لماذا امر النبي محمد (ص) بقتل الرجال وسبي النساء بواقعة بنو قريظة وهل لانهم (يهود)؟ وهل كان النبي (ص ) يجبر بقية الديانات عله الدخول في الدين الاسلامي .. ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حدثت غزوة بني قريظة بعد معركة الخندق التي حوصرت فيها المدينة بمؤامرة بين اليهود ومشركي قريش والقبائل المتحالفة معها، وقد خططوا بهذا الحلف للقضاء نهائياً على الإسلام والمسلمين بما فيهم رسول الله (ص)، وبذلك نقض اليهود العهد والميثاق الذي كان بينهم وبين رسول الله (ص)، وقد جاء فيه: (أن لا يعينوا على رسول الله ولا على أحد من أصحابه بلسان ولا يد ولا سلاح ولا بكراع في السر والعلن، لا بليل ولا نهار، الله بذلك عليهم شهيد. فإن فعلوا فرسول الله في حل من سفك دمائهم وسبي ذراريهم ونسائهم وأخذ أموالهم). (بحار الانوار ج19 ص 110ـ 111). وعندما اقبلت قريش على محاصرة المدينة عزم اليهود على مباغتة المسلمين ليلاً من الداخل، حيث أرسلوا إلى قريش تطالبهم بإرسال مقاتلين ليغيروا بهم على ذراري المسلمين، مما اضطر المسلمين لجعل النساء والصبيان في مواقع آمنة وشكلوا حولهم حراسات، وتسبب ذلك بنشر الخوف، إلى درجة أن أم سلمة وصفت ذلك بقولها أنها شهدت مع رسول الله مشاهد فيها قتال وخوف لم يكن من ذلك شيء أتعب لرسول الله ولا أخوف عندنا من حرب الخندق وذلك أنّ المسلمين كانوا مثل الحرجة (الشجرة ذات الأغصان الكثيرة) وأن قريظة لا نأمنها على الذراري والمدينة تُحرَس حتى الصباح. وقد فصلت كتب التاريخ مثل سيرة بن هشام والمغازي للواقدي كثير من تفاصيل لتلك الواقعة.
وعندما نصر الله المسلمين وانهزم الأحزاب علم اليهود بانكشاف خيانتهم فتحصنوا في قلاعهم، فحاصرهم المسلمون خمسة وعشرين يوماً، ولما أيقن بنو قريظة أنهم غير متروكين حتى يُقتلوا قيل لهم انزلوا على حكم رسول الله فقالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ فهو حليفنا ولن يخذلنا، فحكم سعد بقتل مقاتليهم وسبي نسائهم، وقد كان حكم سعد بما تنص به شريعة اليهود أنفسهم، من باب الزموهم بما الزموا به أنفسهم، فقد ورد في الكتاب المقدس ما نصه: (حِينَ تَقْرُبُ مِنْ مَدِينَةٍ لِكَيْ تُحَارِبَهَا اسْتَدْعِهَا إِلَى الصُّلْحِ، فَإِنْ أَجَابَتْكَ إِلَى الصُّلْحِ وَفَتَحَتْ لَكَ، فَكُلُّ الشَّعْبِ الْمَوْجُودِ فِيهَا يَكُونُ لَكَ لِلتَّسْخِيرِ وَيُسْتَعْبَدُ لَكَ. وَإِنْ لَمْ تُسَالِمْكَ، بَلْ عَمِلَتْ مَعَكَ حَرْبًا، فَحَاصِرْهَا. وَإِذَا دَفَعَهَا الرَّبُّ إِلهُكَ إِلَى يَدِكَ فَاضْرِبْ جَمِيعَ ذُكُورِهَا بِحَدِّ السَّيْفِ. وَأَمَّا النِّسَاءُ وَالأَطْفَالُ وَالْبَهَائِمُ وَكُلُّ مَا فِي الْمَدِينَةِ، كُلُّ غَنِيمَتِهَا، فَتَغْتَنِمُهَا لِنَفْسِكَ، وَتَأْكُلُ غَنِيمَةَ أَعْدَائِكَ الَّتِي أَعْطَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ. هكَذَا تَفْعَلُ بِجَمِيعِ الْمُدُنِ الْبَعِيدَةِ مِنْكَ جِدًّا الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ مُدُنِ هؤُلاَءِ الأُمَمِ هُنَا) (الكتاب المقدس سفر التثنية الإصحاح 20 الفقرات من 10 ــ 16).
يقول السيد جعفر مرتضى العاملي في كتاب الصحيح من سيرة النبي الأعظم في تفسير الآية 27 من سورة الأحزاب إن المراد بالآية: ... فَريِقاً تقتُلوُنَ وَتَأسِروُنَ فَريِقاً، هم الرجال فقط، حيث إن مادة الأسر تُستَخدم للرجال دون النساء وأن السبي هو الأنسب للنساء، فلذلك من الخطاء أن نعدّ الضمير في تَأسِرُوُنَ راجعاً إلى النساء والأطفال، والضمير في تَقتُلُوُنَ راجعاً إلى الرجال. (العاملي، الصحيح، ج 12، ص 148) وقد كان عدد القتلى من اليهود بين أربعمائة مقاتل إلى أربعمائة وخمسين كما يذكره ابن شهر اشوب. (ابن شهر آشوب، المناقب، ج 3، ص 171)
وما يمكن التأكيد عليه هو أن اليهود قد خانوا العهد بتحالفهم مع الأحزاب، وإن الله قد فتح للمسلمين قلاع اليهود، وما لا يمكن الجزم به بعض التفاصيل التاريخية في ما يتعلق بعملية القتل والسبي، حيث شكك بعض الباحثين في هذه التفاصيل، يقول السيد جعفر شهيدي في كتابه (تاريخ تحليلي اسلام، ص 88-90)، ما يشير الى اضطراب الرواية في كتاب المغازي، كما أنها مختلفة عمّا جاء على لسان ابن إسحاق والطبري والزهري، حيث أن الأخير لم يصرّح إلا بقتل حيي بن أخطب؛ فالرواية قد تكون مدسوسة من قبل أناس من الخزرج بعد مُضيّ سنين من وقوع الغزوة، ويبدو أن الهدف من وراء ذلك كان هو الحطّ من منزلة الأوس لدى النبي مقابل الخزرج وإثارة الحمية التي ظهرت علاماتها بوفاة النبي في سقيفة بني ساعدة بينهم واتخذها معاوية و بنو امية مثاراً للتلاعب بتاريخ الإسلام إلى سنة أربعين للهجرة وتشويه صورته، حتى ذكروا أنه قام (ص) بقتل حلفاء الأوس دون حلفاء الخزرج من بني قينقاع وبني النضير، وأنّ زعيم قبيلة الأوس لم يُراعِ جانب حلفائه في غزوة بني قريظة، بل حكم بقتل جميع الرجال.
اترك تعليق