ما الفرقُ بينَ الواحدِ والأحد؟
السلامُ عليكُم ورحمةُ الله،إنّ العلماءَ فرّقوا بينَ الواحدِ والأحدِ مِن جهةِ اللغةِ ومِن جهةِ الاصطلاحِ، فأمّا مِن جهةِ اللغةِ فإنّ الفرقَ بينَهما يتبيّنُ مِن خلالِ ما يلي: 1- أنّ الواحدَ يدخلُ في الأحدِ والأحدُ لا يدخلُ فيه. إنّكَ إذا قلتَ: فلانٌ لا يقاومُه واحدٌ، جازَ أن يُقالَ: لكنّه يقاومُه اثنانِ بخلافِ الأحدِ، فإنّكَ لو قلتَ: فلانٌ لا يقاومُه أحدٌ لا يجوزُ أن يُقال: لكنّه يقاومُه إثنان. 2- أنَّ الواحدَ يُستعمَلُ في الإثباتِ والأحدُ في النفي، تقولُ في الإثباتِ رأيتُ رجلاً واحداً وتقولُ في النفي: ما رأيتُ أحداً فيفيدُ العموم. [ ينظر: المعجمُ في فقهِ لغةِ القرآنِ وسرِّ بلاغتِه، ج ١، مجمعُ البحوثِ الإسلاميّة، ص ٤٣٨]. وأمّا مِن جهةِ الاصطلاحِ، فالفرقُ بينَهما كما بيّنَه علماؤنا في كتبِهم الكلاميّة، فمِنها ما جاءَ في كتابِ الإلهيّاتِ للشيخِ السُّبحاني (ره) (ج2/ص11 وما بعدَها) وقد اختصَرنا مِن كلامِه بما يسمحُ به المقام، إذ قالَ: إنّ التوحيدَ الذاتيَّ يُفسَّرُ بمعنيين: الأوّلُ: أنّه واحدٌ لا مثيلَ له . الثاني: أنّه أحدٌ لا جُزءَ له . ويُعبّرُ عن الأوّلِ بالتوحيدِ الواحديّ وعن الثاني بالتوحيدِ الأحدي، وقد أشارَ سُبحانَه إليهما في سورةِ الإخلاص فقالَ في صدرِ السورة :" قُل هوَ اللهُ أحد " هادفاً إلى أنّه بسيطٌ لا جُزءَ له ، وقالَ في ختامِها :" ولم يكُن له كفواً أحد " بمعنى لا ثانيَ له ، وقد فُسّرَت الآيتانِ على النحوِ الذي ذكرناهُ دفعاً للزومِ التكرار ". وقد أشارَ أميرُ المؤمنينَ عليهِ السلام في روايةٍ لكِلا الأمرينِ كاشفاً الاختلافَ بينَ هذين اللفظينِ وإليكَ الروايةَ كما رواها الصّدوق :" إنَّ أعرابيّاً قامَ يومَ الجملِ إلى أميرِ المؤمنينَ، فقال: يا أميرَ - المؤمنين أتقولُ:" إنَّ اللهَ واحدٌ؟ قالَ : فحملَ الناسُ عليه ، قالوا : يا أعرابيُّ أما ترى ما فيهِ أميرُ المؤمنينَ مِن تقسّمِ القلب . فقالَ أميرُ المؤمنين (ع):" دعوه فإنَّ الذي يريدُه الأعرابيُّ هوَ الذي نريدُه منَ القوم ، ثمَّ قالَ : يا أعرابيّ : إنَّ القولَ في أنَّ اللهَ واحدٌ على أربعةِ أقسام : فوجهانِ منها لا يجوزانِ على اللهِ عزَّ وجل و وجهانِ يثبتانِ فيه ، فأمّا اللذانِ لا يجوزانِ عليه ، فقولُ القائل : واحدٌ يقصدُ به بابَ الإعداد ، فهذا ما لا يجوز ، لأنَّ ما لا ثانيَ له لا يدخلُ في بابِ الإعداد ، أما ترى أنّه كفرَ مَن قال : ثالثُ ثلاثةٍ ، وقولُ القائل : هوَ واحدٌ منَ الناسِ يريدُ به النوعَ منَ الجنسِ فبهذا مالا يجوزُ عليه لأنّه تشبيهٌ ، وجلَّ ربُّنا عن ذلكَ وتعالى . وأمّا الوجهانِ اللذانَ يثبتانِ فيه فقولُ القائل : هوَ واحدٌ ليسَ له في الأشياءِ كذلكَ ربّنا، وقولُ القائل : إنّه عزَّ وجلَّ أحديُّ المعنى ، يعني به أنّه لا ينقسمُ في وجودٍ ولا عقلٍ ولا همٍّ كذلكَ ربّنا عزَّ وجل ". ودمتُم سالِمين.
اترك تعليق