ذكر الحمار في القران الكريم

لماذا يحتقرُ اللهُ واحداً مِن مخلوقاتِه المُجتهدةِ العاملةِ النافعةِ المُنتجة ؟.

الجواب :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

ليسَ المرادُ مِن قولِه تباركَ وتعالى: (وَاقصِد فِي مَشيِكَ وَاغضُض مِن صَوتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصوَاتِ لَصَوتُ الحَمِيرِ). (لقمان/20).

توهينَ أو تحقيرَ مخلوقاتِه، بل المرادُ شرحُ وبيانُ حالةِ ارتفاعِ الصوتِ لدى الحميرِ والتي هيَ مُستهجنةٌ لدى الطبيعةِ الإنسانيّة.

فارتفاعُ صوتِ الحميرِ مُنكَرٌ بالنسبةِ للطبيعةِ البشريّة، التي تستنكرُ وتشمئزُّ مِن كلِّ صوتٍ مُرتفعٍ جدّاً، كصوتِ الرعدِ المُدوّي، وأصواتِ الطائراتِ وغيرِها.

فالآيةُ المُباركةُ بصددِ بيانِ أنَّ الأصواتَ المُرتفعةَ لا تتلاءمُ معَ الطبيعةِ الآدميّةُ فصوتُ الحميرِ المُرتفعُ مُنكرٌ بالنسبةِ إلى الإنسانِ وليسَ هوَ مُنكرٌ مُطلقاً.

والغايةُ مِن ذلكَ هيَ تربيةُ الفردِ المُسلِم على خفضِ صوتِه حينَما يريدُ التحدّثَ معَ الآخرين.

بل إنَّ نفسَ هذهِ الآيةِ المُباركةِ قد استنكرَت صوتَ الإنسانِ المُرتفعَ في قولِه تعالى: (وَاغضُض مِن صَوتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الأَصوَاتِ لَصَوتُ الحَمِيرِ) .

فإنَّ الأمرَ بغضِّ الصوتِ معناهُ خفضُ صوتِ الإنسانِ حينَما يريدُ أن يتكلّمَ وليسَ له أن يرفعَ صوتَه كما تفعلُ الحميرُ في أصواتِها.

وعن الفرّاء: معناهُ أنَّ أشدَّ الأصواتِ.

 التبيانُ في تفسيرِ القُرآن - الشيخُ الطوسي (8/ 269)

وقالَ صاحبُ الميزان: إنَّ أنكرَ الأصواتِ لصوتُ الحميرِ لمُبالغتِها في رفعِه.

  تفسيرُ الميزان - العلّامةُ الطباطبائي (16/ 115)

وعلى هذا أصبحَ واضِحاً أنَّ الآيةَ المُباركةَ كانَت بصددِ بيانِ حالِ الحميرِ مِن جهةِ صوتِها، ولم تكُن بصددِ إهانتِها، لأنّهُ تباركَ وتعالى خلقَها على هذه الشاكلةِ، فلا معنى لتوهينِه تعالى لها.

كيفَ وهوَ تباركَ وتعالى قد مدحَها في آياتٍ أُخر.

قالَ تعالى: (وَالأَنعَامَ خَلَقَهَا لَكُم فِيهَا دِفءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنهَا تَأكُلُونَ (5) وَلَكُم فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسرَحُونَ (6) وَتَحمِلُ أَثقَالَكُم إِلَى بَلَدٍ لَّم تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُم لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (7) وَالخَيلَ وَالبِغَالَ وَالحَمِيرَ لِتَركَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخلُقُ مَا لاَ تَعلَمُونَ). (النحل/6-8).

ودُمتَ موفّقاً.