سورةُ الأحزابِ كانَت تعادلُ سورةَ البقرة، والنسخُ وقعَ بـ (3) أنواع، فأينَ – إذن – الناسخ؟!

: السيد رعد المرسومي

السلامُ عليكُم ورحمةُ الله،هذا السؤالُ مُقتنَصٌ مِن بعضِ الإشكالاتِ التي كانَ يوردُها علماءُ الإماميّةِ على مذهبِ أبناءِ العامّةِ الذينَ كانوا - ولا يزالُ كثيرٌ منهم - يتّهمونَ الشيعةَ الإماميّةَ بتحريفِ القرآنِ الكريم، بادّعاءِ وجودِ رواياتٍ في كُتبِنا معاشرَ الإماميّةِ تدلُّ على التحريف، عِلماً أنّ جمهورَ علماءِ الإماميّةِ أعزَّهم اللهُ تعالى يذهبونَ إلى عدمِ التحريفِ في القرآنِ مِن حيثُ الزيادةُ أو النقصانُ أو مِن جهةِ تحريفِ الكلماتِ أو الحروفِ ونحو ذلك، وقد أجابوا عن تلكم الرواياتِ وبيّنوا المُرادَ مِن كلمةِ التحريفِ في أكثرَ مِن مرّةٍ كما في جوابِنا هُنا في مركزِ الرصدِ عن السّؤالِ رقم (1051) لمّا بيّنا أنّ المُرادَ بالتحريفِ الواردِ في بعضِ الرواياتِ إنّما هوَ التحريفُ المعنويّ الذي يرادُ به حملُ اللفظِ على معانٍ بعيدةٍ عنه ، لا علاقةَ له بظاهرِه، مع مُخالفتِه للمشهورِ مِن تفسيرِه، وهذا النوعُ واقعٌ في القرآنِ لا محالةَ، وذلكَ عن طريقِ تأويلِه مِن غيرِ علم. وله أمثلةٌ كثيرةٌ لا يمكنُ أن تخفى على المُنصفينَ منَ الدارسينَ وذوي الاختصاص. وفي مُقابلِ ذلكَ كان علماءُ الإماميّةِ يوردونَ عدّةَ إشكالاتٍ على أبناءِ العامّة في هذا الصددِ، فيقولونَ لهم: أنتم أيضاً توجدُ عندَكم رواياتٌ كثيرةٌ جدّاً في الصحيحينِ والسُّننِ والمسانيدِ تدلُّ على التحريفِ والزيادةِ والنقص في القرآنِ العظيم كما وردَ مثلاً في مُسندِ أحمد- رقمُ الحديثِ (20260) بإسنادِه إلى‏ ‏أبيّ بنِ كعب ‏قالَ : ‏كم تقرؤونَ سورةَ‏ ‏الأحزابِ ‏ ‏قالَ : بضعاً وسبعينَ آيةً قالَ : لقد ‏ ‏قرأتُها مع رسولِ اللهِ ‏(ص) ‌‏مثلَ ‏ ‏البقرةِ‏ ‏أو أكثرَ منها وإنَّ فيها آيةَ الرجم؟! فكانَ مِن جوابِ علمائِهم على مثلِ هذه الأحاديثِ أنّ هذهِ الآياتَ منسوخةٌ بنسخِ التلاوةِ ونحو ذلكَ منَ الأجوبةِ التي لا تُسمنُ ولا تُغني مِن جوعٍ كما بيّنَها السيّدُ الخوئيّ (قدس) في كتابِه التبيانُ في تفسيرِ القرآن.  وممّا تقدّمَ يتبيّنُ لكَ أنّ الذي يجبُ أن يُطالبَ ببيانِ الناسخِ لهذهِ الآياتِ هوَ ذلكَ الذي يعتقدُ بهذه الأحاديثِ التي تدلُّ على الزيادةِ أو النقصِ في بعضِ آياتِ القرآنِ العظيم، أمّا الذي لا يعتقدُ بوجودِ زيادةٍ أو نقصٍ في آياتِ القرآنِ العظيمِ فهوَ لا يقيمُ وزناً لمثلِ هذه الأحاديثِ ولا يعتدُّ بها مُطلقاً سواءٌ أكانَت مرويّةً عن طرقِ العامّةِ أم الخاصّةِ. ودمتُم سالِمين.