نعلمُ أنَّ الأنبياءَ لا يأكلونَ مِن أموالٍ ملوّثةٍ بالحرامِ، كيفَ تربّى نبيُّ اللهِ موسى عليهِ السلام في بيتِ فرعون ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته : إذا رجَعنا للقرآنِ الكريمِ ووقَفنا على تفاصيلِ الأحداثِ التي مرَّت على نبيّ اللهِ موسى (عليهِ السلام) لوجَدنا أنَّ اللهَ هوَ الذي تكفّلَ برعايتِه في كلِّ خطوةٍ مِن خطواتِ حياتِه، فمثلاً سورةُ القصصِ منَ الآيةِ السابعةِ إلى الآيةِ الثالثةِ عشر تحكي عن رعايةِ اللهِ له منذُ لحظاتِ ولادتِه، حيثُ قالَ تعالى: (وَأَوحَينَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَن أَرضِعِيهِ ۖ فَإِذَا خِفتِ عَلَيهِ فَأَلقِيهِ فِي اليَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحزَنِي ۖ إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ المُرسَلِينَ (7) فَالتَقَطَهُ آلُ فِرعَونَ لِيَكُونَ لَهُم عَدُوًّا وَحَزَنًا ۗ إِنَّ فِرعَونَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ (8) وَقَالَتِ امرَأَتُ فِرعَونَ قُرَّتُ عَينٍ لِّي وَلَكَ ۖ لَا تَقتُلُوهُ عَسَىٰ أَن يَنفَعَنَا أَو نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُم لَا يَشعُرُونَ (9) وَأَصبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا ۖ إِن كَادَت لَتُبدِي بِهِ لَولَا أَن رَّبَطنَا عَلَىٰ قَلبِهَا لِتَكُونَ مِنَ المُؤمِنِينَ (10) وَقَالَت لِأُختِهِ قُصِّيهِ ۖ فَبَصُرَت بِهِ عَن جُنُبٍ وَهُم لَا يَشعُرُونَ (11) وَحَرَّمنَا عَلَيهِ المَرَاضِعَ مِن قَبلُ فَقَالَت هَل أَدُلُّكُم عَلَىٰ أَهلِ بَيتٍ يَكفُلُونَهُ لَكُم وَهُم لَهُ نَاصِحُونَ (12) فَرَدَدنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَي تَقَرَّ عَينُهَا وَلَا تَحزَنَ وَلِتَعلَمَ أَنَّ وَعدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكثَرَهُم لَا يَعلَمُونَ (13)).كلُّ تلكَ التفاصيلِ تدلُّ على أنَّ يدَ الغيبِ هي َالتي تكفّلَت برعايةِ نبيّ اللهِ موسى (عليهِ السلام)، بل حتّى موضوعُ الرّضاعةِ لم يجرِ وِفقاً للأسبابِ الطبيعيّةِ حيثُ حرّمَ اللهُ عليهِ جميعَ المراضعِ حتّى يُرجعَه إلى أمِّه مِن جديد، وقد أكّدَت الآيةُ التاسعةُ والثلاثونَ مِن سورةِ طهَ هذا الأمرَ بشكلٍ واضحٍ حيثُ قالَ تعالى: (أَنِ اقذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقذِفِيهِ فِي اليَمِّ فَليُلقِهِ اليَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأخُذهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ ۚ وَأَلقَيتُ عَلَيكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصنَعَ عَلَىٰ عَينِ)، فقولهُ (وَلِتُصنَعَ عَلَىٰ عَينِ) تدلّلُ بشكلٍ قطعيٍّ على أنَّ جميعَ ما جرى على موسى (عليهِ السلام) كانَ بعينِ اللهِ تعالى، وبالتالي لا يمكنُ أن نتصوّرَ دخولَ أيّ مالٍ مُلوّثٍ إلى جوفِه عليهِ السلام، إذ كيفَ يمكنُ تصوّرُ ذلكَ وقد كانَت صناعتُه وتربيتُه تجري بعينِ اللهِ تعالى؟ ففي الآيةِ الواحدةِ والأربعين مِن سورةِ طه تصريحٌ بذلكَ حيثُ قالَ تعالى: (وَاصطَنَعتُكَ لِنَفسِ)، أي أنَّ موسى كانَ خالصاً للهِ تعالى في كلِّ تفصيلٍ مِن تفاصيلِ حياتِه.
اترك تعليق