هل في سورةِ القدرِ دليلٌ على حياةِ الإمامِ المهديّ (ع)؟
498ـ في سورةِ القدرِ دليلٌ على حياةِ الإمامِ المهديّ و بقائه فضلاً عَن ولادتِه كما في بعضِ مرويّاتنا الشريفةِ ما مضمونُها أنَّ الملائكةَ والرّوحَ على من تتنزّلُ بعدَ رسولِ اللّٰهِ صلّى اللّٰهُ عليهِ وآله إن لم تتنزّل على الخلفِ سلامُ اللّٰهِ عليه بعدَ أن كانَت تتنزّلُ على آبائِه الطاهرينَ صلواتُ اللّٰهِ عليهم أجمعين ...نُردُّ بهذهِ الآيةِ الكريمةِ { إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ استَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمُ المَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحزَنُوا وَأَبشِرُوا بِالجَنَّةِ الَّتِي كُنتُم تُوعَدُونَ } فكيفَ التّوفيقُ بينَهما و بيانُ الخصوصيّةِ فيهما؟؟... جزاكم اللّٰهُ خيراً
السّلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاته
إنّ مفادَ البرهانِ المُستفادِ مِن سورةِ القدر: أنّ مِن خواصِّ ليلةِ القدرِ نزولَ الملائكةِ بأوامرِ اللهِ تعالى التكوينيّةِ والتشريعيّةِ المُتعلّقةِ بأهلِ الأرضِ، وقد كانَ في زمنِ النبيّ صلى اللهُ عليهِ وآله النزولُ عليه، ولا شكّ أنّ النزولَ مستمرّ ـ لأنّ ليلةَ القدرِ مُتكرّرةٌ في كلّ سنةٍ ـ على ما كانَ عليه، ولا يعقلُ أن تصدرَ أوامرُ اللهِ تعالى إلى غيرِ مأمورينَ كالحجرِ والشجرِ، فلا بدّ مِن وجودِ نائبٍ للرّسولِ صلى اللهُ عليهِ وآله تتنزّلُ عليهِ الملائكةُ بالأوامرِ والمقدّراتِ، يكونُ وسيطاً بينَ الخلقِ والخالق.
وبعبارةٍ أخرى: إنّ نزولَ الملائكةِ في ليلةِ القدرِ يقتضي وجودَ ظرفٍ لهم، وهو قلبُ المعصومِ المُتّصلِ بعالمِ الغيبِ، وقد كانَ الظرفُ هوَ قلبُ النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله في زمانِه، فلا بدّ مِن وجودِ نائبه القائمِ مقامَه مِن بعدِه ليكونَ ظرفاً لهم، وإلّا لكانَ نزولهم عبثاً أو كانَ القرآنُ بلا معنى.
إذن: مفادُ البرهانِ هوَ نزولُ الملائكةِ بالأوامرِ الإلهيّةِ ـ التكوينيّةِ والتشريعيّةِ ـ على المعصومِ، وتلقّي المعصومِ لها، وتخاطبها معه.. وجاءَت رواياتٌ كثيرةٌ في أنّ الملائكةَ تدخلُ على المعصومينَ وتسلّمُ عليهم وتتلطّفُ بأولادِهم، ولهذا كانَ الأئمّةُ عليهم السّلام «مهبط الملائكةِ» و«مختلف الملائكة»، وقد عقدَ لها الشيخُ الصفّارُ باباً في [بصائرِ الدرجاتِ ص110] وأدرجَ فيهِ رواياتٍ كثيرةً.
ثمّ إنّ قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ استَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمُ المَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحزَنُوا وَأَبشِرُوا بِالجَنَّةِ الَّتِي كُنتُم تُوعَدُونَ} يفيدُ نزولَ الملائكةِ على المؤمنينَ المُستقيمينَ بالأمنِ منَ الخوفِ والحزنِ والبشارةِ بالجنّةِ، لا بالأوامرِ الإلهيّةِ التشريعيّةِ والتكوينيّةِ، فالآيةُ الشريفةُ تفيدُ التكريمَ والتشريفَ للمؤمنين.
روى الشيخُ الصفّارُ في [بصائرِ الدرجاتِ ص544] بسندِه عن أبي بصيرٍ عن أبي عبدِ اللهِ عليه السّلام في قولِ اللهِ عزَّ وجل: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ استَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمُ المَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحزَنُوا} قالَ: « هُم الأئمّةُ عليهم السّلام، ويجري فيمَن إستقامَ مِن شيعتِنا، وسلّمَ لأمرِنا، وكتمَ حديثَنا عن عدوّنا، تستقبله الملائكةُ بالبُشرى منَ اللهِ بالجنّةِ.. ». ووردَ في [تفسيرِ القمّي ج2 ص265]: « قالَ العالمُ عليهِ السلّام: .. ثمّ ذكرَ المؤمنينَ مِن شيعةِ أميرِ المؤمنينَ عليه السّلام فقالَ: {إِنَّ الَّذِينَ قَالوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ استَقَامُوا} قالَ: على ولايةِ أميرِ المؤمنينَ عليه السّلام، قوله: {تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمُ المَلَائِكَةُ} قالَ: عندَ الموتِ ». ووردَ في [تأويلِ الآياتِ ج2 ص537] بالإسنادِ عَن أبي بصيرٍ، قالَ: « سألتُ أبا جعفرٍ عليهِ السّلام عَن قولِ اللهِ عزّ وجلّ: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ استَقَامُوا}، قالَ: هوَ واللهِ ما أنتُم عليهِ، وهوَ قوله تعالى: {وأَن لَوِ استَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسقَيناهُم ماءً غَدَقاً}، قلتُ: متى تتنزّلُ عليهم الملائكةُ بـ{أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحزَنُوا وَأَبشِرُوا بِالجَنَّةِ الَّتِي كُنتُم تُوعَدُونَ * نَحنُ أَولِيَاؤُكُم فِي الحَيَاةِ الدُّنيَا وَفِي الآخِرَةِ}؟ فقالَ: عندَ الموتِ ويومَ القيامةِ ». وقالَ الطبرسيّ في [مجمعِ البيانِ ج9 ص17]: « {تَتَنَزَّلُ عَلَيهِمُ المَلَائِكَةُ} يعني عندَ الموتِ، عَن مجاهدٍ والسّدي ورويَ ذلكَ عن أبي عبدِ اللهِ عليه السّلام ».
والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
اترك تعليق