ماذا كانَ دورُ كلٍّ منَ الأئمّةِ (ع) باختصار؟
الجوابُ:
الناظرُ لسيرةِ الأئمّةِ مِن أهلِ البيت (عليهم السّلام) يرى بوضوحٍ تكاملَ أدوارِهم لخدمةِ المشروعِ الرّسالي.
فعصمتُهم سلامُ اللهِ عليهم شكّلَت الضامنَ لمسارِ الرّسالةِ دونَ أن يحدثَ فيها انحرافٌ.
وقيامُ الأئمّةِ بقيادةِ الأمّةِ في مختلفِ الظروفِ السياسيّةِ والاجتماعيّة أدّى إلى تكاملِ الرّؤيةِ حولَ المشروعِ الإسلاميّ.
فالنظرةُ الكُليّةُ لتاريخِ الأئمّةِ تكشفُ بالضرورةِ عن وجودِ مسارٍ واحدٍ لجميعِ الأئمّة، وفي نفسِ الوقتِ لا يمنعُ ذلك أن يكونَ لكلِّ إمامٍ سيرتُه الخاصّة بحسبِ ما تمليهِ الظروفُ مِن مواقف.
وقد دوّنَ علماءُ الشيعةِ عشراتِ الكتبِ التي فصّلت سيرةَ كلِّ إمامٍ والأدوارَ التي قاموا بها، وقد يكونُ منَ المُفيدِ للسائلِ الرجوعُ إلى كتابِ (النبيّ وأهلِ بيته قدوةٌ وأسوة) للسيّدِ محمّد تقي المُدرّسي فقد اختصرَ بشكلٍ سلسٍ وجميل تاريخَ النبيّ والأئمّةِ مِن أهلِ بيتِه، كما أكّدَ على أنَّ المسارَ التاريخيَّ للإسلامِ لم يستقِم إلّا مِن خلالِ الأدوارِ التي قامَ بها الأئمّةُ المعصومونَ عليهم السلام.
وأفضلُ ما يمكنُ أن يُقال كمُختصرٍ لأدوارِ الأئمّةِ هوَ ما قالَهُ الشهيدُ الصدرُ حيثُ قسّمَ تاريخَ الأئمّةِ (عليهم السلام) مِن حيثُ مُمارسةِ دورِهم القياديّ بعدَ وفاةِ الرّسولِ الأكرم (صلّى اللهُ عليهِ وآله) إلى ثلاثِ مراحل:
المرحلةُ الأولى: وهيَ التي عاشَ فيها أئمّةُ أهلِ البيت (عليهم السلام) (مرارةَ الانحرافِ وآثارَه وفجائعَه) والتي كانَ منَ المُمكنِ أن تمتدَّ فتقضي على الإسلامِ بكاملِه وعلى الأمّة، حيثُ عملَ الأئمّةُ (عليهم السلام) ما بوسعِهم مِن أجلِ الحفاظِ على معالمِ الرّسالةِ وعلى الأمّةِ ويحصّنوها ضدَّ الانحرافِ القائم، حتّى خرجَ (التشيّعُ) يمثّلُ الصّحورةَ الحيّةَ للإسلامِ الحقيقيّ والمحمّديّ، وصارَ (الشيعةُ) الأمّةَ الحيّةَ التي تجسّدُ الرّسالةَ بمعالمِها الكاملة.
هذه المرحلةُ هيَ المرحلةُ التي تبدأ مِن بعدِ وفاةِ الرّسولِ الأكرم (صلّى اللهُ عليهِ وآله) (الإمامُ عليّ – الإمامُ الحسن – الإمامُ الحُسين – الإمامُ زينُ العابدين (عليهم السلام).
المرحلةُ الثانية: اتّجهَت جهودُ الأئمّةِ (عليهم السلام) إلى إبرازِ و(تحديدِ الإطارِ التفصيليّ) الخاصِّ بالتشيّعِ بعدَ أن تمَّ في المرحلةِ السابقةِ تثبيتُ أصلِ وجودِه وموقعِه منَ الرسالةِ بوصفِه الخطَّ الحقيقيَّ والممثّلَ لإسلامِ مُحمّد (صلّى اللهُ عليهِ وآله)، لأنَّ الانحرافَ الكبيرَ أسّسَ لمدارسَ فقهيّةٍ وعقائديّةٍ مُنحرفةٍ، أخذَ الأئمّةُ (عليهم السلام) (الإمامُ الباقر – الإمامُ الصّادق – الإمامُ الكاظم) يبيّنونَ معالمَ مدرسةِ أهلِ البيت (عليهم السلام) (التشيّع) بحيثُ استكملَ كلَّ جوانبِه النظريّةِ وبناءَه العقائدي.
وبلغَت درجةً منَ الاتّساعِ الفكريّ بحيثُ شكّلَت خطراً حقيقيّاً للزّعاماتِ المُنحرفةِ في المُجتمعِ الإسلامي.
المرحلةُ الثالثة: أخذَت قيادةُ أئمّةِ أهلِ البيت (عليهم السلام) تتّسعُ وتنمو بحيثُ أصبحَ لها (حضورٌ شعبيٍّ واسع) يُهدّدُ موقعَ الزعامةِ المُنحرفة، وأخذَ التشيّعُ يقربُ مِن تسلّمِ زمامِ الأمورِ والحُكمِ وممارسةِ الدّورِ السياسيّ والمرجعيّ للمُسلمينَ والشيعة - على وجهِ الخصوص - بحيثُ أخذَت الزعامةُ المُنحرفةُ تتقرّبُ مِن قيادةِ أهلِ البيت (عليهم السلام) لسلبِها الشرعيّةَ منَ الناس وتقليلِ نفوذِها الواسعِ بحيثُ جعلَت تراقبُ تحرّكاتها.
هُنا الأئمّةُ (عليهم السلام) (الإمامُ الرّضا – الإمامُ الجواد – الإمامُ الهادي – الإمامُ العسكري – الإمامُ الحُجّة) أخذوا يحصّنونَ شيعتَهم ويوسّعونَ دائرةَ التشيّعِ المُمثّل الحقيقيّ للإسلام، بحيثُ وصلَ إلى مستوىً قادرٍ على الاستمرارِ والديمومةِ وملأ الفراغِ القياديّ بعدَ الأئمّةِ المعصومينَ (ع).
اترك تعليق