هل المجالس الحسينية مذكورة في القران وما الدليل

: اللجنة العلمية

السلام عليكم ورحمة الله 

هُناكَ أصلٌ قرآنيٌّ لرجحانِ تلاوةِ مقاتلِ الأنبياءِ والشّهداء، فالقُرآنُ الكريمُ هوَ الذي أصرَّ على إعلانِ مظلوميّةِ الشّهداءِ منَ الأنبياءِ والصِّدّيقينَ وغيرِهم ؛ فالتّأكيدُ على تلاوةِ مقتلِ سيّدِ شبابِ أهلِ الجنّةِ ؛ إنّما أصلُه تأكيدُ القُرآنِ ، وما تواترَ عنِ النّبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) قولاً وفعلاً وتقريراً. خُذ مثلاً قولَه سُبحانَه وتعالى : (وَاتلُ عَلَيهِم نَبَأَ ابنى ءَادَمَ بِالحَقِّ إِذ قَرّبَا قُربَاناً فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَ لَم يُتَقَبّل مِنَ الاَخَرِ قَالَ لأَقتُلَنّك قَالَ إِنّمَا يَتَقَبّلُ اللّهُ مِنَ المُتّقِينَ لَئن بَسطت إِلىّ يَدَك لِتَقتُلَنى مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِى إِلَيك لأَقتُلَك إِنى أَخَاف اللّهَ رَب العَلَمِينَ إني أُرِيدُ أَن تَبُوأَ بِإِثمِى وَ إِثمِك فَتَكُونَ مِن أَصحَبِ النّارِ وَ ذَلِك جَزؤُا الظلِمِينَ فَطوّعَت لَهُ نَفسهُ قَتلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصبَحَ مِنَ الخاسِرِينَ) فهذهِ الآياتُ وما كانَ على منوالِها مِن آياتِ القصصِ القُرآنيّةِ ، ينبغي أن تكونَ لغواً عندَ مَن يزعمُ بدعيّةَ إحياءِ ذكرِ الشُّهداءِ ومظلوميّتَهم ، وبثَّ بشاعةِ أعدائِهم الطّغاةِ وظُلمِهم ؛ ففي القرآنِ الكريمِ كمٌّ هائلٌ مِن صنفِ الآياتِ التي عرضَت لهذا المعنى ، لكِن ما الغايةُ مِن كثرتِها؟!. أجابَ نفسُ القرآنِ الكريمِ عَن هذا قائِلاً : (لَقَد كانَ في قَصصِهِم عِبرَةٌ لأُولى الأَلبَابِ مَا كانَ حَدِيثاً يُفترَى وَ لَكن تَصدِيقَ الّذِى بَينَ يَدَيهِ وَ تَفصِيلَ كلِّ شىءٍ وَ هُدًى وَ رَحمَةً لِّقَومٍ يُؤمِنُونَ).  فتأمّل في قولِه تعالى : وهُدىً ورحمةً لقومٍ يُؤمنون. فيبدو أنَّ مِن آليّاتِ الهدايةِ السّماويّةِ فيما قضى اللهُ عزَّ وجلَّ ، هيَ تلاوةَ هذهِ القصصِ لِما فيها مِن عبرةٍ لأولي الألبابِ ، ورحمةٍ وهدايةٍ لقومٍ يؤمنونَ ؛ فيبدو مِن خلالِ مُقابلةِ الأضّدادِ أنَّ هذهِ التّلاوةَ مانعٌ منَ الضّلالةِ ومِن حلولِ العذابِ ، وليسَ تحكُّماً أن نفترضَ أنَّ الذي يمنعُ منها ليسَ مِن جنسِ المؤمنينَ ؛ لقولِه تعالى : (لقوم يؤمنون) فلاحِظ.. والحقُّ فالآيةُ الآنفةُ أصلٌ شرعيٌّ للفتوى برجحانِ ، بل استحبابِ نشرِ وإعلانِ قصصِ عامّةِ الأنبياءِ وقاطبةِ الشّهداءِ ، وبخاصّةٍ مقاتِلَهُم ، وكذلكَ الطّغاةُ وأتباعُ الشّيطانِ مِن أعدائِهم ؛ لِما في ذلكَ مِن عبرةٍ لأولي الألبابِ ، ولِما في ذلكَ أيضاً مِن هدايةٍ ورحمةٍ لقومٍ يؤمنونَ . والمدارُ هوَ عمومُ اللّفظِ لا خصوصُ السّببِ كما لا يخفى ، واللّفظُ في الآيةِ ينطوي على تعليلٍ عامٍّ فيما ينبغي أن نعلمَ ، فلا بدَّ منَ التّعديةِ لغيرِ موردِ الآيةِ . هذا إذا تناسينا أنَّ مثلَ الحُسينِ يقيناً أفضلُ مِن هابيل ، فتتناولُه الآيةُ تنبيهاً بالأولى ؛ وللقطعِ بأنَّ هابيلَ (عليه السّلام) ليسَ نبيّاً ؛ أي عدمُ النّصِّ الشّرعيّ المُعتبرِ على أنّهُ كذلكَ، فلا يلتفتُ إلى إشكاليّةِ أنَّ الحُسينَ ليسَ بنبيّ . وكما قُلنا فالقرآنُ الكريمُ مليءٌ بآياتِ القصصِ ، معروفةٍ للقُرّاءِ الكرام ، نكتفي بسردِ هذهِ الآياتِ ، لنقرأها سويّةً مِن هذا المُنطلَقِ ؛ قالَ اللهُ سبحانَه وتعالى: (وَالشَّمسِ وَضُحَاهَا وَالقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا وَاللَّيلِ إِذَا يَغشَاهَا وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا وَالأَرضِ وَمَا طَحَاهَا وَنَفسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقوَاهَا قَد أَفلَحَ مَن زكَّاهَا وَقَد خَابَ مَن دَسَّاهَا كَذّبَت ثَمُودُ بِطغوَاهَا إِذِ انبَعَث أَشقَاهَا فَقَالَ لهَم رَسولُ اللّهِ نَاقَةَ اللّهِ وَ سقيَهَا فَكَذّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمدَمَ عَلَيهِم رَبّهُم بِذَنبِهِم فَسوّاهَا وَ لا يخَاف عُقبَهَا).  أقولُ : قالَ رسولُ اللهِ صالح : ( ناقةُ اللهِ وسُقيها )، لا أكثرَ ولا أقلّ ، فلمّا عقروها غضبَ اللهُ عليهم جميعاً ؛ فدمدمَ ربّهم عليهم أرضَهم فسوّاها ، في حينِ قالَ الرّسولُ محمّدٌ (صلّى اللهُ عليه وآله): «الحُسينُ سيّدُ شبابِ أهل الجنّةِ» فذبحتهُ أمّتُه كما يُذبحُ الكِبشُ عطشاناً . نُريدُ القولَ: إنَّ هذهِ مُجرّدُ مقارنةٍ واحدةٍ ، لكنّها كالبرقِ تخطفُ الأبصارَ ، نُنبّهُ مِن خلالِها إلى أنَّ الذي يمنعُ مِن إحياءِ ذكرِ الحُسينِ ومقتلِه الشّريفِ ، إنّما يخشى مِن هذهِ المُقارنة الكفيلةِ بتحديدِ هويّةِ الشُّقاة في التّاريخ ، وأنّهم جميعاً مِن أهلِ الثّبورِ.. كما يخشى المانعُ أيضاً ، ما يتبعُ ذلكَ مِن آثارٍ كبيرةٍ ، ممّا هوَ منظومٌ في قولِه سبحانَه وتعالى : ( وَ مَن يَقتُل مُؤمِناً مّتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنّمُ خَلِداً فِيهَا وَ غَضِب اللّهُ عَلَيهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً).