لماذا لم يتمَّ الاقتصاصُ مِن جعدة ؟

ما سببُ زواجِ عبدِ اللهِ بنِ عبّاس مِن جعدةَ وهيَ مُتّهمةٌ بقتلِ إمامِه الحسنِ عليهِ السلام، ألا يشكّكُ ذلكَ بصحّةِ اتّهامِها؟ ولماذا لم يتمَّ الاقتصاصُ مِنها لو ثبتَ ذلك؟

:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : أمّا بالنسبةِ إلى تزويجِها مِن ابنِ عبّاس: فجوابُه: أنَّ عبدَ اللهِ بنَ عبّاس لم يتزوَّج مِن جُعدةَ بنتِ الأشعثِ بنِ قيس الكندي، إنّما الذي تزوّجَها هوَ ولدُه العبّاسُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبّاس بعدَ أن قُتلَ زوجَها الثاني يعقوبَ بنَ طلحةَ بنِ عبيدِ الله في واقعةِ الحرّةِ سنةَ (63هـ)  أي أنَّ لجعدةَ ثلاثةَ أزواجٍ. الأوّلُ هوَ الإمامُ الحسنُ عليهِ السلام. الثاني هوَ يعقوبُ بنُ طلحةَ بنِ عُبيدِ الله بنِ عثمانَ التيمي. الثالثُ هوَ العبّاسُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبّاسٍ بنِ عبدِ المُطّلب. راجِع (أنسابُ الأشرافِ للبلاذريّ ج 3 / ص15). وأمّا قتلُها لسبطِ النبيّ الحسنِ المُجتبى عليهِ السلام بالسمِّ فهوَ ممّا اتّفقَ على نقلِه أهلُ التاريخِ وأربابُ السّيرِ بخاصِّه وعامِّه ولا مجالَ للشكِّ فيه. ذكرَ الكُلينيّ رحمَه اللهُ في الكافي. عن سَهلٍ بن زِيَادٍ عَن يَعقُوبَ بنِ يَزِيدَ أَو غَيرِهِ عَن سُلَيمَانَ كَاتِبِ عَلِيِّ بنِ يَقطِينٍ عَمَّن ذَكَرَهُ عَن أَبِي عَبدِ اللَّهِ (عليهِ السلام) قَالَ إِنَّ الأَشعَثَ بنَ قَيسٍ شَرِكَ فِي دَمِ أَمِيرِ المُؤمِنِينَ (عليهِ السلام) وَابنَتُهُ جَعدَةُ سَمَّتِ الحَسَنَ (عليهِ السلام) وَمُحَمَّدٌ ابنُهُ شَرِكَ فِي دَمِ الحُسَينِ (عليهِ السلام). (الكافي ج 8 بابُ الرقّةِ والبكاءِ عندَ سماعِ قراءةِ القرآن ح 187/ ص 167). قالَ ابنُ الأثيرِ الجزري في أسدِ الغابة.  وكانَ سببُ موتِه أنَّ زوجتَهُ جعدةَ بنتَ الأشعثِ بنِ قيسٍ سقتهُ السمَّ فكانَت تضعُ تحتَه طستاً وترفعُ أخرى نحوَ أربعينَ يوماً فماتَ منه ولمّا اشتدَّ مرضُه قالَ لأخيهِ الحُسين رضيَ اللهُ عنهما : يا أخي سُقيتُ السمَّ ثلاثَ مرّاتٍ لم أسقَ مثلَ هذهِ إنّي لأضعُ كبدي قالَ الحسينُ : مَن سقاكَ يا أخي قالَ : ما سؤالُكَ عَن هذا أتريدُ أن تقاتلَهم.  (أسدُ الغابةِ في معرفةِ الصّحابة لابنِ الأثيرِ الجزري ج1/ ص 261). وقالَ البلاذريّ في أنسابِ الأشراف:  إنَّ معاويةَ دسَّ إلى جعدةَ بنتِ الأشعثِ بنِ قيسٍ امرأةِ الحسنِ وأرغبَها حتّى سمَّته وكانَت شانئةً له. (أنسابُ الأشرافِ للبلاذري ج3 / ص 55) وأمّا عدمُ القصاصِ مِنها، فأمرُه مرهونٌ بالظروفِ السياسيّةِ التي كانَت تحيطُ بالإمامِ الحُسين عليهِ السلام الذي كانَ يُمثّلُ وليَّ الدمِ خصوصاً وأنَّ جعدةَ هيَ بنتُ كبيرِ المُنافقينَ وأساسِ الفِتن  (الأشعثُ بنُ قيس) الذي تربطهُ علاقاتٌ متينةٌ معَ رأسِ البغي ( معاويةُ بنُ أبي سفيان).