العبّاسُ بنُ الإمامِ الكاظم (عليهِ السلام) حالُه ومرقدُه

- ما موقفُ الإمامُ الرّضا مِن أخيهِ العبّاسِ بنِ الإمامِ موسى الكاظم؟ - وما موقفُ عُلماءِ مدرسةِ أهلِ البيتِ منَ العبّاسِ بنِ الإمامِ موسى الكاظم؟ - أينَ يقعُ قبرُ العبّاسِ بنِ الإمامِ موسى الكاظم، وهل هناكَ إشكالٌ في زيارةِ قبرِه؟

: سيد حسن العلوي

السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه، مُقدّمة: للعبّاسِ بنِ الإمامِ الكاظمِ (عليهِ السلام) موقفانِ ذكرَهما التاريخ: الموقفُ الأوّل: عندَ شهادةِ الإمامِ الكاظمِ (عليهِ السلام): فالإمامُ كتبَ وصيّتين، وجعلَ الإمامَ الرّضا (عليهِ السلام) قيّماً ووصيّاً، ولكنَّ العبّاسَ وبعضَ إخوتِه حسدوا أخاهُم وعارضوه في وصيّةِ أبيه، وشكوهُ إلى القاضي أبي عمران الطلحي! وخالفوا أباهم في وصيّتِه، وفضِّ الخاتم، معَ أنَّ الإمامَ الكاظم (ع) لعنَ مَن فضَّه، في حادثةٍ طويلةٍ ذكرَها الكُلينيّ والشيخُ الصدوق. روى الكُليني: عن أحمدَ بنِ مهران، عن محمّدٍ بنِ علي، عن أبي الحكمِ قالَ: حدّثني عبدُ اللهِ بنُ إبراهيم الجعفري وعبدُ الله بنُ محمّدٍ بنِ عمارة، عن يزيدَ بنِ سليط قالَ: لمّا أوصى أبو إبراهيمَ عليهِ السلام أشهدَ إبراهيمَ بنَ محمّدٍ الجعفري وإسحاقَ بنَ محمّدٍ الجعفري وإسحاقَ بنَ جعفرٍ بن محمّد وجعفراً بنَ صالحٍ ومعاويةَ الجعفري ويحيى بنَ الحُسين بنِ زيد بنِ علي وسعداً بنَ عمرانَ الأنصاري ومحمّداً بنَ الحارثِ الأنصاري ويزيدَ بنَ سليطٍ الأنصاري ومحمّداً بنَ جعفرٍ بنِ سعدٍ الأسلمي - وهو كاتبُ الوصيّةِ الأولى - أشهدَهم أنّه يشهدُ أن لا إلهَ إلّا الله وحدَه لا شريك له وأنَّ محمّداً عبدُه ورسوله ... وأنّي قد أوصيتُ إلى عليٍّ وبنيّ بعدُ معَه إن شاءَ وآنسَ منهُم رشداً وأحبَّ أن يقرّهم فذاكَ له وإن كرهَهم وأحبَّ أن يخرجَهم فذاكَ له ولا أمرَ لهم معَه وأوصيتُ إليه بصدقاتي وأموالي ومواليَّ وصبياني الذينَ خلفتُ وولدي إلى إبراهيمَ والعبّاسِ وقاسم وإسماعيل وأحمدِ وأمِّ أحمد وإلى عليٍّ أمرَ نسائي دونَهم و ثلثَ صدقةِ أبي وثلثي ، يضعُه حيثُ يرى ويجعلُ فيه ما يجعلُ ذو المالِ في ماله ، فإن أحبَّ أن يبيعَ أو يهبَ أو ينحلَ أو يتصدّقَ بها على مَن سمّيتُ له وعلى غيرِ مَن سمّيتُ ، فذاكَ له وهوَ أنا في وصيّتي في مالي وفي أهلي وولدي وإن يرى أن يُقرَّ إخوتَه الذينَ سمّيتهم في كتابي هذا أقرّهم وإن كرهَ فله أن يُخرجَهم غيرَ مُثربٍ عليهِ ولا مردود ، فإن آنسَ منهُم غيرَ الذي فارقتُهم عليهِ فأحبَّ أن يردَّهم في ولايةٍ فذاكَ له وإن أرادَ رجلٌ منهم أن يزوّجَ أختَه فليسَ له أن يزوّجَها إلّا بإذنِه وأمرِه ، فإنّه أعرفُ بمناكحِ قومِه وأيُّ سلطانٍ أو أحدٍ منَ الناسِ كفَّه عن شيءٍ أو حالَ بينَه وبينَ شيءٍ ممّا ذكرتُ في كتابي هذا أو أحدٍ ممَّن ذكرت ، فهوَ منَ اللهِ ومِن رسولِه بريءٌ واللهُ ورسولهُ منهُ بُراءٌ وعليهِ لعنةُ اللهِ وغضبُه ولعنةُ اللاعنينَ والملائكةِ المُقرّبينَ والنبيّينَ والمُرسلين وجماعةِ المؤمنين ، وليسَ لأحدٍ منَ السلاطينِ أن يكُفَّه عَن شيءٍ وليسَ لي عندَه تبعةٌ ولا تباعةٌ ولا لأحدٍ مِن ولدي له قبلي مالٌ ، فهوَ مصدّقٌ فيما ذكر ، فَإِن أَقَلَّ فَهُوَ أَعلَمُ وَ إِن أَكثَرَ فَهُوَ الصَّادِقُ كَذَلِكَ وَ إِنَّمَا أَرَدتُ بِإِدخَالِ الَّذِينَ أَدخَلتُهُم مَعَهُ مِن وُلدِي التَّنوِيهَ بِأَسمَائِهِم وَ التَّشرِيفَ لَهُم وَ أُمَّهَاتُ أَولَادِي مَن أَقَامَت مِنهُنَّ فِي مَنزِلِهَا وَ حِجَابِهَا فَلَهَا مَا كَانَ يَجرِي عَلَيهَا فِي حَيَاتِي إِن رَأَى ذَلِكَ وَ مَن خَرَجَت مِنهُنَّ إِلَى زَوجٍ فَلَيسَ لَهَا أَن تَرجِعَ إِلَى مَحوَايَ إِلَّا أَن يَرَى عَلِيٌّ غَيرَ ذَلِكَ وَ بَنَاتِي بِمِثلِ ذَلِكَ وَ لَا يُزَوِّجُ بَنَاتِي أَحَدٌ مِن إِخوَتِهِنَّ مِن أُمَّهَاتِهِنَّ وَ لَا سُلطَانٌ وَ لَا عَمٌّ إِلَّا بِرَأيِهِ وَ مَشُورَتِهِ فَإِن فَعَلُوا غَيرَ ذَلِكَ فَقَد خَالَفُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ جَاهَدُوهُ فِي مُلكِهِ وَ هُوَ أَعرَفُ بِمَنَاكِحِ قَومِهِ فَإِن أَرَادَ أَن يُزَوِّجَ زَوَّجَ وَ إِن أَرَادَ أَن يَترُكَ تَرَكَ وَ قَد أَوصَيتُهُنَّ بِمِثلِ مَا ذَكَرتُ فِي كِتَابِي هَذَا وَ جَعَلتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَيهِنَّ شَهِيداً وَ هُوَ وَ أُمُّ أَحمَدَ شَاهِدَانِ وَ لَيسَ لِأَحَدٍ أَن يَكشِفَ وَصِيَّتِي وَ لَا يَنشُرَهَا وَ هُوَ مِنهَا عَلَى غَيرِ مَا ذَكَرتُ وَ سَمَّيتُ فَمَن أَسَاءَ فَعَلَيهِ وَ مَن أَحسَنَ فَلِنَفسِهِ وَ ما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلعَبِيدِ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى آلِهِ وَ لَيسَ لِأَحَدٍ مِن سُلطَانٍ وَ لَا غَيرِهِ أَن يَفُضَّ كِتَابِي هَذَا الَّذِي خَتَمتُ عَلَيهِ الأَسفَلَ فَمَن فَعَلَ ذَلِكَ فَعَلَيهِ لَعنَةُ اللَّهِ وَ غَضَبُهُ وَ لَعنَةُ اللَّاعِنِينَ وَ المَلَائِكَةِ المُقَرَّبِينَ وَجَمَاعَةِ المُرسَلِينَ وَ المُؤمِنِينَ مِنَ المُسلِمِينَ وَ عَلِيٌّ مَن فَضَّ كِتَابِي هَذَا وَ كَتَبَ وَ خَتَمَ أَبُو إِبرَاهِيمَ وَ الشُّهُودُ وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ عَلَى آلِهِقَالَ أَبُو الحَكَمِ فَحَدَّثَنِي عَبدُ اللَّهِ بنُ آدَمَ «3» الجَعفَرِيُّ- عَن يَزِيدَ بنِ سَلِيطٍ قَالَ كَانَ أَبُو عِمرَانَ الطَّلحِيُّ قَاضِيَ المَدِينَةِ فَلَمَّا مَضَى مُوسَى قَدَّمَهُ إِخوَتُهُ إِلَى الطَّلحِيِّ القَاضِي فَقَالَ العَبَّاسُ بنُ مُوسَى أَصلَحَكَ اللَّهُ وَ أَمتَعَ بِكَ إِنَّ فِي أَسفَلِ هَذَا الكِتَابِ كَنزاً وَ جَوهَراً وَ يُرِيدُ أَن يَحتَجِبَهُ- وَ يَأخُذَهُ دُونَنَا وَ لَم يَدَع أَبُونَا رَحِمَهُ اللَّهُ شَيئاً إِلَّا أَلجَأَهُ إِلَيهِ وَ تَرَكَنَا عَالَةً وَ لَو لَا أَنِّي أَكُفُّ نَفسِي لَأَخبَرتُكَ بِشَي‏ءٍ عَلَى رُءُوسِ المَلَإِ فَوَثَبَ إِلَيهِ إِبرَاهِيمُ بنُ مُحَمَّدٍ فَقَالَ إِذاً وَ اللَّهِ تُخبِرُ بِمَا لَا نَقبَلُهُ مِنكَ وَ لَا نُصَدِّقُكَ عَلَيهِ ثُمَّ تَكُونُ عِندَنَا مَلُوماً مَدحُوراً نَعرِفُكَ بِالكَذِبِ صَغِيراً وَ كَبِيراً وَ كَانَ أَبُوكَ أَعرَفَ بِكَ لَو كَانَ فِيكَ خَيراً وَ إِن كَانَ أَبُوكَ لَعَارِفاً بِكَ فِي الظَّاهِرِ وَ البَاطِنِ وَ مَا كَانَ لِيَأمَنَكَ عَلَى تَمرَتَينِ ثُمَّ وَثَبَ إِلَيهِ إِسحَاقُ بنُ جَعفَرٍ عَمُّهُ فَأَخَذَ بِتَلبِيبِهِ فَقَالَ لَهُ إِنَّكَ لَسَفِيهٌ ضَعِيفٌ أَحمَقُ اجمَع هَذَا مَعَ مَا كَانَ بِالأَمسِ مِنكَ وَ أَعَانَهُ القَومُ أَجمَعُونَ فَقَالَ أَبُو عِمرَانَ القَاضِي لِعَلِيٍّ قُم يَا أَبَا الحَسَنِ حَسبِي مَا لَعَنَنِي أَبُوكَ اليَومَ وَ قَد وَسَّعَ لَكَ أَبُوكَ وَ لَا وَ اللَّهِ مَا أَحَدٌ أَعرَفَ بِالوَلَدِ مِن وَالِدِهِ وَ لَا وَ اللَّهِ مَا كَانَ أَبُوكَ عِندَنَا بِمُستَخَفٍّ فِي عَقلِهِ وَ لَا ضَعِيفٍ فِي رَأيِهِ فَقَالَ العَبَّاسُ لِلقَاضِي أَصلَحَكَ اللَّهُ فُضَّ الخَاتَمَ وَ اقرَأ مَا تَحتَهُ فَقَالَ أَبُو عِمرَانَ لَا أَفُضُّهُ حَسبِي مَا لَعَنَنِي أَبُوكَ اليَومَ فَقَالَ العَبَّاسُ فَأَنَا أَفُضُّهُ فَقَالَ ذَاكَ إِلَيكَ فَفَضَّ العَبَّاسُ الخَاتَمَ فَإِذَا فِيهِ إِخرَاجُهُم وَ إِقرَارُ عَلِيٍّ لَهَا وَحدَهُ وَ إِدخَالُهُ إِيَّاهُم فِي وَلَايَةِ عَلِيٍّ إِن أَحَبُّوا أَو كَرِهُوا وَ إِخرَاجُهُم مِن حَدِّ الصَّدَقَةِ وَ غَيرِهَا وَ كَانَ فَتحُهُ عَلَيهِم بَلَاءً وَ فَضِيحَةً وَ ذِلَّةً وَ لِعَلِيٍّ ع خِيَرَةً وَ كَانَ فِي الوَصِيَّةِ الَّتِي فَضَّ العَبَّاسُ تَحتَ الخَاتَمِ هَؤُلَاءِ الشُّهُودُ إِبرَاهِيمُ بنُ مُحَمَّدٍ وَ إِسحَاقُ بنُ جَعفَرٍ وَ جَعفَرُ بنُ صَالِحٍ وَ سَعِيدُ بنُ عِمرَانَ وَ أَبرَزُوا وَجهَ أُمِّ أَحمَدَ فِي مَجلِسِ القَاضِي وَ ادَّعَوا أَنَّهَا لَيسَت إِيَّاهَا حَتَّى كَشَفُوا عَنهَا وَ عَرَفُوهَا فَقَالَت عِندَ ذَلِكَ قَد وَ اللَّهِ قَالَ سَيِّدِي هَذَا إِنَّكِ سَتُؤخَذِينَ جَبراً وَ تُخرَجِينَ إِلَى المَجَالِسِ فَزَجَرَهَا إِسحَاقُ بنُ جَعفَرٍ وَ قَالَ اسكُتِي فَإِنَّ النِّسَاءَ إِلَى الضَّعفِ مَا أَظُنُّهُ قَالَ مِن هَذَا شَيئاً ثُمَّ إِنَّ عَلِيّاً ع التَفَتَ إِلَى العَبَّاسِ فَقَالَ يَا أَخِي إِنِّي أَعلَمُ أَنَّهُ إِنَّمَا حَمَلَكُم عَلَى هَذِهِ الغَرَائِمُ وَ الدُّيُونُ الَّتِي عَلَيكُم فَانطَلِق يَا سَعِيدُ فَتَعَيَّن لِي مَا عَلَيهِم ثُمَّ اقضِ عَنهُم وَ لَا وَ اللَّهِ لَا أَدَعُ مُوَاسَاتَكُم وَ بِرَّكُم مَا مَشَيتُ عَلَى الأَرضِ فَقُولُوا مَا شِئتُم فَقَالَ العَبَّاسُ مَا تُعطِينَا إِلَّا مِن فُضُولِ أَموَالِنَا و مَا لَنَا عِندَكَ أَكثَرُ فَقَالَ قُولُوا مَا شِئتُم فَالعِرضُ عِرضُكُم «4» فَإِن تُحسِنُوا فَذَاكَ لَكُم عِندَ اللَّهِ وَ إِن تُسِيئُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* وَ اللَّهِ إِنَّكُم لَتَعرِفُونَ أَنَّهُ مَا لِي يَومِي هَذَا وَلَدٌ وَ لَا وَارِثٌ غَيرُكُم وَ لَئِن حَبَستُ شَيئاً مِمَّا تَظُنُّونَ أَوِ ادَّخَرتُهُ فَإِنَّمَا هُوَ لَكُم وَ مَرجِعُهُ إِلَيكُم وَ اللَّهِ مَا مَلَكتُ مُنذُ مَضَى أَبُوكُم رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ شَيئاً إِلَّا وَ قَد سَيَّبتُهُ حَيثُ رَأَيتُم- فَوَثَبَ العَبَّاسُ فَقَالَ وَ اللَّهِ مَا هُوَ كَذَلِكَ وَ مَا جَعَلَ اللَّهُ لَكَ مِن رَأيٍ عَلَينَا وَ لَكِن حَسَدُ أَبِينَا لَنَا وَ إِرَادَتُهُ مَا أَرَادَ مِمَّا لَا يُسَوِّغُهُ اللَّهُ إِيَّاهُ وَ لَا إِيَّاكَ وَ إِنَّكَ لَتَعرِفُ أَنِّي أَعرِفُ صَفوَانَ بنَ يَحيَى بَيَّاعَ السَّابِرِيِّ- بِالكُوفَةِ وَ لَئِن سَلِمتُ لَأُغصِصَنَّهُ بِرِيقِهِ وَ أَنتَ مَعَهُ فَقَالَ عَلِيٌّ ع لَا حَولَ وَ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ العَلِيِّ العَظِيمِ أَمَّا إِنِّي يَا إِخوَتِي فَحَرِيصٌ عَلَى مَسَرَّتِكُم اللَّهُ يَعلَمُ اللَّهُمَّ إِن كُنتَ تَعلَمُ أَنِّي أُحِبُّ صَلَاحَهُم وَ أَنِّي بَارٌّ بِهِم وَاصِلٌ لَهُم رَفِيقٌ عَلَيهِم أُعنَى بِأُمُورِهِم لَيلًا وَ نَهَاراً فَاجزِنِي بِهِ خَيراً وَ إِن كُنتُ عَلَى غَيرِ ذَلِكَ فَأَنتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ* فَاجزِنِي بِهِ مَا أَنَا أَهلُهُ إِن كَانَ شَرّاً فَشَرّاً وَ إِن كَانَ خَيراً فَخَيراً اللَّهُمَّ أَصلِحهُم وَ أَصلِح لَهُم وَ اخسَأ عَنَّا وَ عَنهُمُ الشَّيطَانَ وَ أَعِنهُم عَلَى طَاعَتِكَ وَ وَفِّقهُم لِرُشدِكَ أَمَّا أَنَا يَا أَخِي فَحَرِيصٌ عَلَى مَسَرَّتِكُم جَاهِدٌ عَلَى صَلَاحِكُم وَ اللَّهُ عَلى‏ ما نَقُولُ وَكِيلٌ فَقَالَ العَبَّاسُ مَا أَعرَفَنِي بِلِسَانِكَ وَ لَيسَ لِمِسحَاتِكَ عِندِي طِينٌ فَافتَرَقَ القَومُ عَلَى هَذَا وَ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ. (الكافي للكُليني: 1 / 316 وما بعد، ومثلهُ في عيونِ أخبارِ الرّضا للصّدوق: 1 / 42 وما بعد).  الموقفُ الثاني: توليتَهُ الكوفةَ – مِن قِبَل المأمونِ – استعملَه على الكوفةِ حميدُ بنُ عبدِ الحميد - الذي كانَ عامِلاً للحسنِ بنِ سهل وزيرِ المأمونِ في قصرِ ابنِ هبيرة أيّامَ المأمونِ العبّاسي - وأمرَه أن يدعو لأخيهِ الإمامِ الرّضا عليٍّ بنِ موسى ( عليهِ السلام ) بعدَ المأمون ، وذلكَ سنةَ 202 هجري. (لاحِظ: تاريخَ الكوفةِ للبراقي، ص279). وكانَ الهدفُ منَ التوليةِ إخمادَ ثوراتِ العبّاسيّينَ والعلويّينَ التي ثارَت ضدَّ المأمونِ في الكوفة، وبعدَ معاركَ أدَّت إلى الدمارِ والخرابِ والنهبِ في الكوفة، اضطرَّ العبّاسُ إلى الخروجِ مِنها بعدَ طلبِ رؤسائها منه.  ولعلَّ لهُ مواقفَ سلبيّةً أخرى كما لا يبعد.  فهذا ما وردَنا عن حياةِ العبّاس.  أمّا بالنسبةِ إلى السؤالِ الأوّل: فقد تعاملَ الإمامُ الرّضا عليهِ السلام معَ أخيه العبّاسِ – وبقيّةِ إخوتِه - بلطفٍ ورأفةٍ ومحبّةٍ وحنانٍ، كما تقدّمَ في حادثةِ شكايتِه إلى القاضي العبّاسي.  أمّا بالنسبةِ إلى السؤالِ الثاني: موقفُ علماءِ الإماميّةِ منَ العبّاسِ بنِ الإمامِ الكاظم عليهِ السلام:  الرأيُ الأوّل: فقد نقلَ الكُليني والصّدوق روايةً تدلُّ على ذمِّه، مِن أنّه حاكمَ أخاهُ الإمامَ الرّضا (عليهِ السلام)، وواجهَه بكلماتٍ شديدةٍ، وفضَّ وصيّةَ أبيهِ معَ لعنِه (عليهِ السلام) مَن فعلَ ذلك.وهذا هوَ الرأيُ الأوّلُ في العبّاسِ مِن أنّه مذمومٌ ومقدوحٌ فيه. قالَ السيّدُ بحرُ العلوم: وفي هذا الحديثِ أنّ إخوةَ الرّضا (عليهِ السلام) نازعوهُ وقدّموهُ إلى أبي عمرانَ الطلحي قاضي المدينةِ ... وكانَ العبّاسُ بنُ موسى هوَ الذي تولّى خصومتَه، وأساءَ الأدبَ معَه ومعَ أبيه ... وفيهِ مُنتهى الذمِّ للعبّاسِ وإخوتِه الذينَ وافقوهُ على خصومةِ الرّضا (عليهِ السلام) ومُخالفتِه ومُنازعتِه ... فما ذكرَه المفيدُ رحمَه اللهُ هُنا وتبعَه غيرُه منَ الحُكمِ بحُسنِ حالِ أولادِ الكاظمِ عليهِ السلام عموماً محلُّ نظر. (رجالُ بحرِ العلوم: 1 / 416 – 421). قالَ المامقانيُّ: وعلى فرضِ صحّةِ النُّسخةِ فتوثيقُه محلُّ نظرٍ، لأنّهُ نازعَ أخاهُ أبا الحسنِ الرّضا (عليهِ السلام) وأغلظَ معَه الكلام، وذلكَ يسلبُ منهُ الوثوقَ به، ويسقطهُ عن درجةِ العدالةِ، إلّا أن تثبتَ توبتُه بعدَ ذلك، وقبول الإمامِ (عليهِ السلام) توبتَه، وحصول الملكةِ له بعدَ ذلك. (تنقيحُ المقال: 38 / 508، الطبعةُ الجديدة، و جـ 2 صـ 130 الطبعةُ الحجرية). وقالَ التستريُّ: وبعدَ هذا الخبرِ المُشتملِ على غايةِ القدحِ فيه، لا بدَّ أن يُحملَ قولُ المُفيدِ في إرشادِه: "ولكلِّ واحدٍ مِن ولدِ أبي الحسنِ موسى (عليهِ السلام) فضلٌ ومنقبةٌ مشهورةٌ، وكانَ الرّضا (عليهِ السلام) المُقدّمَ الخ" على الفضائلِ والمناقبِ الدنيويّة، وأمّا الدينيّةِ فالرّجلُ كانَ عارياً مِنها، ومُتلبّساً بكلِّ الرذائلِ والمثالبِ منها. (قاموسُ الرّجال: 6 / 42). وذكرَه في المقدوحينَ مِن ولدِ الإمامِ الكاظمِ (عليهِ السلام).  وقالَ الشيخُ عبّاسٌ القمّي: وأمّا العبّاسُ بنُ موسى بنِ جعفرٍ عليهِ السّلام: فيظهرُ مِن وصيّةِ أبيهِ موسى بنِ جعفرٍ عليهِ السّلام المذكورةِ في عيونِ أخبارِ الرّضا عليهِ السّلام القدحُ فيهِ و قلّةُ معرفتِه بإمامِ زمانِه عليٍّ بنِ موسى الرّضا عليهِ السّلام. (مُنتهى الآمال: 2 / 361).  الرأيُ الثاني: فهوَ للشيخِ المُفيدِ حيثُ لم ينقُل روايتي الكُليني والصدوقِ في كتابِه الإرشاد الذي خصّصَه لتاريخِ وسيرةِ المعصومينَ (صلواتُ اللهِ عليهم أجمعين)، فإنّهُ ذكرَ – في فصلِ: عددُ ذكرِ أولادِه وطرفٌ مِن أخبارِهم - بعضَ الأخبارِ المادحةِ للسيّدِ أحمد ومحمّدٍ وإبراهيم أبناءِ الإمامِ الكاظم (عليهِ السلام)، ثمَّ قال: ولكلِّ واحدٍ مِن ولدِ أبي الحسنِ موسى (عليهِ السلام)، فضلٌ ومنقبةٌ مشهورة، وكانَ الرّضا (عليهِ السلام) المُقدّمِ عليهم في الفضلِ على حسبِ ما ذكرناه. (الإرشادُ للمُفيد: 2 / 246). وهذا النصُّ بعمومِه يشملُ العبّاسَ أيضاً. وعليهِ: فالشيخُ المُفيدُ يرى أنّ للعبّاسِ فضلاً ومنقبة! وربّما يقالُ في تأييدِه: عدَّ الشيخُ الطوسي لهُ مِن أصحابِ الكاظم، وقالَ أنّه ثقة. (رجالُ الطوسي، ص339) ولكنَّ النسخَ المُعتبرةَ لرجالِ الطوسي خاليةٌ مِن ذكرِه، فلا يمكنُ إثباتُه بنُسخةٍ غيرِ مُعتبرةٍ، كما قالَ المامقانيُّ والخوئي. (تنقيحُ المقال: 38 / 508، معجمُ رجالِ الحديثِ للخوئي: 10 / 267).  الرأيُ الثالث: مجهوليّةُ حالِه: فقد ذهبَ السيّدُ الخوئي إلى أنّه مجهولُ الحال، قالَ: إنَّ العبّاسَ هذا وإن لم تثبُت وثاقتُه، إلّا أنّه لا يمكنُ الجزمُ بانحرافِه أيضاً، فإنَّ روايتي الكافي والعيونِ كلتيهما ضعيفتان. (معجمُ رجالِ الحديثِ للخوئي: 10 / 267).  وأمّا بالنسبةِ إلى السؤالِ الثالث: أينَ يقعُ قبرُ العبّاسِ بنِ الإمامِ موسى الكاظم، وهل هناكَ إشكالٌ في زيارةِ قبرِه؟ لا يُعرَفُ قبرُ العبّاسِ بنِ الإمامِ الكاظمِ (ع) على وجهِ القطعِ واليقين، ولكنَّ اثنان مِن أولادِ الإمامِ الكاظمِ (ع) مدفونانِ في الصحنِ الكاظمي، يقالُ أنّ أحدَهما العباس. قالَ السيّدُ مهدي القزويني: ومِن أولادِ الأئمّةِ قبرانِ مشهورانِ في مشهدِ الإمامِ موسى بنِ جعفرٍ أنّهم مِن أولادِ الكاظمِ غيرِ معروفين، ويقالُ: فيهم قبر العبّاسِ بنِ الكاظم، وفيهِ قدح. (المزارُ للقزويني، ص139، ونقلَه السيّدُ حسون البراقي في الأضرحةِ والمزارات، ص110). قالَ السيّدُ جعفرٌ بحرُ العلوم: وأمّا المرقدانِ في صحنِ الكاظمينِ عليهما السّلام فيقالُ إنّهما مِن أولادِ الكاظمِ عليهِ السلام ولا يعلمُ حالُهما في المدحِ والقدح، ولم أرَ مِن تعرّضَ لهذينِ المرقدين، نعَم ذكرَ العلّامةُ السيّدُ مهدي القزويني في مزارِ كتابِه فلكُ النجاة – وذكرَ كلامَه المُتقدّمَ آنفاً وقالَ: -قلتُ: والمكتوبُ في لوحِ زيارةِ المرقدينِ أنَّ أحدَهما إبراهيمُ وقد تقدّمَ أنّه أحدُ المدفونينَ في الصحنِ الكاظميّ والآخرُ إسماعيل، ولعلَّ الذي يُعرَفُ بإسماعيل هوَ العبّاسُ بنُ موسى، وقد عرفتَ ذمَّه مِن أخيهِ الرّضا عليهِ السلام بما لا مزيدَ عليه، ويؤيّدُه ما هوَ شائعٌ على الألسنةِ مِن أنَّ جدي بحرَ العلوم طابَ ثراه لمّا خرجَ منَ الحرمِ الكاظمي أعرضَ عن زيارةِ المشهدِ المزبور، فقيلَ له في ذلك، فلم يلتفِت. (تحفةُ العالمِ في شرحِ خُطبة المعالم: 2 / 63.) وقالَ السيّدُ حُسين أبو سعيدة: العبّاسُ بنُ موسى الكاظم: مرقدُه معَ والدِه (ع)، كانَ بارِزاً مُشخّصاً في مقابرِ قريش، المعروفةِ حاليّاً بالكاظميّة ... وقد تلاشى بعدَ حدوثِ مراحلِ تطويرِ المشهدِ المُشرّف ... (تاريخُ المشاهدِ المُشرّفة: 1 / 69 – 70).إذن: فالمعروفُ والمشهورُ بينَ العلماءِ أنّ قبرَ العبّاسِ في الكاظميّة، ولم يُعرَف له قبرٌ في غيرِ هذا الموضعِ، وأمّا القبّةُ المُشيّدةُ المنسوبةُ للعبّاسِ بنِ الإمامِ الكاظم (ع) في منطقةِ: أبو عراميط، مِن توابعِ الشطرةِ، في محافظةِ ذي قار الناصريّة، فهوَ مُستحدَثُ النسبةِ إلى العبّاس، فلم يذكُره أحدٌ منَ العُلماء، ولم يتعرَّض له الشيخُ حرزُ الدينِ في مراقدِ المعارف، وليسَ منَ البعيدِ أنّه لأحدِ السادة، ولكنّه ليسَ للعبّاسِ بنِ الإمامِ الكاظمِ (ع)، قالَ حسينٌ أبو سعيدة: والمُرجّحُ عندي أنّ هذهِ النسبةَ نشأت في النصفِ الأوّلِ منَ القرنِ الرابعَ عشرَ الهجري، على ألسنةِ سوادِ الناس، نظراً لتشابهِ الأسماءِ وغيرِها منَ الاعتباراتِ ... وزبدةُ القولِ في صحّةِ مرقدِ أمّ عراميط: المُرجّحُ بقوّةٍ أنّهُ مِن أحفادِ السيّدِ الحسنِ بنِ عُبيدِ اللهِ بنِ العبّاس (ع) بطلُ كربلاء أمّا كونُه العبّاسُ بنُ موسى الكاظمِ (ع) فهذا منَ المُستبعدِ جدّاً ولعدمِ الصحّةِ أقربُ وللجعلِ أصدَق. إلخ كلامُه فراجعه. (تاريخُ المشاهدِ المُشرّفة: 1 / 72). وما يقالُ مِن أنّه مدفونٌ بجنوبِ بجنورد في إيران، غيرُ صحيحٍ، ولعلّه قبرُ أحدِ السادةِ أو الأولياء، وليسَ قبراً للعبّاسِ بنِ الإمامِ الكاظمِ عليهِ السلام. أمّا زيارتُه: فقد تقدّمَ أنَّ السيّدَ محمّداً مهدي بحر العلوم كانَ يُعرِضُ عن زيارةِ مرقدِه المعروفِ أنّه في الكاظميّة.  والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.