بدايةُ تشريعِ الصلاةِ والأذان

في اي سنه تم اقرار الصلاة فريضة هل عندما كان المسلمون في مكة ام عندما هاجروا الى المدينه وهل ايات الصلاة مدنية ام مكية ؟؟

: السيد رعد المرسومي

السلامُ عليكُم ورحمةُ الله،بعدَ البحثِ والتدقيقِ في كتبِ الحديثِ المُعتبرة تبيّنَ لنا وجودُ رواياتٍ مُعتبرةٍ توضّحُ أنّ بدايةَ تشريعِ الأذانِ والصلاةِ كانَ في ليلةِ الإسراءِ والمعراجِ أي حينَ كانَ رسولُ الله (صلّى اللهُ عليهِ وآله) بمكّة. [ينظر: الكافي 3: 302 حديثُ (1) كتابُ الصلاةِ بابُ (بدءِ الأذانِ والإقامة)، 8: 122 حديث (93)، تهذيبُ الأحكامِ 2: 60 حديثُ (210) بابُ (عددِ فصولِ الأذانِ والإقامة)، مَن لا يحضرُه الفقيه 1: 282 حديث (864) الأذانُ والإقامةُ وثوابُ المُؤذّنين].  وبذلكَ يكونُ تشريعُهما في وقتٍ واحد؛ إذ أنّ جبرائيلَ أذّنَ وأقامَ في تلكَ الليلةِ بالطريقةِ التي عليها اليومَ الأذانُ والإقامة. نعم، هناكَ اختلافٌ بينَنا وبينَ علماءِ العامّةِ في تشريعِ الأذان، وأنّه متى حصلَ هل في مكّةَ أو المدينة؟ وهل حصلَ لرؤيا رآها عبدُ اللهِ بنُ زيد، أو لوحيٍ منَ السماء، وغيرِ ذلكَ منَ الاختلافات؟ والرواياتُ الواردةُ عن أهلِ البيت (ع) توضّحُ لنا ذلك: 1- في الروايةِ عن أبي عبدِ اللهِ (عليهِ السلام) أنّه سألَ: يا عُمرَ بنَ أُذينة! ما ترى هذه الناصبةُ في أذانِهم وصلاتِهم؟ فقالَ: جُعلتُ فداك! إنّهم يقولونَ: أنّ أُبيّ بنَ كعبٍ الأنصاري رآهُ في النوم. فقالَ (عليهِ السلام): (كذبوا والله، إنّ دينَ اللهِ تعالى أعزّ مِن أن يُرى في النوم). [عللُ الشرائعِ 2: 312 حديثُ (1) بابُ (عللِ الوضوءِ والأذانِ والإقامة)]. 2- وفي نصٍّ آخر: أنّه (عليهِ السلام) قالَ: (ينزلُ الوحيُ به على نبيّكُم فتزعمون َأنّه أخذَه عن عبدِ اللهِ بنِ زيد). [ذكرى الشيعةِ 3: 195 البابُ السابعُ في الأذانِ والإقامة]. 3- وعن أبي العلاءِ، قالَ: قلتُ لمُحمّدٍ بنِ الحنفيّة: إنّا نتحدّثُ أنّ بدءَ هذا الأذانِ كانَ مِن رؤيا رآها رجلٌ منَ الأنصارِ في منامه، قالَ: ففزعَ لذلكَ محمّدٌ بنُ الحنفيّةِ فزعاً شديداً، وقالَ: أعمدتُم إلى ما هوَ الأصلُ في شرائعِ الإسلامِ ومصالحِ دينِكم فزعمتُم أنّه مِن رؤيا رآها رجلٌ منَ الأنصارِ في منامِه تحتملُ الصدقُ والكذب، وقد تكونُ أضغاثَ أحلام؟! قالَ: فقلتُ: هذا الحديثُ قد استفاضَ في الناسِ. قالَ: هذا واللهِ هوَ الباطل....، ثمّ قالَ: وإنّما أخبرَني أبي: أنّ جبرائيلَ (عليهِ السلام) أذّنَ في بيتِ المقدسِ ليلةَ الإسراءِ وأقام، ثمّ عادَ جبرائيلُ الأذانَ لمّا عُرجَ بالنبيّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم) إلى السماء. [السيرةُ الحلبيّة 2: 301]. 4- وقد سُئلَ الحُسينُ (عليه السلام) عن الأذانِ وما يقولُ الناس؟ فقالَ: (الوحيُ ينزلُ على نبيّكُم وتزعمونَ أنّه أخذَ الأذانَ عن عبدِ اللهِ بنِ زيد؟! بل سمعتُ أبي عليّاً بنَ أبي طالب يقولُ: أهبطَ اللهُ ملكاً حينَ عرجَ رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم)، فأذّنَ مثنى مثنى، وأقامَ مثنىً مثنى، ثمّ قالَ له جبرائيل: يا محمّد! هكذا أذانُ الصّلاة). [مستدركُ الوسائل 4: 17 حديثُ (4061) أبوابُ الأذانِ والإقامة]. 5- وعن زيدٍ بن ِعلي، عن آبائِه (عليهِ السلام): (أنّ رسولَ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم) عُلّمَ الأذانَ ليلةَ أُسري به، وفرضَت عليهِ الصّلاة). [الدرُّ المنثور 4: 154 سورةُ الإسراء]. وعن أنسٍ: أنّ جبرائيلَ أمرَ النبيَّ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم) بالأذانِ حينَ فُرضَت الصلاةُ). [فتحُ الباري 2: 63 بابُ بدءِ الأذان]. وعن أبي جعفرٍ (عليهِ السلام)، قالَ: (لمّا أُسريَ برسولِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم) إلى السماءِ، فبلغَ البيتَ المعمورَ وحضرَتِ الصّلاةُ، فأذّنَ جبرائيلُ وأقام، فتقدّمَ رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم)، وصفّ الملائكةُ والنبيّونَ خلفَ مُحمّدٍ (صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم) ). [الكافي 3: 302 حديث (1) كتابُ الصلاةِ بابُ (بدءِ الأذانِ والإقامة)].وينبغي أنّ يُعلمَ أنّ الصلاةَ وإن كانَ تشريعُها في مكّة، لكنّها فُرضَت على المُسلمينَ في المدينةِ المنوّرة حينَ ظهرَت الدعوةُ وقويَ الإسلام، ويدلُّ عليه ما ذكرَه الصدوقُ في عللِ الشرائعِ (324) بإسنادِه إلى سعيدٍ بنِ المسيّب قالَ: سألتُ عليّاً بنَ الحُسين - صلواتُ اللَّهِ عليه وآله - فقلتُ له: متى فرضَت الصّلاةُ على المُسلمينَ على ما هُم اليومَ عليه؟ قالَ: فقال: بالمدينةِ حينَ ظهرَت الدّعوةُ وقويَ الإسلام، وكتبَ اللَّهُ - عزّ وجلّ - على المُسلمينَ الجهاد ، زادَ رسولُ اللَّه - صلَّى اللَّهُ عليهِ وآله - في الصّلاة. سبعَ ركعاتٍ، في الظَّهرِ ركعتين، وفي العصرِ ركعتين، وفي المغربِ ركعة ، وفي العشاءِ الآخرةِ ركعتين .وأقرّ الفجرَ على ما فُرضَت بمكّةَ لتعجيلِ عروجِ ملائكةِ اللَّيلِ إلى السّماء، ولتعجيلِ نزولِ ملائكةِ النّهارِ إلى الأرضِ، فكانَ ملائكةُ النّهارِ وملائكةُ اللَّيلِ يشهدونَ مع رسولِ اللَّه - صلَّى اللَّهُ عليهِ وآله - صلاةَ الفجر ، فلذلكَ قالَ - عزّ وجلّ - : « وقُرآنَ الفَجرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كانَ مَشهُوداً » يشهدُه المُسلمونَ ويشهدُه ملائكةُ النّهارِ وملائكةُ اللَّيل. وأمّا آياتُ الصلاةِ كقولِه تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذهِبنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود : 114].وقولهُ تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيلِ وَقُرآنَ الفَجرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كَانَ مَشهُودًا} [الإسراء : 78]. {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعبُدنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكرِي} [طه : 14]. {اتلُ مَا أُوحِيَ إِلَيكَ مِنَ الكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنهَى عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنكَرِ وَلَذِكرُ اللَّهِ أَكبَرُ وَاللَّهُ يَعلَمُ مَا تَصنَعُونَ} [العنكبوت : 45]. فهذهِ الآياتُ كلّها مكيّةٌ كما في مجمعِ البيانِ للعلّامةِ الطبرسيّ. ودمتُم سالِمين.