ما حقيقةُ ما يعرف بـ "طبّ الأئمة" عليهم السلام؟ فهل كانوا عليهم السلام متصدّين لوصف العلاج وتشخيص الأمراض لأتباعهم؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : الإمامُ هو من ينوبُ عن رسول الله في كلّ مهامّهِ ماعدا الوحي، وليس من مهام رسولِ الله التصدّي لمداواة الناس وعلاج مرضاهم، إلا أنّ ذلك لا ينفي اهتمامَ الإسلام بالأبدان مضافاً لاهتمامه بالأرواح، فتعاليمُ الإسلام وآدابه كما توفرُ بيئةً روحيةً توفر أيضاً بيئةً صحيةً، ومن المؤكد أنّ رسول الله والأئمة من أهل البيت لهم علمٌ تكويني كما لهم علمٌ تشريعي، وبذلك يعرفون خواصّ الأشياء وآثارها على بدن الإنسان وصحته، ومن هذا الباب كانت لهم نصوصٌ ارشادية فيما يخصّ صحة الأبدان، فبعض هذه النصوص لها علاقة بالوقاية من الأمراض وبعضها وصفات علاجية، وقد اهتمّ المسلمونَ في طول تاريخهم بهذه الآثار في علاج أمراضهم، وهناك الكثيرُ من الكتب التي جمعت وشرحت كيفية الاستفادة العلاجية من هذه النصوص، ولتأكيد ذلك نشيرُ إلى بعض النصوص التي تدلّ على الاهتمام بالصحةِ دون الإشارة للنصوص التي تحتوي على وصفاتٍ علاجية. ففي الخصال للصدوق أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لولده الحسن (عليه السلام): ألا اُعلّمك أربع كلمات تستغني بها عن الطب؟ فقال: بلى يا أميرَ المؤمنين، قال (عليه السلام): «لا تجلس على الطعام إلاّ وأنت جائع، ولا تقم عن الطعام إلاّ وأنت تشتهيه، وجوّد المضغ، وإذا نمتَ فأعرض نفسكَ على الخلاء، فإذا استعملتَ هذا استغنيتَ عن الطب». وقال (عليه السلام) أيضاً: «إنّ في القرآن لآية تجمعُ الطبّ كلّه (كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا)».وفي الدعوات للرواندي قال زرّ بن حبيش: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «أربع كلمات في الطبّ لو قالها بقراط وجالينوس لقدّم أمامها مائة ورقة ثمّ زيّنها بهذه الكلمات وهي قوله: توقوا البردَ في أوّله، وتلقوهُ في آخره، فانّه يفعلُ في الأبدان كفعله بالأشجار، أوّلهُ يحرق، وآخرهُ يورق». وقال (عليه السلام): «لا صحّة مع النهم».وفي البحار عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: «لو اقتصدَ الناس في المطعم لاستقامت أبدانهم». وقال الامام الرضا (عليه السلام): «اجتنب الدواءَ ما احتملَ بدنك الداء، فإذا لم يحتمل الداء فالدواء».وفي الكافي عن الإمام الكاظم (عليه السلام) قال: «ادفعوا معالجة الأطباء ما اندفعَ الداءُ عنكم، فإنّه بمنزلة البناء قليلهُ يجرّ إلى كثيره». وقال أيضاً (عليه السلام): «الحمية رأسُ الدواء والمعدة بيت الداء وعوِّد بدناً ما تعوّد». وقال أبو الحسن (عليه السلام): «ليس من دواء إلاّ ويهيجُ داءاً، وليس شيء في البدن أنفع من إمساك البدن إلاّ عمّا يحتاج إليه» وغير ذلك من النصوص التي تبينُ كيفية الوقاية من الأمراض، أمّا التعاملُ مع النصوصِ التي فيها وصفات علاجية فتحتاج إلى أهل الخبرة والاختصاص ولا يجوز التعاملُ معها بشكلٍ مباشر، يقول الشيخ الصدوق في كتابه اعتقاداتُ الصدوق: (اعتقادنا في الأخبار الواردة في الطبّ انّها على وجوه:منها: ما قيلَ على هواء مكّة والمدينة ولا يجوزُ استعمالهُ على سائر الأهوية.ومنها: ما أخبرَ به العالم ـ الإمام ـ على ما عرف من طبع السائلِ ولم يعتبر بوصفهِ إذا كان أعرفَ بطبعه منه.ومنها: ما دلّسهُ المخالفونَ في الكتب لتقبيح صورة المذهب عند الناس.ومنها: ما وقعَ فيه سهوٌ من ناقليه.ومنها: ما حفظ بعضهُ ونسي بعضه.وما رويَ في العسل أنّه شفاءٌ من كلّ داءٍ فهو صحيحٌ ومعناه شفاء من كلّ داءٍ بارد.وما وردَ في الاستنجاء بالماءِ البارد لصاحبِ البواسير، فإنّ ذلك إذا كان بواسيرهُ من الحرارة...الخ.
اترك تعليق