هل رواياتِ الشيعةِ بشأنِ اغتيالِ السيّدةِ الزهراء (ع) غيرُ مقنعة ؟
يقولُ أحدُ خطباءِ السنّةِ (عبرَ إحدى الفضائيّاتِ العراقيّة) إنَّ رواياتِ الشيعةِ بشأنِ اغتيالِ السيّدةِ الزهراء (ع) غيرُ صحيحةٍ وليسَت مُقنعةً ومِنها أنَّ عليّاً كانَ موصىً مِن قبلِ النبي (ص).. كيفَ نردُّ على مثلِ هذهِ الادّعاءات؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : يتبنّى الشيعةُ ما جاءَت بهِ الأخبارُ التاريخيّةُ بأنَّ الخليفةَ الثاني ومَن معَه هجموا على دارِها وأرادوا إحراقَه، وعليهِ فإنَّ أصلَ مظلوميّةِ السيّدةِ الزهراءِ (عليها السلام) منَ الأمورِ الثابتةِ في مصادرِ السنّةِ والشيعة، وقد ترتّبَ على ذلكَ مُقاطعةُ الزهراءِ لأهلِ السقيفةِ وهجرانِهم حتّى ماتَت كما صرّحَ بذلكَ البُخاري ومُسلم، وكذلكَ أوصَت سلامُ اللهِ عليها بأن لا يشهدَ جنازتَها مَن ظلمَها واغتصبَ حقّها. ومرويّاتُ أهلِ السنّةِ التي تطرّقَت لحادثةِ الهجومِ وما صاحبَها مِن إسقاطِ الجنينِ وكسرِ الضلعِ كثيرةٌ جدّاً، وإذا كانَ أهلُ السنّةِ يجدونَ صعوبةً في قبولِ مرويّاتِهم التي تحدّثَت عن كسرِ الضلعِ وإسقاطِ الجنينِ إلّا أنّهم لا يجدونَ بدّاً في التسليمِ في أصلِ وقوعِ حادثةِ الهجومِ على الدارِ ومحاولةِ إحراقِه، حيثُ لا يسعُهم تكذيبُ جميعِ الرواياتِ ذاتِ الأسانيدِ الصحيحةِ والتي شهدَ العلماءُ بصحّتِها، ولذا نجدُ ابنَ تيميّة في منهاجِ السنّةِ يحاولُ أن يُقدّمَ التبريراتِ لحصولِ ذلكَ بقولِه: (وغايةُ ما يقالُ إنّه كبسَ البيتَ لينظرَ هل فيهِ شيءٌ مِن مالِ اللهِ الذي يقسمُه وأن يُعطيه لمُستحقّه ثمَّ رأى أنّه لو تركَه لهُم لجازَ فإنّه يجوزُ أن يُعطيهم مِن مالِ الفيء).أمّا بالنسبةِ لرواياتِ الشيعةِ فهيَ كثيرةٌ إلى درجةِ التواترِ المعنويّ، ولذا فهيَ منَ الحقائقِ المُسلّمةِ عندَ الشيعةِ وعليها إجماعُ الطائفةِ من دونِ نقاشٍ في ذلك، ولا ندري على أيّ شيءٍ اعتمدَ هذا الخطيبُ ليقولَ أنَّ رواياتِ الشيعةِ غيرُ صحيحةٍ وغيرُ مُقنعةٍ؟ فإذا كانَ يقصدُ اغتيالَ عُمرَ للزّهراءِ بشكلٍ مُباشرٍ فليسَ هناكَ مَن يتبنّى ذلكَ منَ الشيعة، وإن كانَ يقصدُ إنكارَ ما حدثَ للزّهراءِ مِن مظالمَ مِن قِبلِ عُمرَ بنِ الخطّاب، فالرواياتُ في هذا الشأنِ مقطوعٌ بها في المصادرِ الشيعيّة، ومِن هُنا يجبُ عليه الكشفُ عن الدافعِ العلميّ الذي قادَه للقولِ أنّها غيرُ صحيحةٍ، وإلّا يصبحُ مُجرّدَ ادّعاءٍ فارغٍ لا يُلتفتُ إليه. كما لم نفهَم المقصودَ مِن قولِه (إنَّ عليّاً كانَ موصىً منَ الرّسول)، ولم نقِف على طبيعةِ الربطِ بينَ وصيّةِ الرسولِ للإمامِ عليٍّ وبينَ ما وقعَ على الزهراءِ عليها السّلام مِن مظالمَ.
اترك تعليق