بإختلاف تلك الإتجاهات، فمثلاً الإسماعيلية كفرقة باطنية قد بنت منظومتها المعرفية على الفلسفة الفيثاغورية وبعض المبادئ الإفلاطونية ثمّ عملت على تفسير النصوص الدينية بما يخدم تلك المبادئ الفلسفية، وقد اشتهر التفسيرُ الباطني عند المذاهب الصوفية التي تفصلُ بين الشريعة والحقيقة، وتعتقد أنّ الشريعة تمثل جانبَ الظاهر بينما الحقيقة هي الباطن الذي يجبُ أن يسعى إليه الصوفي، وقد تأثرت المدارسُ الصوفية بالفلسفات الشرقية، مثل الفلسفات الإيرانية القديمة والفلسفات الهندية، وذلك لكونها فلسفاتٍ تميل بطبعها إلى جانب التأمّل الوجداني والإستبطان الداخلي أكثر من الإستدلال العقلي والبرهاني، وعليه فإنّ التفسير الباطني أو كما يعبّر عنه بالتفسير الرمزي أو الإشاري يهدفُ إلى تمرير أفكار بعيدةٍ عن صريح القرآن وظاهره، حيث يقومُ على إصطناع معانيَ للنصّ من دون أي رابط لغوي أو عقلي، ومن هنا لا يعدّ التفسير الباطني مقبولاً مالم يرتكز على الظاهر ويؤسّس عليه، وعلى ذلك فأنّ ايّ تفسير للقرآن بفرض معاني مخالفة لظاهر النصّ مرفوض، أمّا المعاني الطولية المترتبة على الظاهر لا إشكال فيها طالما تقوم على رابط لغوي وعقلي. وفي المحصّلة لا وجود لتفاسير كاملة تعتمدُ التفسير الباطني وكلّ ما هو موجود هو تفسير بعض الآيات في الكتب الكلامية وبعض التفاسير المذهبية. يقول الدكتور محسن عبد الحميد: (لا ريبَ أنّ الباحث المنصف عندما يستعرض التفاسير الباطنية، ويدرس ما فيها من إتجاهات وأفكار، يوقن أنّ القضية الباطنية لا تتصل بتفسير القرآن، أو محاولة فهمه، وإنما تتصل بمذاهب ونحل كونتها مصادر الثقافات والأديان الغريبة عن طبيعة الإسلام، سواء تلك التي تتصل بمبادئه أم مقاصده، أي أنّ الباطنية عندما رأت أنّ النصّ الإسلامي عائق أمامها في سبيل الوصول الى مآربها، ألغته إلغاءاً تاماً، ووضعت تلك الأفكار والفلسفات وبقايا الأديان المحرّفة بدل النصّ الذي يمثل دين الإسلام. إذ من غير المقبول ولا المعقول أن يلغي المسلم الذي يريد المحافظة على دين الإسلام اللغة العربية إلغاءاً تاماً من حياة النصّ الذي نزل بها لا بغيرها كي يبيّن الرسول ما نزل اليه لقومه.. نعم من الممكن أن يحصل خلافٌ في فهم المعنى داخل اللغة، معانيها ومقاصدها، هذا شيء، وقطع النصّ من حياة اللغة شيء آخر؛ لأنه يؤدي الى إلغاء أصل التفاهم بين البشر، وإدخال الفساد القاطع في أسس الفكر الإنساني) (عبد الحميد، تطور تفسير القرآن الكريم ص 202)
أمّا بالنسبة للسؤال الثاني:
الأربعون حديثاً أو (الأربعينيات) ليس إلا عنواناً خاصّاً يراد منه الإشارة إلى بعض الكتب التي تتضمن أربعين حديثاً مع شرحها والتعليق عليها، ومن أشهرها في عصرنا الراهن كتاب الأربعون حديثاً للإمام الخميني (ره)، وقد اهتمّ العلماء بتدوين مثل هذه الكتب تبرّكاً وتيمّناً بحديث النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم): (مَنْ حَفِظَ على اُمّتي أربعينَ حديثاً ممّا يحْتاجُونَ اليه في اَمرِ دينهم، بَعَثَهُ اللّهُ عزّوجلّ يومَ القيامةِ فَقيهاً عالماً) وبذلك يتضحُ أنّ (الأربعون حديثاً) ليست أحاديثَ محددة وواحدة عند الجميع وإنما هي أحاديث خاضعة لإختيار المصنّف، ولذا السؤال عن كونها متواترة أو غير ذلك سؤال مبتنٍ على تصوّر خاطئ وهو أنّ هناك أربعون حديثاً بعينها، أمّا إذا كان السؤال عن حديث النبيّ (صلى الله عليه وآله) الذي أشار فيه إلى حفظ أربعين حديثاً، فإنّ هذا الحديث حظي باهتمام بالغ بين السّنة والشيعة مع أنّ رواية السّنة ضعيفة السّند بحسب مبانيهم، أمّا في المصادر الشيعية فإنّ الحديث بلغ حدّ الشهرة والإستفاضة، بل ذهب البعض الى تواتره. وقد صنّف علماءُ الشيعة عشرات الكتب تحت عنوان (الأربعون حديثاً).
اترك تعليق