ما هو السلوك المناسب عند تعرض الشيعة أو الائمة للإهانة والاستهزاء؟

أودّ أن أعرفَ ما هوَ السلوكُ الذي يجبُ أن نتبنّاه عندَما نتعرّضُ أو أئمّتنا (ع) للإهانةِ أو الاستهزاءِ مِن قبلِ السلفيّين السنّةِ الوهابيّين؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجوابُ:

في معرضِ الإجابةِ عن هذا السؤال نكتفي بذكرِ توصياتٍ عامّةٍ يمكنُ استلهامُها منَ القرآنِ الكريم والأحاديثِ الشريفة.

أوّلاً: يجبُ أن لا يصلَ الحوارُ معَ المخالفينَ إلى مستوىً يُعرّضُ الأئمّةَ وشيعتَهم للإهانةِ والاستهزاء.

فالأسلوبُ الذي يجبرُ المخالفَ على الاحترامِ هو الذي يجبُ أن يكونَ سائداً في الحوار، ففي أمالي الصدوق عن سليمانَ بنِ مهران قال: "دخلتُ على الصادقِ وعندَه نفرٌ منَ الشيعة فسمعتُه وهوَ يقول: معاشرَ الشيعةِ كونوا لنا زيناً ولا تكونوا علينا شيناً قولوا للناسِ حُسناً، واحفظوا ألسنتَكم، وكفّوها عن الفضولِ وقبيحِ القول".

فالغرضُ منَ الحوارِ هو الهدايةُ لمذهبِ أهلِ البيت عليهم السلام، وعليهِ يجبُ استمالةُ المخالفينَ بحُسنِ الخُلقِ والمعاملةِ الطيّبة، وهذا صريحُ قولِه تعالى: (فَبِمَا رَحمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُم ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلبِ لَانفَضُّوا مِن حَولِكَ).

فالكلمةُ الطيّبةُ والمعاملةُ الحسنةُ تليّنُ حتّى القلوبَ القاسية، قالَ تعالى: (وَلَا تَستَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادفَع بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَينَكَ وَبَينَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).

وعليهِ مَن يدعو بالحِكمةِ والموعظةِ الحسنة ويجادلُ المُخالفينَ بالتي هيَ أحسنُ لا يمكنُ أن يتعرّضَ للإهانةِ والاستهزاء، ولذلكَ أوصى اللهُ رسولَهُ (صلّى اللهُ عليهِ وآله) بذلكَ في قولِه تعالى: (ادعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلهُم بِالَّتِي هِيَ أَحسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعلَمُ بِالمُهْتَدِينَ).

ثانياً: عدمُ التعرّضِ لرموزِ المُخالفينَ بالإساءة، فكما يُقال لكلِّ فعلٍ ردُّ فعل، فمَن يهاجمُ الآخرينَ في رموزِهم وعقائدِهم لا يأمنُ أن يُهاجموا رموزَه وعقائدَه أيضاً، ولهذا السببِ حرّمَ اللهُ سبَّ مَن يدعو مِن دونِ الله حتّى لا يكونَ في ذلكَ مُبرّرٌ لسبّهم للهِ تعالى، وهذا صريحُ قولِه تعالى: (وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدوًا بِغَيرِ عِلمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُم ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرجِعُهُم فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ)

ثالثاً: تجنّبُ الحواراتِ والمناظراتِ التي تُعقدُ منَ الأساسِ بقصدِ التعريضِ بشيعةِ أهلِ البيت، فمَن يُجاري السفهاءَ لا يتوقّعُ أن يسمعَ منهم غيرَ الكلامِ السفيه، ولذلكَ حرّمَ الله الجلوسَ والمشاركةَ في المجالسِ التي يُستهزأ فيها بآياتِ الله، قالَ تعالى : (وَقَد نَزَّلَ عَلَيكُم فِي الكِتَابِ أَن إِذَا سَمِعتُم آيَاتِ اللَّـهِ يُكفَرُ بِهَا وَيُستَهزَأُ بِهَا فَلَا تَقعُدُوا مَعَهُم حَتَّىٰ يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيرِهِ إِنَّكُم إِذًا مِّثلُهُم إِنَّ اللَّـهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا)، ففي تفسيرِ عليٍّ بنِ إبراهيم قالَ: آياتُ اللهِ هُم الأئمّةُ عليهم السلام، وفي تفسيرِ العيّاشي عن الرّضا عليه السلام قالَ: إذا سمعتَ الرّجلَ يجحدُ الحقَّ ويكذّبُ به ويقعُ في أهلِه فقُم مِن عندِه ولا تقاعِده. وعن الإمامِ الصّادق عليهِ السلام في تفسيرِ هذهِ الآية قالَ: إنّما عنى بهذا الرّجلُ يجحدُ الحقَّ ويكذّبُ به ويقعُ في الأئمّة، فقُم مِن عندِه ولا تقاعِده كائناً مَن كان.