معنى السيرةِ العُقلائيّة

ممكن توضيحُ معنى السيرةِ العُقلائيّة؟

الجواب :

السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه،

(السيرةُ العُقلائيّة): هيَ استمرارُ عادةِ العقلاءِ وتبانيهم العمليّ على فعلِ شيءٍ أو تركِ شيء. وبعبارةٍ أخرى: هيَ عبارةٌ عن اتّفاقِ العقلاءِ على سلوكٍ وعملٍ مُعيّنٍ بنحوٍ يكونُ الدافعُ نحوَه هوَ كونُهم عقلاء، وسلوكُهم لابدَّ له مِن سببٍ ومُبرّر، فلابدَّ مِن أن تكونَ هناكَ قضيّةٌ مُعيّنةٌ يؤمنونَ بها وتبرّرُ لهم هذا السلوكَ العام، مِن قبيلِ أنَّ هذا السلوكَ يُنظّمُ شؤونَهم ومعاشَهم.

وبهذا يظهرُ أنّه لو كانَت سيرةُ الناسِ تختلفُ باختلافِ الأزمنةِ والأمكنةِ أو الثقافاتِ والعاداتِ أو النحلِ والديانات، فهيَ ليسَت سيرةً عُقلائيّةً مُعتبرة؛ لأنَّ المُعتبرَ فيها أن تكونَ ناشئةً مِن عقلِ العقلاءِ بما هُم عقلاءُ بحسبِ مصالحِهم مِن دونِ مُلاحظةِ اختلافِهم في الأفكارِ والأمكنةِ والأزمنة.

ويعدُّ البحثُ عن السيرةِ العُقلائيّةِ منَ الأبحاثِ المُهمّةِ عندَ علماءِ الأصول؛ لأنّها ـ أوّلاً ـ عُمدةُ ما يُستدلُّ به على حُجّيّةِ جُملةٍ منَ الحُجج، كظواهرِ الألفاظِ وأخبارِ الآحاد، فبعضُ الحُججِ الشرعيّةِ تستندُ حُجّيّتُها على السيرةِ، ولأنّها ـ ثانياً ـ مِن جُملةِ ما يستدلُّ به الفقهاءُ على الأحكامِ الفرعيّة، خصوصاً في أبوابِ المُعاملات. 

ولمزيدٍ منَ التفصيلِ حولَ شروطِ حُجّيّةِ السيرةِ، وأدلّتِها، ومقدارِ دلالتِها، وغيرِ ذلك، يراجع: أصولُ الفقهِ للشيخِ المُظفّر ج3 ص176، وبحوثٌ في علمِ الأصول ج4 ص234، والأصولُ العامّةُ للفقهِ المُقارَن ص197، الفائقُ في الأصولِ ص3، وغيرُها.