أن ثورة الحسين لم تمنع استمرار شتم علي بن أبي طالب ولا قتل الأبرياء. 

ثورة الحسين لم تمنع استمرار شتم أبيه علي بن ابي طالب على منابر الأمويين حتى عهد عمر بن عبد العزيز الذي تولى الخلافة الاموية عام 99 للهجرة والذي أمر بمنع شتم علي.. ولم تمنع اغتصاب النساء وقتل الأبرياء في مجزرة الحرة عام 63 للهجرة ولم تمنع تفرق المسلمين ... فهل يصح أن نقول أنه لو لا قتل الحسين وثورته لما استقام دين محمد؟! فأي استقامة هذه؟!!

: اللجنة العلمية

لقد أيقظت ثورة الحسين (عليه السلام) النفوس وأشعلت فيها جذوة الرفض للظلم والظالمين إلى يوم القيامة، ولو عدنا إلى المعارضة وإلى الثورات التي قامت على الأمويين بعد استشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) لعرفنا عمق هذه الثورة وأبعادها.

فقد ثار على الأمويين بعد الحسين (عليه السلام) مواجهاً طغيانهم, عبد الله بن عفيف الأزدي الذي ردّ على عبيد الله بن زياد بعد يوم واحد فقط من واقعة الطف قوله وقد صعد المنبر منتشياً بقتل الحسين (عليه السلام) يخاطب الناس: ((الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله، ونصر الأمير يزيد وأشياعه، وقتل الكذاب بن الكذاب)).

فانبرى له عفيف بن عبد الله الأزدي وكان رجلاً طاعن في السن مكفوف البصر فصاح به وسط الناس: 

((يابن مرجانة! إن الكذاب بن الكذاب أنت وأبوك ومن استعملك وأبوه، أتقتلون أبناء النبيين وتتكلمون بهذا الكلام على منابر المسلمين)). فأمر ابن زياد بقتله فتقدّم للشهادة وهو يقول: الحمد لله الذي رزقني الشهادة بعد اليأس منها.

ثم جاءت بعد أشهر فقط ثورة المدينة التي قام بها الصحابة وأبناء الصحابة حين رأوا المنكرات من يزيد بما لا يمكن السكوت عليه ومن إقدامه على قتل ريحانة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم), فنقضوا بيعته وطردوا والي يزيد على المدينة عثمان بن محمد بن أبي سفيان ومن معه من بني أمية.

ثم تلتها ثورة التوابين وكانت بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي سنة 65 هجرية والتي كان شعارها يالثارات الحسين.

ثم تلتها ثورة المختار الثقفي الذي اقتص من قتلة الحسين (عليه السلام) وطاردهم تحت كل حجر ومدر.

ثم جاءت ثورة صالح بن مسرح التميمي التي يدعو فيها إلى إقامة العدل ومحاربة الجور حتى قتل سنة 76 هجرية.

ثم جاءت ثورة مطرف بن المغيرة الذي أعلن خلع عبد الملك بن مروان والحجاج بن يوسف الثقفي ودعا إلى جهاد الظالمين الذين يستأثرون بالفيء ويدعون كتاب الله؛ فقتل هو وأصحابه سنة 77 هجرية. 

ثم جاءت ثورة عبد الرحمن بن الأشعث الذي كان يدعو إلى كتاب الله وسنة نبيه وخلع أئمة الظلم، وقد قتله الحجاج سنة 81 هجري. 

ثم جاءت ثورة زيد الشهيد بن الإمام السجاد (عليه السلام) في عام 122 هجري, وهو يدعو لرفض حكم الظلم والظالمين والدفع عن المستضعفين، حتى قضي مصلوبا شهيداً.

ثم جاءت ثورة ابنه يحيى بن زيد بن علي (عليه السلام)، وقد استشهد عام 127 هجري.

وبعدها جاءت ثورة الحارث بن سريج وقد قتل عام 127 هجري.

وفي عام 129 ثار أبو مسلم الخراساني الذي توجت ثورته بسقوط دولة بني أمية إلى الأبد عام 132 هجري.

فكلّ هذه الثورات كانت جذوتها شرارة كربلاء ونهضة الإمام الحسين (عليه السلام) .. ومازالت هذه الثورة المباركة نبراساً للحق يهتدي بنورها دعاة الإصلاح من مختلف الأديان والطوائف والمذاهب والقوميات يطلبون بها العزة والرفعة لأمور دينهم ودنياهم.