هل ان مشكلة العالم الإسلامي هو عدم العلمانية؟
4 – يدعي العلمانيون أن العلمانية بمعنى فصل الدين عن الدولة هي التي أوصلت الغرب للغنى والقوة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
بدأت النهضة الأوربية في وقت مبكر جداً وقد تعود إلى بدايات القرن الثاني عشر تقريباً، وتسارعت النهضة بشكل كبير في الفترة الممتدة ما بين القرن الرابع عشر والقرن السابع عشر، وقد ساهمت عوامل متعددة وعلى مدى فترات ممتدة من الزمن على أيجاد ما يسمى بالحضارة الغربية، وعليه لا يمكن حصر هذه العوامل في جانب واحد دون النظر إلى المشهد بشكله المتكامل، فالتطور العلمي، والانتعاش التجاري والصناعي، والتحول الكبير على مستوى الإنسان الأوربي، والتبدلات التي حدثت على مستوى الثقافية المجتمعية، تعد جميعها من العوامل المهمة في خلق النهضة الأوربية، وبالتالي فإن اختزال التحولات الكبرى التي حدثت في أوربا في عامل واحد فيه حالة من السطحية والتبسيط، ويبدو أن التحولات المهمة ذات التأثير المباشر في أي نهضة حضارية تعود بشلك أساس إلى التحولات التي تحدث على مستوى الإنسان، فتحريك العجلة السياسية والاقتصادية وتحقيق التنمية في كل المجالات لا يتحقق إلا من خلال الإنسان المقتدر حضارياً، وفي ظني أن مشكلة عالمنا الإسلامي والعربي ليست في غياب الخطط والبرامج ولا في شح الإمكانات المادية وإنما في الإنسان المتخلف حضارياً، فمجرد تحول الأنظمة السياسية إلى أنظمة علمانية لا يعد حلاً حقيقياً لمشكلاتنا الحضارية، ومن هنا يجب أن تتضافر الجهود في بذل الجهد من أجل الارتقاء بالإنسان علمياً وفكرياً وثقافياً وتربوياً وقبل كل ذلك لابد من إعادة الثقة للإنسان المسلم في نفسه وفي دينه، وما تنادي به العلمانية هي مجرد معالجات سطحية لا تلامس مشكلة الإنسان الشرقي؛ بل قد تكون سبباً في توهينه وإشعاره بالدونية أمام الإنسان الغربي، فالإسلام كهوية ثقافية وقيمية يمثل ضرورة لأي تحول حضاري في المنطقة، والثغرات الملحوظة في الحضارة الغربية تعد نتاجاً طبيعياً للاستبعاد الممنهج للسلطة الروحية والأخلاقية، فبدل أن يعمل المثقف العربي والإسلامي على ضعضعة الثقة بالإسلام من خلال تضخيم المنجز الغربي يجب أن يكرس جهده في انتاج حضارة محلية أساسها القيم الإسلامية.
اترك تعليق