من هم المقصودون بأهل البيت في بيانات الوحي؟

كانَ للإمامِ عليّ ثمانيةَ عشرَ ابناً بينَهم أربعةٌ مِن ولدِ فاطمة (الحسنُ ، والحسينُ ، وزينبُ ، وأمُّ كلثوم). هل الأربعة عشر أبناؤه الباقينَ مِن أهلِ البيت؟

: سيد صلاح الحلو

الجواب:

بسمِ اللهِ الرّحمنِ الرحيم،

ملخّص: النسبُ لأهلِ البيت له معنيان:

(عامٌّ): وهُم مَن حرُمَت عليهم الصدقةُ مِن بني هاشم، ومنهم: آلُ عليِّ بنِ أبي طالب وهذا المعنى قد وردَ على لسانِ الصحابيّ زيدِ بنِ أرقم: حينَما سُئلَ هل نساءُ النبيّ -صلّى اللهُ عليهِ وآله- مَن أهلُ بيتِه؟

قالَ: نساؤه مِن أهلِ بيتِه- وعنى هُنا السّكنى- ولكنَّ أهلَ بيتِه مَن حُرمَ الصدقةَ بعدَه (صَحِيحُ مُسلِمٌ ج 7 ص 122).- وعنى هُنا النسبَ- ونساءُ النبي صلّى اللهُ عليهِ وآله لا تحرمُ عليهنَّ الصدقةُ فقد قبلَت عائشةُ بنتُ أبي بكر صدقةَ بريرة وأمَّ عطيّة معَ علمِها بأنّها كانَت صدقةً عليهما (فَتحُ اَلبَارِئُ ج 5 ص 205).

و(خاص): هُم الذينَ ذُكروا بـآيةِ التطهيرِ والمُباهلة وهُم أصحابُ الكساء وفي أحاديثَ كثيرةٍ كـحديثِ الثقلين والسفينةِ وأمثالِهما الدالّةِ أنَّ أهلَ البيت هُم أصحابُ الكساءِ والأئمّةُ المعصومونَ مِن ذريّةِ الإمامِ الحسين (ع).

التفصيل: أطلقَت عبارةُ أهلِ البيتِ النّسبَ على مَعنيين:

(إطلاقٌ عام): ويشملُ كلَّ مَن حرمَت عليهم الصدقةُ مِن بني هاشمٍ جميعاً كآلِ عليِّ بنِ أبي طالب، وآلِ جعفرِ بنِ أبي طالب، وآلِ عقيلِ بنِ أبي طالب وآلِ العبّاسِ بنِ عبدِ المُطّلب وغيرِهم مِن أقاربِ النبيّ الصُّلبيّين.

وهذا المعنى قد وردَ على لسانِ الصحابيّ زيدِ بنِ أرقم: حينَما سُئلَ هل نساءُ النبيّ -صلّى اللهُ عليهِ وآله- مِن أهلِ بيته؟

قالَ: نساؤه مِن أهلِ بيتِه- وعنى هُنا السُّكنى- ولكن أهل بيتِه مَن حُرمَ الصّدقةَ بعده (1).- وعنى هُنا النسبَ- ونساءُ النبي صلّى اللهُ عليهِ وآله لا تحرمُ عليهنَّ الصدقةُ فقد قبلَت عائشةُ بنتُ أبي بكر صدقةَ بريرة وأمَّ عطيّة معَ علمِها بأنّها كانَت صدقةً عليهما(2).

ففي هذا الإطلاقِ يصحُّ أن يُقال لجميعِ ولدِ الإمامِ عليّ -عليهِ السلام- أنّهم مِن أهلِ البيت.

(إطلاقٌ خاص): هُم الذينَ خُصّوا ببعضِ المُميّزاتِ فذُكروا في بياناتِ القرآنِ والسنّةِ كآيةِ التطهيرِ فقد أشارَ الإمامُ الحسنُ بنِ عليّ -عليهِ السلام- مُخاطباً أهلَ العراق:«يا أهلَ العراق اتّقوا اللّهَ فينا، فإنّا أمراؤكم وضيفانُكم، ونحنُ أهلُ البيت الذينَ قالَ اللّهُ تعالى: إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَ يُطَهِّرَكُم تَطهِير». )(3).

وفي مُسندِ أحمدَ بنِ حنبل ، بسندِه عن أمِّ سلمة أنَّ النبيَّ ( صلَّى اللهُ عليهِ و آله )

كانَ في بيتِها فأتَت فاطمةُ ببرمةٍ فيها خزيرةٌ فدخلَتْ بها عليه .

فقالَ لها : " إدعي زوجَكِ و ابنيك " .

قالت : فجاءَ عليٌّ و الحسنُ و الحُسين فدخلوا عليه ، فجلسوا يأكلونَ مِن تلكَ الخزيرةِ و هوَ على منامةٍ له على دكّانٍ تحتَه كساءٌ خيبري قالت ـ و أنا أصلّي في الحجرةِ ، فأنزلَ اللهُ عَزَّ و جَلَّ هذهِ الآية : ﴿ ... إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرًا ﴾.

قالَت : فأخذَ فضلَ الكساءِ فغشّاهم به ، ثمَّ أخرجَ يدَه فألوى بها السماءَ ثمَّ قال : " اللهمَّ إنَّ هؤلاءِ أهلُ بيتي و خاصّتي فأًذهِب عنهم الرّجسَ ، و طَهِّرهُم تطهيراً ، اللهمَّ هؤلاءِ أهلُ بيتي و خاصّتي فأذهِب عَنهم الرّجسَ و طَهِّرهُم تطهيراً .

قالت : فأدخلتُ رأسي البيتَ فقلت : و أنا معَكم يا رسولَ الله ؟

قالَ : " إنّكِ إلى خيرٍ إنّكِ إلى خير " (٤) .

وآيةُ (المُباهلة) النبيُّ -صلّی اللهُ عليهِ وآله- اختارَ - وبأمرٍ منَ اللهِ تعالى- منَ الرّجالِ عليّاً -عليهِ السلام- ومنَ النساءِ الزّهراءَ -عليها السلام- ومنَ الأبناءِ الحسنَ والحُسين -عليهما السلام- لمُباهلةِ نصارى نجران. ففي صحيحِ مُسلم: و لمّا نزلَت هذهِ الآية :﴿ ... فَقُل تَعَالَوا نَدعُ أَبنَاءَنَا وَأَبنَاءَكُم ... ﴾ دعا رسولُ الله -صلَّى اللهُ عليهِ و آله - عليّاً و فاطمةَ و حسناً و حسيناً فقالَ : " اللهمَّ هؤلاءِ أهلي " (٥).

وكذا حديثُ الثقلين قد وردَ فيه: أنّه -صلّى اللهُ عليهِ وآله- قالَ: «إنّي قد تركتُ فيكم ما إن أخذتُم به لن تضلّوا بعدي، الثقلين، وأحدُهما أكبرُ منَ الآخر: كتابُ اللهِ حبلٌ ممدودٌ منَ السماءِ إلى الأرض، وعترتي أهلُ بيتي، ألا وإنّهما لن يفترقا، حتّى يردا عليَّ الحوض» (٦).

والمرادُ بعترتي أهلُ بيتي فيه هُم الأئمّةُ الإثنا عشر مِن أهلِ البيت -عليهم السلام- فعَن الإمامِ الحُسين -عليهِ السلام- قال: «سُئلَ أميرُ المؤمنين -عليهِ السلام- عن معنى قولِ رسولِ الله -صلّى اللهُ عليهِ وآله-: إنّي مُخلّفٌ فيكم كتابَ اللهِ وعترتي، مَن العترة؟ فقال: أنا والحسنُ والحُسين والأئمّةُ التسعةُ مِن ولدِ الحُسين، تاسعُهم مهديُّهم وقائمُهم،

لا يفارقونَ كتابَ الله ولا يفارقُهم حتّى يردوا على رسولِ اللهِ «صلّى اللهُ عليهِ وآله» حوضَه» (٧).

وعن الإمامِ الصادقِ -عليهِ السلام- أنّه قال: قالَ رسولُ الله -صلّى اللهُ عليهِ وآله-: «إنّي تركتُ فيكُم الثقلين، كتابُ اللهِ وأهلُ بيتي» ثمَّ قالَ الإمامُ الصّادق -عليهِ السلام-: «فنحنُ أهلُ بيتِه» (٨).

والحمدُ لله أوّلاً وآخراً..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1- صَحِيحُ مُسلِم ج 7 ص 122

2 - فَتحُ اَلبَارِئُ ج 5 ص 205

3- تفسيرُ ابنِ كثير، ج 5، ص 458.

4- مسندُ أحمدَ بنِ حنبل : 6 / 292 ، طبعةُ بيروت .

5- صحيحُ مُسلم : 4/1871 ، طبعةُ دارِ إحياءِ التراثِ العربيّ/ بيروت .

6- مسندُ أحمدَ بنِ حنبل 18/114، برقمِ: 11560.

7- معاني الأخبار، صفحة 90.

8- بصائرُ الدرجات، صفحة 434.