ما صحّةُ نسبةِ كتابِ بصائرِ الدرجاتِ إلى مؤلّفِه الصفّارِ رحمَه اللهُ تعالى؟
السلامُ عليكُم ورحمةُ الله،يُعدُّ كتابُ بصائرِ الدرجاتِ أحدَ مصادرِ الحديثِ عندَ الشيعةِ الإماميّة، ألّفَه الشيخُ الجليلُ الثقةُ أبو جعفرٍ محمّدٌ بنُ الحسنِ بنُ فروخ الصفّار، المعروفِ بالصفّارِ القُمّي (المتوفّي 290 ق) وهوَ مِن أصحابِ الإمامِ الحسنِ العسكريّ ومِن أعلامِ القرنِ الثالثِ الهجري، جمعَ فيهِ أحاديثَ حولَ أئمّةِ الشيعة، مِن فضائلِهم وعلمِهم وولايتِهم. وقد ترجمَ لأبي جعفرٍ مُحمّدٌ بنُ الحسنِ بنِ فروخ ، المعروفِ بالصفّارِ القمّي، كلٌّ منَ النجاشيّ والطوسيّ في رجالِهما وغيرِ واحدٍ مِن أصحابِنا الإماميّة، وهوَ أحدُ المُحدّثينَ وفقهاء ِالشيعة، وكانَ مِن أصحابِ الإمامِ الحسنِ العسكري، وكانَ له مكاتباتٌ سرّيّةٌ معَه في زمنِ الدولةِ العبّاسيّةِ عن استفساراتِ الشيعة، فكانَ يجيبُه الإمامُ وهوَ يوصلُها إلی الشيعةِ. فكانَ يربطُ الشيعةَ بإمامِهم وقد روى عن الإمامِ الكثيرَ منَ الرواياتِ ولذلكَ له مكانةٌ رفيعةٌ عندَ الشيعة. اعتمدَ الشيخُ الكُليني على كثيرٍ منَ الرواياتِ التي نقلَها الصفَّارُ عن الأئمّةِ، وكذلكَ الشيخُ الصّدوقُ والطوسيّ وغيرُهما منَ الأعلام. وقالَ عنه الشيخُ أحمد النجاشي في رجالِه: «كانَ وجهاً في أصحابِنا القمّيّينَ ثقةً عظيمَ القدرِ راجحاً» لهُ مؤلّفاتٌ كثيرةٌ، مِنها: كتابُ الصلاةِ، الوضوءِ، كتابُ الصيامِ، الحجِّ، النكاحِ، الطلاق، المزارِ، الردّ على الغلاةِ، التقية، المناقب، ما رويَ في أولادِ الأئمّة، الجهاد وبصائر الدرجات. وطريقُه إلى بصائرِ الدرجاتِ أخبرَه به شيخُه أبو عبدِ الله بنُ شاذان قالَ حدّثنا أحمدُ بنُ محمّدٍ بنِ يحيى عن أبيهِ عن الصفّارِ بجميعِ كُتبِه وببصائرِ الدرجات. توفّيَ الصفّارُ القُمّي، في مدينةِ قُم، سنةَ 290 هـ ودُفنَ فيها. [ينظر: فهرستُ النجاشيّ، (ص354) رقمُ الترجمة (948)، وفهرستُ الطوسيّ، ترجمة رقم (622)، وموسوعةُ طبقاتِ الفُقهاء للسبحانيّ (ج3/ص492)]. ويعدُّ كتابُ بصائرِ الدرجاتِ منَ الكُتبِ الكلاميّةِ الشيعيّةِ وهوَ يشتملُ علی أحاديثَ حولَ أئمّةِ الشيعة، مِن فضائلِهم وعلمِهم وولايتِهم. ألّفَه المُصنّفُ في البدايةِ علی شكلِ كتابٍ صغيرٍ بحجمٍ مُختصر ثمَّ أضافَ عليهِ وزادَه ورتّبَه، ولهذا توجدُ نُسختانِ مِن هذا الكتاب، إحداهُما تُسمّى ببصائرِ الدرجاتِ الصُّغرى والأخری ببصائرِ الدرجاتِ الكُبرى. يشتملُ الكتابُ علی 1881 حديثاً وذلكَ في عشرةِ أجزاء وكلُّ جزءٍ مُقسّمٌ على 10 إلى 24 باباً. وتوجدُ من كتابِ بصائرِ الدرجاتِ عدّةُ نُسخٍ خطيّةٍ محفوظةٍ في بعضِ المكتبات، فمِن أقدمِ النسخِ لكتابِ بصائرِ الدرجاتِ الكُبری هيَ نُسخةُ أبي النصرِ عليٍّ بنِ محمّد كتبَها في صفر سنةَ 591هـ وهيَ محفوظةٌ في المكتبةِ العامّةِ لآيةِ اللهِ المرعشيّ النجفي في مدينةِ قُم. وهناكَ نسخةٌ لكتابِ المُختصَر في مكتبةِ الحسنِ صدرِ الدين وهيَ بخطِّ مُحمّد زكي بنِ إبراهيم الجرفادقاني كتبَها سنةَ 1059، ونسخةٌ أخری موجودةٌ في مكتبةِ الحُسينيّةِ في النجفِ مِن وقفِ الحاجِّ المولى عليّ محمّد.[ الذريعةُ إلى تصانيفِ الشيعةِ للشيخِ الأجلِّ آغا بزرك الطهرانيّ (ج3/ص124)]. وهناكَ عملٌ منذُ عشراتِ السنين على النسخِ الخطيّةِ لأصلِ الكتاب، يقومُ بهِ بعضُ المُحققّينَ المُدقّقين، لإخراجِ نُسخةٍ جديدةٍ مُتميّزةٍ مِن كتابِ البصائرِ تليقُ بالكتابِ ومؤلّفه. وعليهِ فلا إشكالَ في صحّةِ نسبةِ كتابِ البصائرِ للشيخِ الصفّار (ره). ودمتُم سالِمين.
اترك تعليق