البداءُ في الإمامة

كيفَ نجمعُ بينَ كونِ الأئمّةِ الإثني عشر (عليهم السّلام) منصوصاً عليهم ، وبينَ خبرِ قولِ الإمامِ الهادي (ع) للإمامِ العسكريّ (ع) بعدَ وفاةِ السّيّدِ محمّدٍ سبعِ الدّجيلِ : يا بُنيَّ أحدِث للهِ شُكراً فقَد أحدثَ اللهُ فيك أمراً . 

: سيد حسن العلوي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :  

لا تعارضَ بينَ الخبرينِ ، وبالأصحِّ الطّائفتينِ منَ الأخبارِ التي تنصُّ على إمامةِ الأئمّةِ الإثني عشر ، وبينَ الطّائفةِ التي تنصُّ على البداءِ في الإمامِ العسكريّ (ع) ، وذلكَ لأنَّ كلامَ الإمامِ الهادي (ع) لا يرتبطُ بتعيينِه وتنصيبِه للإمامةِ ، فليسَ معنى الحديثِ أنَّ اللهَ تعالى إختارَ السّيّدَ محمّد سبعِ الدّجيل للإمامةِ ونصَّ عليه ، ثمَّ محى إسمَه مِن ديوان الإمامةِ ، وأعطاها للإمامِ الحسنِ العسكريّ (ع) ، هذا الفهمُ خاطئٌ لمعنى البداءِ الواردِ في الإمامِ العسكريّ (ع) ، وإليكَ بيانُ الفهمِ الصّحيحِ مِن خلالِ ما يلي :  

 

أوّلاً : إمامةُ الأئمّةِ الإثني عشرَ منَ الثّوابتِ التي لا تتغيّرُ ، ولا يقعُ فيها البداءُ والتّغييرُ والتّبديلُ ، وهيَ منَ الأمورِ العقائديّةِ المُرتبطةِ بأصولِ الدّينِ. 

فقَد تواترَ إخبارُ النّبيّ (ص) بالنّصِّ عليهم ، بمُختلفِ طُرقِ البيان ، وفي مواطنَ عديدةً ، وأمامَ جمعٍ كبيرٍ منَ الصّحابةِ ، فهيَ منَ الأمورِ المحتومةِ التي لا يمكنُ أن يقعَ فيها التّغييرُ والتّبديلُ ، وليسَت منَ الأمور الموقوفة . 

والإمامةُ عندَنا بالنّصِّ منَ اللهِ على أشخاصٍ مُعيّنينَ ، وليسَت الإمامةُ بالإختيارِ أو التّرشيح ، حتّى يمكنَ التّغييرُ والتّبديلُ فيه . 

فإنَّ ما يمكنُ أن يقعَ فيهِ البداءُ والتّغييرُ والتّبديلُ بعضُ المُقدّراتِ – كالأرزاقِ والآجالِ والبلاءِ وما شاكلَها غيرُ المحتومةِ ، فإنَّ صلةَ الرّحمِ يزيدُ في العمرِ ، والصّدقةُ والدّعاءُ يدفعان البلاءَ ، وهناكَ أمورٌ كثيرةٌ تزيدُ في الرّزق . 

ومن مواردِ وقوعِ البداءِ : الإخباراتُ المُستقبليّة التي لا تكونُ على سبيلِ الجزمِ ، كالإخبارِ عَن موتِ فلانٍ أو وقوعِ حادثةٍ مُعيّنةٍ ، فيما إذا كانَ إخبارُ النّبيّ أو الإمامِ مِن لوحِ المحوِ والإثباتِ ، فإنّهُ يمكنُ وقوعُ البداءِ والتّغييرُ والتّبديلُ فيه ، قالَ تعالى : { يمحو اللهُ ما يشاءُ ويثبتُ وعندَه أمُّ الكتاب } . 

ولا يقعُ البداءُ في أصولِ الدّينِ والأمورِ الإعتقاديّةِ ، ولا فيما يستلزمُ تكذيبَ حُججِه ، أو التي أخبروا أنّها لا تتغيّرُ ولا تتبدّل . 

فكما أنّهُ لا يكونُ البداءُ في النّبوّةِ والمعادِ ، كذلكَ لا بداءَ في الإمامة . 

وهذا المعنى ممّا أجمعَ عليهِ علماءُ الإماميّةِ الإثني عشريّة . 

قالَ الشّيخُ المُفيد : وأمّا الإمامةُ فإنّهُ لا يوصفُ اللهُ فيها بالبداءِ ، وعلى ذلكَ إجماعُ فقهاءِ الإماميّةِ ومعهُم فيهِ أثرٌ عنهُم - عليهم السّلام - أنّهم قالوا : مهما بدا للهِ في شيءٍ فلا يبدو لهُ في نقلِ نبيٍّ عَن نُبوّتِه ولا إمامٍ عَن إمامتِه ولا مؤمنٍ قد أخذَ عهدَه بالإيمان عَن إيمانِه . (الفصولُ المُختارة ص309) . 

وقالَ الشّيخُ السّبحانيّ : إنَّ المُرادَ مِن قولِه : فإنّهُ يكونُ ولا يكذّبُ نفسَه ، بما يتعلّقُ بنظامِ النّبوّةِ والولايةِ والخاتميّةِ ، وما يعدُّ مِن صميمِ الدّينِ ، مِن أصولٍ وفروعٍ ، فلا يقعُ فيهِ البداءُ ، وإنّما البداءُ في أمورٍ جُزئيّةٍ مِن موتِ فردٍ وحياةِ فردٍ ، أو موتِ أمّةٍ ، أو نزولِ عذابٍ ، وهذهِ لا تُعدُّ مِن صميمِ الدّينِ . (النّسخُ والبداءُ في الكتابِ والسّنّةِ ورسالةٌ حولَ حُجّيّةِ أحاديثِ وأقوالِ العترةِ الطّاهرة (ع)، تقريرُ بحثِ الشّيخِ السّبحاني لمُحمّدٍ حسين الحاج العاملي، ص ٨٧.) 

- وقالَ أيضاً وهوَ يُعدّدُ المواردَ التي لا يقعُ فيها البداءُ :  

الموردُ الأوّلُ : ما يتعلّقُ بنظامِ النّبوّةِ والولايةِ ، وما يعدُّ مِن فروعِها كالخاتميّةِ ، فإنّ وقوعَ البداءِ فيهِ يُوجبُ الإختلالَ في نظامِ الشّرائع . 

فإذا أخبرَ المسيحُ – مثلاً – بمجيء نبيٍّ بعدَه ، أو أخبرَ النّبيُّ بكونِه خاتماً ، أو أخبرَ رسولُ الإسلامِ بأنَّ الولايةَ – مِن بعدِه – لوصيّهِ أو أوصيائِه المُعيّنينَ ، أو أنّهُ يخرجُ مِن أولادِه مَن يملأُ الأرضَ عدلاً وقسطاً ، لا يتحقّقُ فيه البداءُ ، لأنّ إحتمالَ البداءِ ناقضٌ للحكمةِ ، وموجبٌ لضلالِ العبادِ ، إذ لو كانَ بابُ هذا الإحتمالِ مفتوحاً لما وجبَ لأحدٍ منَ البشرِ أن يقتفيَ أثرَ النّبيّ ، ولا أن يُواليَ الوصيَّ المنصوصَ عليه ، ولا أن يتلقّى النّاسُ النّبيَّ الأكرمَ (ص) نبيّاَ خاتماً ، ولا ظهورَ المهديّ أمراً مقضيّاً ، بحُجّةِ أنّ كلَّ ذلكَ ممّا يطرأُ عليهِ البداءُ ، فإنَّ فتحَ هذا البابِ في المعارفِ والعقائدِ والأصولِ والسّننِ الإلهيّةِ مُخالفٌ للحكمةِ وموجبٌ لضلالةِ النّاسِ . (البداءُ في ضوءِ الكتابِ والسّنّة ص98.)

- وقالَ السّيّدُ عليّ خان المدني : رويَ عنِ الصّادقِ (عليهِ السّلام) : أنّهُ قالَ : ما بدا للهِ أمرٌ كما بدا لهُ في إسماعيل ، فتوهّمَ بعضُهم أنّ معناهُ أنّه جعلَه أوّلاً قائماً بعدَه مقامَه ، فلمّا توفّيَ نصبَ الكاظمَ (عليه السّلام) بدلَه ، وهذا وهمٌ باطلٌ وخطأٌ محضٌ ، كيفَ وقَد ثبتَ وصحَّ مِن طرقِ الإماميّةِ ، ورواياتِهم أنَّ النّبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) قَد أنبأَ بأئمّةِ أمّتِه ، وأوصيائِه مِن عترتِه وأنّه سمّاهُم بأعيانِهم (عليهم السّلام) ، وأنَّ جبرئيلَ (عليهِ السّلام) نزلَ بصحيفةٍ منَ السّماءِ فيها أسماؤهم وكناهُم ، كما شُحنَت بالرّواياتِ في ذلكَ كتبُ الحديثِ سيّما كتابُ الحجّةِ من الكافي . (رياضُ السّالكين : 1 / 128)

ثانياً : أمّا ما يتعلّقُ بالبداءِ في الإمامِ العسكريّ (ع) وقولُ الإمامِ الهادي (ع) له : يا بنيّ أحدِث للهِ شُكراً فإنَّ اللهَ قد أحدثَ فيكَ أمراً : فإنّ بعضَ أصحابِ الإمامِ الهادي (ع) – لا جميعِهم - كانوا يظنّونَ ويتصوّرونَ أنّ السّيّدَ محمّد سبعَ الدّجيل هوَ الإمامُ بعدَ أبيه ، وذلكَ لكبر سنِّه ، وهذا الفهمُ الخاطئُ نتجَ ممّا رويَ عَن أحدِهم أنّهُ قالَ للإمامِ الهادي (ع) : إن كانَ كونٌ – وأعوذُ باللهِ – فإلى مَن ؟ قالَ (ع) : عهدي إلى الأكبرِ مِن ولدي . (الكافي للكُليني : 1 / 326) فالإمامُ الهادي (ع) عيّنَ لهُ الإمامُ مَن بعده بالوصفِ لا بالإسم ، وكانَ وقتَها السّيّدُ محمّد أكبر أبناءُ الإمامِ (ع) ، فتصوّرُ هؤلاءِ أنّهُ الإمامُ بعدَ أبيهِ لإنطباقِ وصفِ "أكبرُ ولدي" عليهِ آنذاك ، ولكنَّ الإمامَ الهادي (ع) كانَ ناظراً إلى الأمر مِن بعدِ وفاتِه ، لا في حياتِه ، إذ لا معنى لإمامةِ سبعِ الدّجيلِ في حياةِ أبيه . 

 ولمّا توفيَ السّيّدُ مُحمّد في حياةِ أبيه ، صارَ الإمامُ العسكريّ (ع) أكبرَ ولدِه ، فظهرَ للنّاسِ خطأ تصوّرهم ، وزيف إعتقادِهم في إمامةِ سبعِ الدّجيلِ ، وتبيّنَ لهُم أنّ مقصودَ الإمامِ الهادي (ع) مِن : " أكبرِ ولدي " بعدَ وفاتِه ، فظهرَ لهُم أنّ اللهَ لم يُنصِّب سبعَ الدّجيلِ للإمامةِ ، وإنّما نصبَ الإمامَ الحسنَ العسكريَّ (ع) ، فأظهرَ اللهُ إمامةَ الإمامِ العسكريّ (ع) للنّاسِ بعدَ أن خفيَ عليهم ، وذلكَ عندَ وفاةِ السّيّدِ محمّدٍ سبعِ الدّجيل . 

ولِذا وردَ في الرّوايةِ أنّ الإمامَ الهادي (ع) قالَ للإمامِ العسكريّ (ع) : يا بنيّ أحدِث للهِ شُكراً فإنَّ اللهَ قَد أحدثَ فيكَ أمراً . (الكافي للكُلينيّ) إذ ظهرَ للنّاسِ أنّهُ الإمامُ بعدَ أبيه .  

فالبداءُ بمعنى الإبداءِ وهوَ الإظهارُ ، يعني إظهارَ ما كانَ خافياً على النّاسِ ، إذ خفيَ على بعضِ الشّيعةِ إمامةُ الإمامِ الحسنِ العسكريّ (ع) بُرهةً منَ الزّمنِ ، فأظهرَها اللهُ لهم بعدَ وفاةِ السّيّدِ محمّد . 

وليسَ البداءُ بمعنى أنَّ اللهَ في بدايةِ الأمرِ جعلَ الإمامةَ في السّيّدِ محمّدٍ سبعِ الدّجيل ، وأخبرَ أنّها لهُ ، ثمَّ شاءَ وأرادَ أن يجعلَها في الإمامِ العسكريّ (ع) ، وأخبرَ أنّها له!

هذا المعنى للبداءِ باطلٌ ، إذ لا بداءَ في الإمامةِ ، كما أجمعَ عليهِ العلماء . 

فالأمرُ يرتبطُ بمسائلَ ظاهريّةٍ وإعتقاداتِ وتصوّراتِ النّاسِ ، ولا يرتبطُ بتغييرٍ وتبديلٍ في الأئمّةِ عليهم السّلام . 

قالَ الشّيخُ الطّوسي : ما تضمّنَ الخبرُ المُتقدّمُ مِن قولِه : " بدا للهِ في محمّدٍ كما بدا له في إسماعيلَ " معناهُ ظهرَ منَ اللهِ وأمرُه في أخيهِ الحسنِ ما زالَ الرّيبُ والشّكُّ في إمامتِه ، فإنَّ جماعةً منَ الشّيعةِ كانوا يظنّونَ أنَّ الأمرَ في محمّدٍ مِن حيثُ كانَ الأكبرُ ، كما كانَ يظنُّ جماعةً أنَّ الأمرَ في إسماعيلَ بنِ جعفرٍ دون موسى عليه السّلام فلمّا ماتَ محمّدٌ ظهرَ مِن أمرِ اللهِ فيه ، وأنّهُ لم ينصِبهُ إماماً ، كما ظهرَ في إسماعيلَ مثلُ ذلكَ لا أنّهُ كانَ نصَّ عليهِ ثمَّ بدا لهُ في النّصِّ على غيرِه ، فإنَّ ذلكَ لا يجوزُ على اللهِ تعالى العالمِ بالعواقب . (الغيبةُ للطّوسي ص202) .  

 

- وقالَ الشّيخُ البلاغيّ : قَد كانَ النّاسُ يحسبونَ أنَّ إسماعيلَ بنِ الصّادقِ عليه السّلام هوَ الإمامُ بعدَ أبيهِ ، لِمَا علمُوهُ مِن أنَّ الإمامةَ للولدِ الأكبر ما لَم يكُن ذا عاهةٍ ، ولأنَّ الغالبَ في الحياةِ الدّنيا وأسبابِ البقاءِ أن يبقى إسماعيلُ بعدَ أبيهِ عليه السّلام ، فبدا وظهرَ بموتِ إسماعيلَ أنَّ الإمامَ هوَ الكاظمُ عليه السّلام ، لأنَّ عبدَ اللهِ كانَ ذا عاهةٍ ، فظهرَ للهِ وبدا للنّاسِ ما هوَ في علمِه المكنون . 

وكذا في موتِ محمّدٍ بنِ الهادي عليهما السّلام ، حيثُ ظهرَ للشّيعةِ أنَّ الإمامَ بعدَ الهادي هوَ الحسنُ العسكريّ عليه السّلام . 

وهذا الظّهورُ للشّيعةِ هوَ الأمرُ الذي أحدثَه اللهُ بموتِ محمّدٍ ، كما قالَ الهادي للعسكريّ عليهما السّلام عندَ موتِ محمّد : " أحدِث للهِ شكراً ، فقَد أحدثَ فيكَ أمراً " . (أربعُ رسائلَ - مسألةٌ في البداءِ ص74)  

 

- وقالَ لطفُ اللهِ الصّافي معلّقاً على الحديثِ : لو لَم نقُل بأنّهُ ومثله منَ الأحاديثِ مِن مُتشابهاتِها فلا ظهورَ لهُ على أنَّ محمّداً بنَ عليٍّ عليهِ السّلام كانَ منصوصاً عليه بالإمامةِ فبدا للهِ فيهِ قبلَ موتِه فأماتَه أو بدا للهِ فيهِ بعدَ موتِه فأقامَ مقامَه أخاهُ أبا محمّدٍ عليه السّلام ، كما أنّهُ لا دلالةَ له على أنَّ مولانا أبا محمّدٍ لم يكُن منصوصاً عليه قبلَ موتِ أخيهِ أبي جعفرٍ فلمّا توفيَّ أخوهُ جعلَه اللهُ تعالى خليفةً لأبيهِ ونصبَه إماماً للنّاسِ بعدَه فهذا الإُحتمال لا يُستظهرُ منَ الخبر .

مُضافاً إلى أنّهُ يردُّه الأحاديثُ الصّحيحةُ الصّريحةُ على أنَّ أبا محمّدٍ كانَ منصوصاً عليهِ بالإمامةِ منَ اللهِ تعالى ومنَ النّبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله ومِن أجدادِه الطّاهرينَ قبلَ ولادتِه وولادةِ أخيهِ محمّد. 

إن قُلتَ : نعَم لا دلالةَ لهذا الخبرِ على أنَّ محمّداً كانَ منصوصاً عليهِ بالإمامةِ إلّا أنّهُ لا شكَّ في دلالتِه على وقوعٍ بداءٍ فيهِ إذاً فما هوَ ؟ وما المُرادُ منَ الأمرِ في قولِه فقَد أحدثَ فيكَ أمراً. 

قلتَ : أن يكونَ المرادُ مِن إحداثِ الأمرِ إظهارَ إمامةِ مولانا أبي محمّدٍ عليه السّلام لمَن يظنُّ أخاهُ أبا جعفرٍ خليفةً لأبيهِ وليسَ معنى ذلكَ أنَّ اللهَ تعالى توفّاهُ لإظهار هذا الأمر بلِ المُرادُ أنَّ بطلانَ هذا الظّنِّ كانَ أمراً يترتّبُ على موتِه فأسندَ إحداثَه إلى اللهِ تعالى لإسنادِ سببِه وهوَ موتُه إليه . ( مجموعةُ الرّسائل : 2 / 118)

- وقالَ المازندرانيّ : قولُه ( فقَد أحدثَ فيكَ أمراً ) حيثُ أماتَ محمّداً وقَد ظنَّ الشّيعةُ أنّهُ إمامٌ بعدَ أبيهِ فأظهرَ الإمامةَ فيكَ وخصّها بكَ ورفعَ الإختلافَ بينَهم وهذهِ نعمةٌ عظيمةٌ تُوجبُ الشّكر . (شرحُ الكافي : 6 / 219)  

 

ولعلّه – واللهُ العالمُ – لأجلِ إعتقادِ بعضِ الشّيعةِ بإمامةِ السّيّدِ محمّدٍ سبعِ الدّجيل ، تصوّرَت السّلطةُ العبّاسيّةُ الحاكمةُ أو غيرُها بأنّهُ الإمامُ اللّاحقُ للشّيعةِ ، فبادرَت الى إغتيالِه وتصفيتِه بالسّمِّ ، فكانَ رحمهُ اللهُ فداءً للإمامِ العسكريّ (ع) ، فصرفَ اللهُ القتلَ والإغتيالَ عنِ الإمامِ العسكريّ (ع) ، ولِذا قالَ لهُ الإمامِ الهادي (ع) : أحدِث للهِ شكراً فإنّ اللهَ أحدثَ فيكَ أمراً . إذ دفعَ عنهُ القتل . 

ولا مانعَ أن يكونَ جميعُ ذلكَ مورداً لقولِ الإمامِ الهادي (ع) : أحدِث للهِ شُكراً فإنّ اللهَ قَد أحدثَ فيكَ أمراً مِن دفعِ القتلِ عنه ، وإظهارِ إمامتِه للنّاسِ ، ورفعِ إختلافِ الشّيعةِ في إمامتِه ، فإنّهُ لو كانَ السّيّدُ محمّد سبعُ الدّجيل باقياً على قيدِ الحياةِ بعدَ وفاةِ أبيه (ع) لربّما حصلَ الإختلافُ بينَ الشّيعةِ في تعيينِ الإمامِ بعدَ الإمامِ الهادي (ع) . 

 

والحمدُ للهِ ربّ العالمين .