هل من الممكن رؤيةُ الجن ؟!
536 – وردَ في القرآنِ ما مضمونه ..أنّ الجنَّ يرونَكم مِن حيثُ لا ترونَهم .. وهناكَ رواياتٌ عن رؤيةِ الجنِّ والملائكة وكذلكَ قصصٌ منَ العامّة.. فكيفَ يتوافقُ إمكانُ رؤيتِهم معَ ما ذُكرَ في القرآنِ.. وهل توجدُ آياتٌ في القرآنِ داعمةٌ لهذا المعنى ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
قالَ تعالى: { يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفتِنَنَّكُمُ الشَّيطَانُ كَمَا أَخرَجَ أَبَوَيكُم مِنَ الجَنَّةِ يَنزِعُ عَنهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُم هُوَ وَقَبِيلُهُ مِن حَيثُ لَا تَرَونَهُم إِنَّا جَعَلنَا الشَّيَاطِينَ أَولِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤمِنُونَ.} [الأعراف،27].
ما ذُكرَ في الآيةِ الكريمة، مِن رؤيتِهم لنا، وعدمِ رؤيتِنا لهم، غيرُ مُختصٍّ بالشياطين، لأنّ الشياطينَ منَ الجن.
وهذا إنّما هوَ بحسبِ طبيعةِ الخِلقةِ الأوّليّة، لكلٍّ منَ الإنسِ والجن، ولكن لو طرأتِ التعديلاتُ فيمكنُنا رؤيتُهم.
السببُ في عدمِ رؤيتِنا للجنّ، لكونِ أجسامِهم لطيفةً، وأجسامِنا غليظة، فنحنُ لا نراهم بهذهِ الطبقةِ مِن أجسامِنا، لغلظةِ أجسامنا، ورقّةِ أجسامِهم، كالهواءِ الذي لا نراهُ ولكِن نشعرُ به، وهوَ نفسُ السّببِ الذي لا نرى فيه الملائكةَ، فإنّهم ألطفُ منَ الجن.
هذا بحسبِ أصلِ طبيعةِ الخِلقة.
ولكن يمكنُ رؤيتُهم في حالتين:
الأولى: أن يتكثّفوا ويتغلّظوا.
الثانية: أن يزدادَ في قوّةِ إبصارنا، بمعنى: أن تتفعّلَ فينا بعضُ طبقاتِنا اللطيفة، ونراهُم بحسبِ تلكَ الطبقةِ التي تناسبُ طبقةَ شفافيّةِ أجسامِهم.
قالَ الشيخُ الطوسي: وإنّما كانوا يرونا ولا نراهم، لأنَّ أبصارَهم أحدُّ مِن أبصارِنا، وأكثرُ ضوءاً مِن أبصارنا، فأبصارُنا قليلةُ الشعاع، ومعَ ذلكَ أجسامُهم شفّافةٌ وأجسامُنا كثيفة، فصحَّ أن يرونا ولا يصحُّ منّا أن نراهم، ولو تكثفوا لصحَّ منّا أيضاً أن نراهم. (تفسيرُ التبيان، للطوسي: 4 / 381).
وقالَ الطبرسي: وإنّما لا يراهم البشرُ لأنَّ أجسامَهم شفّافةٌ لطيفة، تحتاجُ رؤيتُها إلى فضلِ شعاع. وقالَ أبو الهذيل، وأبو بكرٍ بنُ الإخشيد: يجوزُ أن يمكّنَهم اللهُ تعالى، فيتكشّفوا، فيراهم حينئذٍ مَن يحضرُهم، وإليهِ ذهبَ عليُّ بنُ عيسى، وقال: إنّهم ممكّنونَ مِن ذلك، وهوَ الذي نصرَه الشيخُ المُفيد أبو عبدِ اللهِ رحمَه الله، قالَ الشيخُ أبو جعفرٍ قدّسَ اللهُ روحَه: وهوَ الأقوى عندي. (مجمعُ البيان، للطبرسي: 4 / 238).
واللهُ العالمُ بحقائقِ الأمور.
اترك تعليق