معنى الخشوعِ وأهمّيّتُه
يوجد وصف إلى شخصية الإمام زين العابدين علي ابن الحسين عليهما السلام .انه اذا قام الى الصلاة يرتعد ويصفر لونه عليه السلام {كيف نميز هذه الحاله او الصفه انها خشيه من الله وخشوع من انها خوف ورهبه وتلك الاوصاف متشابه } ؟؟؟؟شكراً لكم ووفقتم للكل خير
السّلامُ عليكم ورحمة الله:
إذا سلّطنا الضّوءَ على معنى الخشوعِ وحقيقتِه وفقاً لِما بيّنَهُ أهلُ العلمِ، فيمكنُنا حينئذٍ أنّ نُميّزَ بينَ حالةِ الخشوعِ إذا كانَت خوفاً منَ اللهِ تعالى وبينَ ماإذا كانَت مُجرّدَ خوفٍ ورهبة. فنقولُ:
الخشوعُ لغةً: هوَ الخضوعُ. ورُبّما عنى التّذلّلَ والسّكونَ والإنكسارَ أمامَ مَن لهُ سطوةٌ وهيبةٌ وقُدرةٌ وعظمَةٌ. وفي العبادةِ هوَ تلكَ الحالةُ التي تحصلُ للعبدِ في قلبِه فتنعكسُ على جوارحِه على هيئةٍ موجبةٍ للإنكسارِ والذّلِّ أو الخوفِ، فتسكنُ الأطرافُ وينخفضُ الصّوت.
ومِن أهمّيّةِ الخشوعِ أنّكَ ترى المولى عزَّ وجلَّ قد قالَ عنه: ﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الخَاشِعِينَ﴾، ذلكَ بأنَّ الصّلاةَ قد تكونُ بالنّسبةِ إلى بعضِ النّاسِ وفي كثيرٍ منَ الحالاتِ أمراً مُكلفاً ومُزعِجاً ولهُ مشاقّهُ، وخصوصاً في صلاةِ اللّيلِ وصلاةِ الفجرِ، وبالتّالي فإنّ الخشوعَ صفةٌ نفسيّةٌ تُزيلُ الشّعورَ بالمشقّةِ والتّعبِ فتعينُ على تحمُّلِها، بل تحوّلُ تلكَ المشقّةَ وذلكَ التّعبَ إلى لذّةٍ؛ نتيجةَ الأنسِ بالعبادةِ والفكرِ العباديّ، وربّما يترقّى ذلكَ إلى الأنسِ بالمعبود.
إنَّ المولى تعالى جعلَ الخشوعَ العلنيَّ مُنتِجاً للفلّاحِ، فقالَ في سورةِ المؤمنون: ﴿قَد أَفلَحَ المُؤمِنُونَ * الَّذِينَ هُم فِي صَلَاتِهِم خَاشِعُونَ﴾.
والخشوعُ أنواعٌ: فمنهُ الظّاهريّ، ومنهُ الباطنيُّ. أمّا الظّاهريُّ فهوَ ما كانَ مُتعلِّقاً بالظّاهرِ والجوارحِ، وبالتّالي بالهيئة. وأمّا الباطنيُّ فهو ما كانَ مُتعلّقاً بالقلب.
وقد ذكرَ أميرُ المؤمنينَ عليهِ السّلام في خُطبةِ المُتّقينَ القِسمَينِ فقالَ: "فَمِن عَلاَمَةِ أَحَدِهِم أَنَّكَ تَرَى لَهُ... وَخُشُوعاً فِي عِبَادَة....[ينظرُ الآدابُ المعنويّةُ للصّلاةِ ص24 وما بعدَها].
وفي العلاقةِ بينَ الخشوعين، يقولُ الفيضُ الكاشانيّ في المحجّةِ البيضاءِ ما حاصلُه:
الأوّلُ: الخشوعُ القلبيُّ، وهوَ أن يكونَ تمامُ همّتِه في الصّلاةِ، ومُعرِضاً عمّا سواهُ بحيثُ لا يكونُ في قلبِه سوى المحبوب.
الثّاني: الخشوعُ في الجوارحِ وهوَ يحصلُ بأن يُغمضَ عينيهِ ولا يلتفتَ إلى الجوانبِ ولا يلعبُ بأعضائِه. وبالجُملةِ لا تصدرُ منهُ حركةٌ سوى الحركاتِ الصّلاتيّةِ ولا يأتي بشيءٍ منَ المكروهات.
وباختصارٍ، نقولُ: إنَّ الخشوعَ المذكورَ في صفاتِ المُتّقينَ بكِلا شقّيهِ، هوَ منَ الخشوعِ الممدوحِ والمطلوبِ، بَل منَ الخشوعِ الطّبيعيّ المُلازمِ لصفةِ التّقوى. وأمّا كيفَ حصلَ المُتّقونَ على الخشوعِ؟ فنقولُ: إذا تتبّعنا ما في القرآنِ الكريمِ وأضفنا إليهِ ما في خُطبةِ المُتّقينَ نصلُ إلى جملةٍ منَ الأمورِ التي تُكسِبُ الخشوعَ منها:
1-العلمُ: إذ وصفَهُم الإمامُ عليّ عليه السّلام بقولِه: "وَأَمَّا النَّهَارَ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ"، فيما قالَ المولى تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخشَى اللَّهَ مِن عِبَادِ العُلَمَاء﴾ فاطِر: 28. فحصرَ تعالى الذينَ تحصلُ لهم الخشيةُ منهُ تعالى بالعلماءِ، إذ إنقادَت القلوبُ إلى ما حوَتهُ العقولُ والأذهانُ. وربّما أشارَ الإمامُ عليٌّ عليه السّلام في خُطبةِ المُتّقينَ إلى العملِ وفقَ مُقتضياتِ العلمِ عندَما وصفَ المُتّقينَ بقولِه عليه السّلام: "فَمِن عَلاَمَةِ أَحَدِهِم أَنَّكَ تَرَى لَهُ قُوَّةً فِي دِين، وَحَزماً فِي لِين، وَإِيمَاناً فِي يَقِين، وَحِرصاً فِي عِلم، وَعِلماً فِي حِلم".
فالعلمُ الذي هوَ طريقٌ حصريٌّ لتحصيلِ الخشوعِ، إنّما يكونُ كذلكَ إذا ما كانَ العالِمُ منفعِلاً بعلمِه، عاملاً بمُقتضاهُ، وإلّا كانَ العلمُ بنفسِه حِجاباً أكبرَ، لا حجابَ أكبرَ منه.
2-مجاهدةُ النّفسِ: فبحسبِ التّتبّعِ لخُطبةِ المُتّقينَ نجدُ أنَّ كلَّ الصّفاتِ التي حصّلَها هؤلاءِ ومنها الخشوعُ، ناجمةٌ عَن خوضِهم ميدانَ جهادِ النّفسِ، إذ قالَ الإمامُ عليه السّلام عَن ذلكَ: "صَبَرُوا أَيَّاماً قَصِيرَةً أَعقَبَتهُم رَاحَةً طَوِيلَةً". إذ لفتَ عليه السّلام إلى أنّ ذلكَ إنّما يكونُ بتوفيق وتيسيرٍ إلهيّينِ، وذلكَ لـمّا قالَ عليهِ السّلام: "تِجَارَةٌ مَربِحَةٌ، يَسَّرَهَا لَهُم رَبُّهُم". وفي ذلكَ إشارةٌ غيرُ خفيّةٍ إلى ما جاءَ قرآناً، وهوَ قولُه تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا * إِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا﴾. وكذلكَ تعهّدُه تعالى قرآناً: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا(معنى الخشوعِ وأهمّيّتُه)
السّلامُ عليكم ورحمة الله:
الجوابُ: إذا سلّطنا الضّوءَ على معنى الخشوعِ وحقيقتِه وفقاً لِما بيّنَهُ أهلُ العلمِ، فيمكنُنا حينئذٍ أنّ نُميّزَ بينَ حالةِ الخشوعِ إذا كانَت خوفاً منَ اللهِ تعالى وبينَ ماإذا كانَت مُجرّدَ خوفٍ ورهبة. فنقولُ:
الخشوعُ لغةً: هوَ الخضوعُ. ورُبّما عنى التّذلّلَ والسّكونَ والإنكسارَ أمامَ مَن لهُ سطوةٌ وهيبةٌ وقُدرةٌ وعظمَةٌ. وفي العبادةِ هوَ تلكَ الحالةُ التي تحصلُ للعبدِ في قلبِه فتنعكسُ على جوارحِه على هيئةٍ موجبةٍ للإنكسارِ والذّلِّ أو الخوفِ، فتسكنُ الأطرافُ وينخفضُ الصّوت.
ومِن أهمّيّةِ الخشوعِ أنّكَ ترى المولى عزَّ وجلَّ قد قالَ عنه: ﴿وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الخَاشِعِينَ﴾، ذلكَ بأنَّ الصّلاةَ قد تكونُ بالنّسبةِ إلى بعضِ النّاسِ وفي كثيرٍ منَ الحالاتِ أمراً مُكلفاً ومُزعِجاً ولهُ مشاقّهُ، وخصوصاً في صلاةِ اللّيلِ وصلاةِ الفجرِ، وبالتّالي فإنّ الخشوعَ صفةٌ نفسيّةٌ تُزيلُ الشّعورَ بالمشقّةِ والتّعبِ فتعينُ على تحمُّلِها، بل تحوّلُ تلكَ المشقّةَ وذلكَ التّعبَ إلى لذّةٍ؛ نتيجةَ الأنسِ بالعبادةِ والفكرِ العباديّ، وربّما يترقّى ذلكَ إلى الأنسِ بالمعبود.
إنَّ المولى تعالى جعلَ الخشوعَ العلنيَّ مُنتِجاً للفلّاحِ، فقالَ في سورةِ المؤمنون: ﴿قَد أَفلَحَ المُؤمِنُونَ * الَّذِينَ هُم فِي صَلَاتِهِم خَاشِعُونَ﴾.
والخشوعُ أنواعٌ: فمنهُ الظّاهريّ، ومنهُ الباطنيُّ. أمّا الظّاهريُّ فهوَ ما كانَ مُتعلِّقاً بالظّاهرِ والجوارحِ، وبالتّالي بالهيئة. وأمّا الباطنيُّ فهو ما كانَ مُتعلّقاً بالقلب.
وقد ذكرَ أميرُ المؤمنينَ عليهِ السّلام في خُطبةِ المُتّقينَ القِسمَينِ فقالَ: "فَمِن عَلاَمَةِ أَحَدِهِم أَنَّكَ تَرَى لَهُ... وَخُشُوعاً فِي عِبَادَة....[ينظرُ الآدابُ المعنويّةُ للصّلاةِ ص24 وما بعدَها].
وفي العلاقةِ بينَ الخشوعين، يقولُ الفيضُ الكاشانيّ في المحجّةِ البيضاءِ ما حاصلُه:
الأوّلُ: الخشوعُ القلبيُّ، وهوَ أن يكونَ تمامُ همّتِه في الصّلاةِ، ومُعرِضاً عمّا سواهُ بحيثُ لا يكونُ في قلبِه سوى المحبوب.
الثّاني: الخشوعُ في الجوارحِ وهوَ يحصلُ بأن يُغمضَ عينيهِ ولا يلتفتَ إلى الجوانبِ ولا يلعبُ بأعضائِه. وبالجُملةِ لا تصدرُ منهُ حركةٌ سوى الحركاتِ الصّلاتيّةِ ولا يأتي بشيءٍ منَ المكروهات.
وباختصارٍ، نقولُ: إنَّ الخشوعَ المذكورَ في صفاتِ المُتّقينَ بكِلا شقّيهِ، هوَ منَ الخشوعِ الممدوحِ والمطلوبِ، بَل منَ الخشوعِ الطّبيعيّ المُلازمِ لصفةِ التّقوى. وأمّا كيفَ حصلَ المُتّقونَ على الخشوعِ؟ فنقولُ: إذا تتبّعنا ما في القرآنِ الكريمِ وأضفنا إليهِ ما في خُطبةِ المُتّقينَ نصلُ إلى جملةٍ منَ الأمورِ التي تُكسِبُ الخشوعَ منها:
1-العلمُ: إذ وصفَهُم الإمامُ عليّ عليه السّلام بقولِه: "وَأَمَّا النَّهَارَ فَحُلَمَاءُ عُلَمَاءُ"، فيما قالَ المولى تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخشَى اللَّهَ مِن عِبَادِ العُلَمَاء﴾ فاطِر: 28. فحصرَ تعالى الذينَ تحصلُ لهم الخشيةُ منهُ تعالى بالعلماءِ، إذ إنقادَت القلوبُ إلى ما حوَتهُ العقولُ والأذهانُ. وربّما أشارَ الإمامُ عليٌّ عليه السّلام في خُطبةِ المُتّقينَ إلى العملِ وفقَ مُقتضياتِ العلمِ عندَما وصفَ المُتّقينَ بقولِه عليه السّلام: "فَمِن عَلاَمَةِ أَحَدِهِم أَنَّكَ تَرَى لَهُ قُوَّةً فِي دِين، وَحَزماً فِي لِين، وَإِيمَاناً فِي يَقِين، وَحِرصاً فِي عِلم، وَعِلماً فِي حِلم".
فالعلمُ الذي هوَ طريقٌ حصريٌّ لتحصيلِ الخشوعِ، إنّما يكونُ كذلكَ إذا ما كانَ العالِمُ منفعِلاً بعلمِه، عاملاً بمُقتضاهُ، وإلّا كانَ العلمُ بنفسِه حِجاباً أكبرَ، لا حجابَ أكبرَ منه.
2-مجاهدةُ النّفسِ: فبحسبِ التّتبّعِ لخُطبةِ المُتّقينَ نجدُ أنَّ كلَّ الصّفاتِ التي حصّلَها هؤلاءِ ومنها الخشوعُ، ناجمةٌ عَن خوضِهم ميدانَ جهادِ النّفسِ، إذ قالَ الإمامُ عليه السّلام عَن ذلكَ: "صَبَرُوا أَيَّاماً قَصِيرَةً أَعقَبَتهُم رَاحَةً طَوِيلَةً". إذ لفتَ عليه السّلام إلى أنّ ذلكَ إنّما يكونُ بتوفيق وتيسيرٍ إلهيّينِ، وذلكَ لـمّا قالَ عليهِ السّلام: "تِجَارَةٌ مَربِحَةٌ، يَسَّرَهَا لَهُم رَبُّهُم". وفي ذلكَ إشارةٌ غيرُ خفيّةٍ إلى ما جاءَ قرآناً، وهوَ قولُه تعالى: ﴿فَإِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا * إِنَّ مَعَ العُسرِ يُسرًا﴾. وكذلكَ تعهّدُه تعالى قرآناً: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ﴾ (العنكبوت: 69.
3-الجهادُ الأكبرُ في مرحلتِه الظّاهريّةِ: وعنهُ يقولُ عليه السّلام: "غَضُّوا أَبصَارَهُم عَمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِم، وَوَقَفُوا أَسمَاعَهُم عَلَى العِلمِ النَّافِعِ لَهُم".
4-علاقةُ الجهادِ بالخشوعِ: قالَ الإمامُ عليّ عليه السّلام في كلامِه عن جهادِ المُتّقينَ لأنفسِهم: "أَرَادَتهُمُ الدُّنيَا وَلَم يُرِيدُوهَا، وَأَسَرَتهُم فَفَدَوا أَنفُسَهُم مِنهَا".
وبعدُ: فهذهِ صورةٌ مُختصرةٌ عَن معنى الخشوعِ، فإذا تمَّ تطبيقُها على بعضِ الأشخاصِ نعرفُ حينئذٍ أنّهم مِن أهلِ الخشوعِ والخوفِ منَ اللهِ تعالى، وإلّا كانَت تلكَ الحالةُ مُجرّدَ خوفٍ ورهبة. ودمتُم غانمين.
وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ المُحسِنِينَ﴾ (العنكبوت: 69.
3-الجهادُ الأكبرُ في مرحلتِه الظّاهريّةِ: وعنهُ يقولُ عليه السّلام: "غَضُّوا أَبصَارَهُم عَمَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِم، وَوَقَفُوا أَسمَاعَهُم عَلَى العِلمِ النَّافِعِ لَهُم".
4-علاقةُ الجهادِ بالخشوعِ: قالَ الإمامُ عليّ عليه السّلام في كلامِه عن جهادِ المُتّقينَ لأنفسِهم: "أَرَادَتهُمُ الدُّنيَا وَلَم يُرِيدُوهَا، وَأَسَرَتهُم فَفَدَوا أَنفُسَهُم مِنهَا".
وبعدُ: فهذهِ صورةٌ مُختصرةٌ عَن معنى الخشوعِ، فإذا تمَّ تطبيقُها على بعضِ الأشخاصِ نعرفُ حينئذٍ أنّهم مِن أهلِ الخشوعِ والخوفِ منَ اللهِ تعالى، وإلّا كانَت تلكَ الحالةُ مُجرّدَ خوفٍ ورهبة. ودمتُم غانمين.
اترك تعليق