لماذا ولدَ الإمامُ عليّ داخلَ الكعبةِ ولم يولَد غيرُه؟
السلامُ عليكُم ورحمة الله وبركاته ممّا لا شكَّ فيه أنَّ ولادةَ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام) في الكعبةِ فضيلةٌ ومنزلةٌ تدلُّ على عظيمِ شأنِه عندَ اللهِ تعالى، فالكعبةُ لا تنشقُّ لتدخلَ فاطمةُ بنتُ أسد ومِن ثمَّ تعودُ إلى حالِها إلّا بإرادةٍ إلهيّة، ممّا يعني أنَّ اللهَ هوَ الذي اختارَ جوفَ الكعبةِ ليكونَ مكاناً لولادتِه المُباركة، وقد كانَ بالإمكانِ حدوثُ ذلكَ بشكلٍ طبيعيّ كأن تدخلَ فاطمةُ بنتُ أسد عبرَ بابِ الكعبة، إلّا أنَّ اللهَ أرادَ أن يكونَ دخولُها بشكلٍ إعجازي ليتأكّدَ للجميعِ بأنَّ استقبالَ الدّنيا للإمامِ (عليهِ السلام) كانَ بتدخّلٍ مُباشرٍ منَ اللهِ تعالى. وعليهِ فإنَّ مُجرّدَ اختصاصِ أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام) بهذهِ الفضيلةِ يُغني عن السؤالِ لماذا لم يولَد فيها غيرُه؟ لأنَّ الإجابةَ حينَها ستكونُ لأنَّ اللهَ جعلَها له خاصّةً فلو شاركَه غيرُه لما كانَت له فضيلةٌ، وهذا ما أكّدَه الحاكمُ النيسابوريُّ بقولِه: ولدَ أميرُ المؤمنينَ عليٌّ بنُ أبي طالب بمكّةَ في بيتِ اللهِ الحرام ليلةَ الجُمعةِ لثلاثَ عشرةَ ليلةٍ خلَت مِن رجب سنةَ ثلاثينَ مِن عامِ الفيلِ ولم يولَد قبلَه ولا بعدَه مولودٌ في بيتِ اللهِ الحرام سِواهُ إكراماً له بذلك، وإجلالاً لمحلِّه في التعظيم. وقد تواترَ خبرُ ولادتِه (عليهِ السلام) في الكعبةِ في جميعِ مصادرِ المُسلمينَ السنّةِ والشيعة، وصرّحَ الحاكمُ بهذا التواترِ بقولِه: (وقد تواترَت الأخبارُ أنَّ فاطمةَ بنتَ أسد ولدَت أميرَ المؤمنين عليّاً بنَ أبي طالبٍ كرّمَ اللهُ وجهَه في جوفِ الكعبة) وهذا اعترافٌ بكثرةِ الأخبارِ التي روَت الحادثةَ، وقد بحثَها العلّامةُ الأمينيُّ مُفصّلاً في كتابِه الغدير حيثُ جمعَ المصادرَ الحديثيّةَ والتاريخيّةَ التي تناولَت ذلكَ يمكنُ للمُهتمِّ مراجعتُه. إلّا أنَّ البعضَ وكالعادةِ حاولَ نفيَ هذهِ الفضيلةِ عن أميرِ المؤمنينَ (عليهِ السلام) معَ كثرةِ الأخبارِ وشهرتِها، حيثُ أدّعيَ بحسبِ روايةِ مُسلمٍ بأنَّ حكيماً بنَ حازمٍ هوَ الذي ولدَ في الكعبة، معَ أنّه أسلمَ بعدَ الفتحِ وكانَ منَ المؤلّفةِ قلوبُهم، ولا يمكنُ قبولُ مثلِ هذا الخبرِ في قبالِ كلِّ الأخبارِ التي وصفَها الحاكمُ بالتواتر.
اترك تعليق