هل هناكَ روايةٌ عن الإمامِ الصادقِ (ع) تقول: حدّثوا شيعتَنا ما جرى علينا؟

: السيد رعد المرسومي

السلامُ عليكُم ورحمةُ الله،

لعلَّ السائلَ يقصدُ بسؤالِه الروايةَ المعروفةَ والمشهورةَ التي رواها الإمامُ الصادقُ (ع) التي نصّها: (أحيوا أمرَنا، رحمَ اللهُ مَن أحيا أمرَنا)، فإذا كانَ الأمرُ كذلكَ، فهذهِ الروايةُ منَ الرواياتِ المُعتبرةِ بينَ الطائفةِ المُحقّةِ التي لا خلافَ فيها بينَهم، وفيما يلي بيانُ مَن روى هذه الروايةَ ونحوَها في بيانِ إحياءِ أمرِ أهلِ البيتِ عليهم وما جرى عليهم مِن أحداثٍ وثوابِ مَن يُحيي أمرَهم.

1- في كتابِ ((قُربِ الإسناد)) للشيخِ الجليلِ الثقةِ الحميريّ (18)، قال: حدّثنا أحمدُ بنُ إسحاقَ عن بكرٍ بنِ محمّدٍ عن أبي عبدِ اللهِ عليهِ السلام قالَ لفُضيل: تجلسونَ وتحدّثون؟ قالَ: نعم جُعلت فداك. قالَ: إنّ تلكَ المجالسَ أُحِبُّها، فأحيوا أمرَنا رحمَ اللهُ مَن أحيا أمرَنا. يا فُضيل: مَن ذكرَنا أو ذُكِرنا عندَه، فخرجَ مِن عينِه مثلُ جناحِ الذباب، غفرَ اللهُ له ذنوبَه ولو كانَت أكثرَ مِن زبدِ البحر.

2- وفي كتابِ ((عيونِ أخبارِ الرّضا (ع)) للشيخِ الصدوقِ (ره)، (299) قالَ: حدّثنا محمّدٌ بنُ عليّ ماجيلويه رضيَ اللهُ عنه قالَ حدّثنا عليٌّ بنُ إبراهيم بنِ هاشم عن أبيه عن الريّانِ بنِ شبيب قالَ دخلتُ على الرّضا عليهِ السلام في أوّلِ يومٍ منَ المُحرّم فقالَ يا بنَ شبيب: أصائمٌ أنت؟ قلتُ لا. فقالَ: إنّ هذا اليومَ هوَ اليومُ الذي دعا فيهِ زكريّا عليهِ السلام ربّه عزَّ وجل فقالَ ربِّ هَب لي مِن لدُنكَ ذُريّةً طيّبةً إنّكَ سميعُ الدّعاء فاستجابَ اللهُ له وأمرَ الملائكةَ فنادَت زكريّا وهوَ قائمٌ يُصلّي في المحرابِ أنَّ اللهَ يُبشّركَ بيحيى، فمَن صامَ هذا اليومَ ثمَّ دعا اللهَ عزَّ وجل استجابَ اللهُ له كما استجابَ اللهُ لزكريّا. ثمَّ قالَ يا ابنَ شبيب: إنّ المُحرّمَ هوَ الشهرُ الذي كانَ أهلُ الجاهليّةِ يُحَرِّمُونَ فيهِ الظلمَ والقتالَ لحُرمتِه، فما عرفَت هذهِ الأمّةُ حُرمةَ شهرِها ولا حُرمةَ نبيّها، لقد قتلوا في هذا الشهرِ ذُريّتَه وسبوا نساءه وانتهبوا ثقله فلا غفرَ اللهُ لهُم ذلكَ أبداً. يا ابنَ شبيب: إن كُنتَ باكياً لشيءٍ، فابكِ للحُسينِ بنِ عليّ بنِ أبي طالب عليهم السلام، فإنّه ذُبحَ كما يُذبحُ الكبش، وقُتلَ معهُ مِن أهلِ بيتِه ثمانيةَ عشرَ رجلاً، ما لهُم في الأرضِ شبيهون، ولقد بكَت السماواتُ السبعُ والأرضونُ لقتلِه، ولقد نزلَ إلى الأرضِ منَ الملائكةِ أربعةُ آلافٍ لنصرِه، فلم يؤذَن لهُم، فهُم عندَ قبرِه شُعثٌ غُبرٌ إلى أن يقومَ القائمُ عليهِ السلام، فيكونونَ مِن أنصارِه وشعارُهم: يا لثاراتِ الحُسين عليهِ السلام. يا ابنَ شبيب: لقد حدّثني أبي عن أبيهِ عن جدّه عليهم السّلام أنّه لمّا قُتلَ جدّي الحُسين صلواتُ اللهِ عليه، أمطرَت السماءُ دماً وتراباً أحمر، يا ابنَ شبيب: إن بكيتَ على الحُسين حتّى تصيرَ دموعُك على خدّيك، غفرَ اللهُ لكَ كلَّ ذنبٍ أذنبتَه صغيراً كانَ أو كبيراً، قليلاً كانَ أو كثيراً. يا ابنَ شبيب: إن سَرّكَ أن تلقى اللهَ عزَّ وجل ولا ذنبَ عليك، فزُر الحُسين عليهِ السلام. يا ابنَ شبيب: إن سرّكَ أن تسكنَ الغُرفَ المبنيّةَ في الجنّةِ معَ النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله، فالعَن قتلةَ الحُسين. يا ابنَ شبيب: إن سرّكَ أن يكونَ لكَ منَ الثوابِ مثلُ ما لمَن استشهدَ معَ الحُسينِ بنِ عليّ عليهما السلام، فقُل متى ذكرتَه يا ليتَني كنتُ معَهم فأفوزَ فوزاً عظيماً.

يا ابنِ شبيب: إن سرّكَ أن تكونَ معنا في الدرجاتِ العُلى منَ الجنان، فاحزَن لحُزنِنا وافرَح لفرحِنا، وعليكَ بولايتِنا، فلو أنّ رجلاً أحبَّ حجراً لحشرَه اللهُ عزّ وجلَّ معَه يومَ القيامة.

3- وفي كتابِ ((ثوابِ الأعمال)) للشيخِ الصّدوق (ره)، (108)، قالَ: حدّثنا محمّدٌ بنُ موسى بنُ المتوكّلِ رضيَ اللهُ عنه قالَ حدّثنا عبدُ اللهِ بنُ جعفرٍ الحميري عن أحمدَ وعبدِ الله ابني محمّدٍ بنِ عيسى عن الحسنِ بنِ محبوب عن العلاءِ بنِ رزين عن محمّدٍ بنِ مُسلم عن أبي جعفرٍ عليهِ السلام قالَ كانَ عليٌّ بنُ الحُسين عليهما السلام يقولُ: أيّما مؤمنٍ دمعَت عيناهُ لقتلِ الحُسين عليهِ السلام حتّى تسيلَ على خدّه بوّأهُ اللهُ تعالى بها في الجنّةِ غُرفاً، يسكنُها أحقاباً، وأيّما مؤمنٍ دمعَت عيناهُ حتّى تسيلَ على خدِّه فيما مسّناً منَ الأذى مِن عَدُوِّنا في الدّنيا، بوّأهُ اللهُ في الجنّةِ مبوّءَ صدقٍ، وأيّما مؤمنٍ مسّهُ أذىً فينا فدمعَت عيناهُ حتّى تسيلَ على خدِّه مِن مضاضة ما أوذيَ فينا، صرفَ اللهُ عن وجهِه الأذى، وآمنَه يومَ القيامةِ من سخطِه والنارِ. [وينظُر أيضاً: جامعُ أحاديثِ الشيعة، للسيّدِ البروجردي، (ج ١٢/ص549)].

4- وفي كتابِ ((بحارِ الأنوار)) للعلّامةِ المجلسي، (ج ٧٨/ص٢٢١)، نقلاً عن كتابِ ((أعلامِ الدين)) للديلميّ: عن الصادقِ عليهِ السلام أنّه قالَ لخيثمة : أبلِغ موالينا السّلام وأوصِهم بتقوى اللهِ والعملِ الصّالح ، وأن يعودَ صحيحُهم مريضَهم ، وليعُد غنيُّهم على فقيرِهم : وليحضُر حيُّهم جنازةَ ميّتِهم ، وأن يتألّفوا في البيوتِ ويتذاكروا علمَ الدين ، ففي ذلكَ حياة أمرِنا ، رحمَ اللهُ مَن أحيا أمرَنا . وأعلِمهُم يا خيثمة أنّا لا نُغني عنهم منَ اللهِ شيئاً إلّا بالعملِ الصّالح، وأنّ ولايتَنا لا تنالُ إلّا بالورعِ والاجتهاد وأنَّ أشدَّ الناسِ عذاباً يومَ القيامة مَن وصفَ عدلاً ثمَّ خالفَه إلى غيرِه. ودمتُم سالِمين.