هل ثبتَ للزّهراءِ (ع) مقامُ الهدايةِ التكوينيّةِ كسائرِ الأئمّةِ (ع)؟
السّلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته،
لا يخفى أنّ السيّدةَ فاطمةَ الزّهراء عليها السّلام قد حظيَت بمقاماتٍ شريفةٍ وكمالاتٍ سنيّةٍ، فهيَ سيّدةُ نساءِ العالمينَ منَ الأوّلينَ والآخرينَ، فلا مريمُ ولا آسيا ولا خديجةُ ولا غيرهنَّ مِن كُمّلِ النّساءِ يصلنَ لمنزلتِها ومقامِها، بل هيَ وأبوها وبعلها وبنوها صلواتُ اللهِ عليهم أفضلُ مِن سائرِ الأنبياءِ والمُرسلينَ والأوصياءِ والشّهداءِ وسائرِ الخلقِ أجمعين. وإحدى تلكَ المقاماتِ التي حظيَت بهِ السيّدةُ الزّهراءُ عليها السّلام هيَ القدرةُ على التصرّفِ في عالمِ التكوينِ، المُسمّى بـ(الولايةِ التكوينيّةِ)، ولها براهينُ متعدّدةٌ ذكرَها الأعلامُ رضوانُ اللهِ عليهم.
إذا تمهّدَ هذا، نقولُ: إنَّ (الهدايةَ) على سنخين: (هدايةٌ إرائيّةٌ) بمعنى إراءةِ الطريقِ المُوصلِ إلى المطلوبِ، و(هدايةٌ إيصاليّةٌ) بإيصالِه إلى المطلوبِ، وتُسمّى الأولى بـ(التشريعيّةِ) والثانيةُ بـ(التكوينيّة)، وكلاهُما هدايةٌ وإنّما الإختلافُ في المؤثّرِ والعلّةِ لحصولِها، فإن كانَت بالإراءةِ والإرشادِ فهيَ تشريعيّةٌ، وإن كانَت بالإيصالِ والأخذِ باليدِ للمطلوبِ فهيَ تكوينيّةٌ.. وينتجُ عَن هذا: أنّ الهدايةَ التكوينيّةَ هيَ التي يكونُ الإيصالُ فيها بالتصرّفِ في الغيرِ والأخذِ بهِ نحوَ المطلوب. وعليهِ: فإنَّ الفرقَ بينَ الهدايةِ التكوينيّةِ والولايةِ التكوينيّةِ هيَ أنّ الولايةَ التكوينيّةَ علّةٌ ومؤثّرٌ، بينَما الهدايةُ التكوينيّةُ هيَ معلولٌ وأثرٌ لها.
إذن: هناكَ علاقةٌ بينَ الولايةِ التكوينيّةِ والهدايةِ التكوينيّةِ، وحيثُ ثبتَ أنّ للسيّدةِ الزّهراءِ سلامُ اللهِ عليها الولايةُ على عالمِ التكوينِ، فلا بدّ أنّ لها مقامَ الهدايةِ التكوينيّةِ أيضاً؛ بإعتبارِ أنّها أثرٌ لولايتِها. وقد يستشهدُ لذلكَ بإهتداءِ الكثيرِ منَ الخلقِ للحقِّ العلميّ والعمليّ بفضلِها وكرمِها سلامُ اللهِ عليها، ولعلّ هذا منَ الأمورِ الوجدانيّةِ الإرتكازيّةِ لدى المؤمنين.
والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
اترك تعليق