هل الليبرالية لها رؤية موحدة حول جميع الظواهر؟

س11: يصف بعض المحلّلين اللّيبراليّة بأنّها آيديولوجيّة قابلة للتأويل ولها مائة، وتجيد المراوغة والتحويل، وتكاد ترى أنّ كلّ ليبراليّ له فهمه المستقل لـ (اللّيبراليّة) وقد يرفض ما يعتنقه غيره مِن الّليبراليّين حسب ظروف مجتمعه المهمّ، أنّ اللّيبراليّة كفكر لا يستقيم إلّا في ظلّ نظامٍ سياسيٍّ علماني، ونظامٍ اقتصاديٍّ يدعو إلى السوق الحرّ، بمعنى أنّ الدولة لا تتدخل في العلاقات الاقتصاديّة بينَ المؤسّسات والأفراد إلاّ لحفظ الحقوق وضمان حرّيّة الفكر والإبداع. فماذا ترون في هكذا تصريح؟ 

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

الانساق الفلسفية هي التي تمتلك رؤية حول الكون والإنسان ولها تحليلها الخاص لكل الظواهر الإنسانية، ولذا نجد الذين يفكرون ضمن نسق فلسفي واحد متقاربين في تقييماتهم للأحداث والظواهر، أما الليبرالية فهي ليست نسقاً فلسفياً يمكن رصدها ثقافياً وسياسياً ضمن تصورات منضبطة، والتلون الذي يشير إليه السائل يعد نتاجاً طبيعياً للحرية الفردية التي تؤسس لها الليبرالية، ومن الواضح أن الحرية في الفهم الليبرالي تفتح الباب واسعاً أما الرغبات والاهواء والميول الشخصية لكل إنسان، وفي ظني أن عدم ارجاع الحرية الشخصية لضوابط عقلية واخلاقية يعد مقتلاً للمذهب الليبرالي، لأنه يؤسس لرؤية عبثية يفقد الإنسان معها إي قيمة اجتماعية، وبالتالي تعمل الليبرالية على تدمير الإنسان ككائن حضاري له رسالة في الحياة، ومن هذه الزاوية يمكننا الوقوف على أهمية الإسلام الذي يبني الفرد قيمياً واخلاقياً في إطار المجتمع، وذلك لأن قيمة الإنسان في كونه فاعل اجتماعي يتشارك مع الجميع في تحقيق اهداف سامية للإنسانية.

والجوانب الإيجابية التي يمكن رصدها في العلمانية مثل حرية الاعتقاد والاقتصاد التنافسي والحريات السياسية لا تشكل مرجحات كافية لتبني الليبرالية، وذلك لأن الإسلام لا يتعارض مع كل ذلك وفي نفس الوقت يعمل على تربية الفرد وتهذيبه والارتقاء به روحياً ونفسياً وعقلياً ومن ثم دفعه نحو اهداف نبيلة، بعكس الليبرالية التي تفتح الباب امام رغبات الإنسان حتى يتحول إلى حالة استهلاكية أو إلى سلعة يتم عرضها بحسب قيمته الإنتاجية.