ما هو الفرق بين المعجزة والسحر؟

: الشيخ عباس الجشعمي

الجوابُ:

هنالكَ مجموعةُ فوارقَ مُهمّةٍ جدّاً بينَ المُعجزةِ والسحرِ ذكرَها عُلماءُ العقيدةِ سأذكرُها تباعاً.

الفارقُ الأوّل: إنَّ المُعجزةَ يأتي بها صاحبُها مِن دونِ سبقِ تعلّمٍ أو تمرين، بخلافِ السحرِ والشعوذةِ وما شاكلَها فإنّها تأتي بعدَ مراسٍ طويلٍ جدّاً.

فالنبيُّ موسى (عليهِ السلام) بعدَ أن انقضَت فترةُ شبابِه ذَهَبَ إلى مصر، وفي أثناءِ الطريقِ خُوطِبَ أن يا موسى ألقِ عصاكَ فإذا العَصا تتحوّلُ إلى ثعبانٍ عظيمٍ، بحيثُ استوحَشَ موسى لذلكَ. (العقيدةُ الإسلاميّةُ الشيخُ جعفرٌ سبحاني 6).

الفارقُ الثاني: عدمُ إمكانِ مُعارضةِ المُعجزة، فإنَّ المُعجزةَ لكونِها تنبُعُ مِن قُدرةِ اللهِ المُطلقة لا يمكنُ مُعارضتُها والاِتيانُ بمثلِها قط، في حينِ يمكنُ مُعارضةُ السِّحرِ والشعوذة، وما شابهَهما ممّا يفعلهُ المُرتاضونَ بمثلِها لكونِها تنشأ مِن قُدرةِ البشرِ المحدودةِ المُتناهية. (العقيدةُ الإسلاميّة الشيخُ جعفر سبحاني 7).

الفارقُ الثالث: التحدّي، فإنَّ مُدّعي النبوّةِ يتحدّى بمُعجزتِه جميعَ البشرِ أن يأتوا بمثلِ ما جاءَ به، لأنّه على يقينٍ بعجزِهم جميعاً. أمّا السحرةُ فلا، لأنّهم يعلمونَ أنَّ هنالكَ مَن يتحدّاهم ويأتي بمثلِ أو أفضلَ ممّا جاؤوا به.

الفارقُ الرّابع: عدمُ المَحدوديّة، فإنَّ معاجزَ الأنبياءِ ليسَت محدودةً بنوعٍ أو نوعين بل هيَ مُتنوّعةٌ بحيثُ لا يمكنُ الاِشارةُ إلى جامعٍ مُشتَركٍ بينَها.

فمثلاً أينَ إلقاءُ العصا وانقلابُها إلى حَيّةٍ، وإدخالُ اليدِ في الجَيب وإِخراجُها بيضاءَ تنير؟

وكذا أينَ هاتَان المُعجزتانِ وأينَ اِنباعُ الماء، واستخراجُه مِن صخرةٍ بضربةٍ مِن عصا لا غير؟

كما وأينَ هذهِ المعاجزُ الثلاثُ وأينَ تجفيفُ البحر، وفتحُ ممرّاتٍ يابسةٍ عظيمةٍ في قاعِهِ بضربةٍ مِن عصا على الحجرِ أيضاً ؟

إننّا نقرأ: إنَّ عيسى (عليهِ السلام) صنعَ منَ الطينِ كهيئةِ الطير، ثمَّ نَفَخَ فيها الروحَ فصارَت طيوراً حيَّةً بإِذنِ الله.

كما نقرأ أنّه (عليهِ السلام) كانَ بالمسحِ بيدِه على وجوهِ العميانِ وأجسادِ المُصابينَ بالبرصِ يمنحُهم الشفاء، بل ويُحيي الموتى، وينبئ عَمّا ادَّخرَه الناسُ في بيوتِهم إلى غيرِ ذلكَ منَ المعاجزِ العديدة. (العقيدةُ الإسلاميّة جعفر سبحاني 9 ).

الفارقُ الخامس: الغايةُ، فإنَّ غايةَ الأنبياءِ ساميةٌ أخرويّةٌ، وغايةُ السّحرةِ دنيئةٌ تهدفُ إلى حطمِ المزيدِ مِن حُطامِ الدّنيا.