ما هو تعليقكم على رواية المسيب بن نجبة عن عليّ (ع) حول أهل بيته؟
السؤال: ما تعليقكم على ما رواه المسيب بن نجبة الفزاريّ، قال: قال عليّ بن أبي طالب (عليه السلام): « ألَا أحدّثكم عن خاصّة نفسي وأهل بيتي؟ قلنا: بلى. قال: أمّا حسن فصاحب جفنة وخوان، وفتى من الفتيان، ولو قد التقت حلقتا البطان لم يغنِ عنكم في الحرب حبالة عصفور. وأمّا عبد الله بن جعفر فصاحب لهوٍ وظلٍّ وباطل، ولا يغرنّكم ابنا عبّاس، وأمّا أنا وحسين فأنا وحسين، فإنّا منكم وأنتم منا » المعجم الكبير للطبرانيّ ج3 ص102 رقم 2801؟
الجواب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا الحديث مداره على سوار أبي إدريس المرهبيّ عن المسيّب بن نجبة الفزاريّ عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وقد اختلفت الروايات في ألفاظه زيادة ونقيصة، نذكرها في المقام، ثـمّ نعلّق عليها:
1ـ روى ابن سعد عن يحيى بن حمّاد، عن أبي عوانة، عن الأعمش، عن حبيب، عن أبي إدريس، عن المسيّب، قال: سمعت عليّاً يقول: « ألَا أحدّثكم عنّي وعن أهل بيتي، أمّا عبد الله بن جعفر فصاحب لهوٍ، وأمّا الحسن بن عليّ فصاحب جَفْنَة وَخِوَان، فتى من فتيان قريش، لو قد التقت حَلْقتا البِطَان لم يُغْنِ في الحرب عنكم شيئاً، وأمّا أنا وحسين فنحن منكم وأنتم منّا » [الطبقات الكبرى ج6 ص373]، ونقله من طريقه ابن عساكر في [تاريخ دمشق ج14 ص177].
2ـ وروى الطبرانيّ بإسناده عن محمّد بن المثنّى عن يحيى بن حمّاد بإسناده عن المسيّب، قال: قال عليّ: « ألا أحدّثكم عن خاصّة نفسي وأهل بيتي؟ قلنا: بلى، قال: أمّا حسن فصاحب جفنة وخوان، وفتى من الفتيان، ولو قد التقت حلقتا البطان لم يغن عنكم في الحرب حبالة عصفور، وأمّا عبد الله بن جعفر فصاحب لهو وظلّ وباطل، ولا يغرّنكم ابنا عبّاس، وأما أنا وحسين فأنا وحسين، فإنا منكم وأنتم منّا.. » [المعجم الكبير ج3 ص102]، ونقله من طريقه ابن عساكر في [تاريخ دمشق ج14 ص178].
3ـ وروى الطبرانيّ بإسناده عن فطر بن خليفة، عن سلمة بن كهيل، عن أبي إدريس، عن المسيّب، قال: كنّا جلوساً عند عليّ، فذكروا أهل بيته، فقال عليّ: « أمّا الحسن فلا يغني عنكم في الحرب حبالة عصفور، وأمّا عبد الله بن جعفر فصاحب ظلّ وخوان، وأمّا حسين فإنّه منكم وأنتم منه » [المعجم الكبير ج3 ص103].
4ـ وروى ابن عساكر بإسناده عن محمّد بن سلمة بن كهيل، عن أبيه، عن أبي إدريس، عن المسيّب، عن عليّ، قال: « ألَا إنّي محدّثكم عن أهل بيتي، ألَا لا يغرّنكم ابنا عبّاس من شيء، ألَا ولا ابن جعفر، ألَا وإنّي أراكم تطيفون بحسن، والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لو قد التقت حلقة البطان ما أغنى عنكم في الحرب حبالة عصفور، ألَا وأمّا حسين فإنّه منكم وأنتم منه...» [تاريخ دمشق ج58 ص197-198]، وروى ابن الشجريّ من هذا الطريق كما في [ترتيب الأمالي الخميسيّة ج2 ص118].
5ـ وقال البلاذريّ: « فروي عن عليّ أنّه قال: أنا أخبركم عن أهلي، أمّا الحسن ففتى من الفتيان، صاحب جفنة وخوان، وأمّا عبد الله بن جعفر فصاحب لهو، وأمّا الحسين ومحمّد فهما منّي وأنا منهما » [أنساب الأشراف ج3 ص267].
أقول: في هذا الحديث عدّة ملاحظات:
إحداها: مصدر الحديث وإسناده:
فهذا الحديث انفرد بروايته المخالفون لأهل البيت (عليهم السلام)، إذْ ورد من طريق رواتهم ورجالهم وفي مصادرهم، ولَـم يرد في مصادر الإماميّة ولا من طرقهم.
وإسناد الحديث لا يصحّ بناءً على مسلك المخالفين في الجرح والتعديل، ونكتفي في المقام بالإشارة إلى حال مخرَج الحديث عند المخالفين، وهو المسيّب بن نجبة، فإنّ حديثه لا يرقى لمستوى الاحتجاج والاعتماد؛ إذْ لَـم يوثّقه سوى ابن حبّان في [الثقات ج5 ص437] المعروف بتساهله في التوثيق، ولـمّا قال ابن حجر: (مقبول) [تقريب التهذيب ص532]، استدرك عليه الدكتور بشّار عوّاد والشيخ شعيب الأرنؤوط بقولهما: (بل مجهول الحال، فقد روى عنه اثنان فقط، وذكره ابن حبّان وحده في الثقات) [تحرير تقريب التهذيب ج3 ص380]، فحديثه يدخل في المتابعات، ولا يُحتجّ به منفرداً.
والثانية: اضطراب متن الحديث:
فيلاحظ على هذا الحديث أنّ رواياته تختلف في ألفاظها:
1ـ فتجد أنّ إمامنا الحسن المجتبى (عليه السلام) وُصف تارةً بأنّه: «صاحب جفنة وخوان، فتى من فتيان قريش، لو قد التقت حلقتا البطان لم يغن في الحرب شيئاً» أو: « لم يغن في الحرب حبالة عصفور »، وأخرى بأنّه: « صاحب جفنة وخوان » دون ذكر قضيّة عدم غنائه في الحرب، وهذه العبارة الأخيرة لوحدها تتضمّن مدحاً، في حين أنّ عدم الغناء في الحرب فيها الذمّ، والقدر المشترك بين الروايات هو تضمّنها عبارة المدح دون الذمّ.
2ـ وتجد أنّ سيّدنا عبد الله بن جعفر وصف تارةً بأنّه: « صاحب لهو »، وأخرى بأنّه: « صاحب لهو وظلّ وباطل »، وثالثة بأنّه: « صاحب ظلّ وخوان »، وهذه العبارة الأخيرة تتضمّن المدح، في حين أنّ الأوليّين تتضمّنان الذمّ.
3ـ وتجد أنّ الذيل ورد تارةً بلفظ: « وأمّا أنا وحسين فنحن منكم وأنتم منّا »، وأخرى: « وأمّا حسين فإنّه منكم وأنتم منه » دون ذكر أمير المؤمنين (عليه السلام)، وثالثةً: « وأمّا الحسين ومحمّد فهما منّي وأنا منهما » بذكر ابن الحنفيّة.
والحاصل: أنّ الحديث مضطّرب، إذْ تارةً تدلّ ألفاظه على مدح كرم وجود الإمام الحسن (عليه السلام) وعبد الله بن جعفر (عليه السلام)، وأخرى تدلّ على ذمّهما في الحرب، وتارةً تذكر أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأخرى لا تذكره، وثالثة تذكر محمّد ابن الحنفيّة.
والثالثة: المتن غير قابل للتصديق:
إنّ هذا الحديث يدلّ على أنّ الإمام الحسن (عليه السلام) وسيّدنا عبد الله بن جعفر (عليه السلام)، وولدي العبّاس – أي عبد الله وعبيد الله -، لا يغنون في الحرب شيئاً، وأنّ الذي يغني في الحرب هو أمير المؤمنين (عليه السلام) وولده الإمام الحسين (عليه السلام). فتضمّن الحديث مدحاً لشجاعة أمير المؤمنين والحسين ومحمّد، وذمّاً للحسن وعبد الله بن جعفر وولدي العبّاس.
وهذا غير قابل للتصديق من جهات:
الأولى: أنّ الإمام المجتبى (عليه السلام) إمامٌ معصوم مطهَّر، والإمام لا بدّ أن يكون أفضل الناس ومقدّماً عليهم في الكمالات من العلم والعفّة والشجاعة وغيرها. وقد صرّح بذلك الأئمّة (عليهم السلام) والعلماء (رضوان الله عليهم).
ففي الحديث الموثّق عن الإمام الرضا (عليه السلام) قال: «للإمام علامات: يكون أعلم الناس، وأحكم الناس، وأتقى الناس، وأحلم الناس، وأشجع الناس، وأسخى الناس، وأعبد الناس... » [الخصال ص528، عيون أخبار الرضا ج1 ص192، معاني الأخبار ص102، من لا يحضره الفقيه ج4 ص418].
وقال هشام بن الحكم – لـمّا سأله ضرار عن الدليل على الإمام بعد النبيّ -: (الدلالة عليه ثمان دلالات: أربعة منها في نعت نسبه، وأربعة في نعت نفسه. أمّا الأربعة التي في نعت نسبه فأن يكون معروف القبيلة... وأمّا الأربعة التي في نعت نفسه فأن يكون أعلم الخلق وأسخى الخلق وأشجع الخلق وأعفّ الخلق وأعصمهم من الذنوب صغيرها وكبيرها...) [علل الشرائع ج1 ص203].
وقال ابن شهر آشوب: (صفات الأئمّة (عليهم السلام): قد جاء في أخبار الإماميّة: أنّ لإمام الهدى خمسين علامة: العصمة، والنصوص، وأن يكون أعلم الناس، وأفصحهم، وأحلمهم، وأحكمهم، وأتقاهم، وأشجعهم، وأشرفهم، وأنصحهم...) [مناقب آل أبي طالب ج1 ص217].
وقال المحقّق الحليّ: (البحث الثاني في صفات الإمام: ويختصّ الإمام زيادةً على غيره من الولاة بصفات أربع: كونه معصوماً، وأفضلَ الرعيّة، ويُعلمان عقلاً، وكونه أعلَمهم بالشرع بعد التعبّد بالشرع، وأنّه مقتدى به فيه، وأشجعهم بعد التعبّد بالجهاد، وكونه مقدّماً فيه) [المسلك في أصول الدين ص198].
وقال ابن ميثم البحرانيّ: (إنّا لـمّا بيّنا أنّه يجب أن يكون معصوماً وجب أن يكون مستجمعاً لأصول الكمالات النفسانيّة، وهي: العلم، والعفّة، والشجاعة، والعدالة) [قواعد المرام ص179].
ويتبيّن من ذلك: أنّ مثل هذا الحديث - الذي يدلّ على عدم شجاعة الإمام الحسن (عليه السلام) في الحروب - غير قابل للتصديق مقابل الأدلّة اليقينيّة الدالّة على أنّ الإمام المعصوم أشجع الناس.
الثانية: أنّ بني هاشم عموماً، وآل أبي طالب خصوصاً، كانوا معروفين بالشجاعة في الجاهليّة والإسلام، فإنّ ذلك من خصالهم الموروثة وسجاياهم الموهوبة، ولا يُقرن بهم سائر الناس، ومواقفهم العظيمة في الحروب والمعارك مسجّلة في التراث الإسلاميّ، حتّى صار الأصل في هذا المعدن الشريف هو الشجاعة، وقد ورد في مصادر الفريقين عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: « لله دَرُّ أبي طالب، لو ولد الناسَ كلّهم لكانوا شجعاناً » [كشف الغمة ج2 ص466، التذكرة الحمدونيّة ج2 ص471، ربيع الأبرار ج1 ص896]، وقال العلّامة الإربليّ: (فإنّ السماحة في بني هاشم.. والشجاعة والحلم فيهم في كلّ الأحوال، والناس في ذلك تبع لهم، فهم عليهم كالعيال، فقد حازوا قصبات السبق لما جمعوه من شرف الخلال، فإذا تفرّقت في الناس خصالُ الخير اجتمعت فيهم تلك الخصال، وهذا القول هو الحقّ، وما بعدَ الحقّ إلّا الضلال) [كشف الغمة ج2 ص468]، فلا يُعقل أن يُذمَّ إمامنا الحسن (عليه السلام) بأنّه لا يغني في الحرب شيئاً، فإنّ هذا خلاف سجايا بني هاشم وآل أبي طالب.
الثالثة: شجاعة الإمام الحسن (عليه السلام) معروفة مشهورة، وقد سجّل له التاريخ أعظم المواقف في أشرس المعارك وأصعبها، نشير في المقام إلى موقفين من مواقفه (عليه السلام) في الحروب:
الموقف الأوّل: في معركة الجمل:
جعل أمير المؤمنين (عليه السلام) ابنه الحسن (عليه السلام) على الميمنة، والحسين (عليه السلام) على الميسرة، ودفع لواءه إلى محمّد ابن الحنفيّة، وكان للإمامين الحسنين (عليهما السلام) نصيب وافر في المعركة، والملاحظ أنّه كان لإمامنا الحسن (عليه السلام) صولة عظمى في عقر ذلك الجمل المشؤوم، فإنّه أوّل مَن طعن الجمل وعرقبه، مع أنّه كان كلُّ همّ أصحاب الجمل أن يحرسوا الجمل، فقد روى ابن شهر آشوب: « دعا أمير المؤمنين (عليه السلام) محمّد ابن الحنفية يوم الجمل، فأعطاه رمحه، وقال له: اقصد بهذا الرمح قصد الجمل، فذهب، فمنعوه بنو ضبّة، فلمّا رجع إلى والده انتزع الحسن رمحه من يده وقد قصد الجمل، وطعنه برمحه، ورجع إلى والده وعلى رمحه أثر الدم، فتمغّر وجه محمّد من ذلك، فقال أمير المؤمنين: لا تأنف، فإنّه ابن النبيّ، وأنت ابن عليّ » [مناقب آل أبي طالب ج3 ص185].
ونقل الغلابيّ البصريّ: « فقال عليّ: اعقروا الجمل، فإنّه شيطان، فشدّ عليه الحسن بن عليّ فقطع يده اليمنى، وشدّ الحسين فقطع يده اليسرى، وشدّ محمّد ابن الحنفيّة فقطع رجله اليمنى...» [واقعة الجمل ص44].
ولأنّ إمامنا الحسن (عليه السلام) كان أوّل مَنْ طعن الجمل المشؤوم، فلعلّ لهذا الأمر مدخلاً كبيراً في منع المرأة دفنه عند جدّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
والملاحظ أنّه في هذه المعركة الصعبة لـمّا تقاعس محمّد ابن الحنفيّة عن الحملة، وحمل عليّ (عليه السلام) بالراية، فضعضع أركان عسكر الجمل دفع إليه الراية وقال: امح الأولى بالأخرى وهذه الأنصار معك، فحمل حملات كثيرة أبلى فيها بلاءً حسناً، فقال خزيمة بن ثابت لأمير المؤمنين (عليه السلام): أما إنّه لو كان غير محمّد اليوم لافتُضح.. وقالت الأنصار: يا أمير المؤمنين، لولا ما جعل الله تعالى للحسن والحسين (عليهما السلام) لَـمَا قدّمنا على محمّدٍ أحداً من العرب، فقال عليّ (عليه السلام): أين النجم من الشمس والقمر؟! وقال: أين يقع ابني من ابني رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟ فقال خزيمة بن ثابت فيه: (محمّد ما في عودك اليوم وصمة * ولا كنتَ في الحرب الضروس معردا) (وأنت بحمد الله أطول غالب * لساناً، وأنداها بما ملكت يدا) (وأقربهم من كلّ خير تريده * قريش وأوفاها بما قال موعدا) (وأطعنهم صدر الكمّيّ برمحه * وأكساهم للهام عضباً مهنّدا) (سوى أخويك السيّدين، كلاهما * إمام الورى والداعيان إلى الهدى) [شرح نهج البلاغة ج1 ص245-246].
وهذا يبيّن أنّ محمّد ابن الحنفيّة أظهر شجاعة عظيمة في معركة الجمل، وقد انبهر به سائر أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، غير أنّهم يرون أنّه لا مقايسة بينه وبين الإمامين الحسن والحسين (عليهما السلام)، فهما خارجان عن حدِّ المقارنة والمناظرة.
الموقف الثاني: في معركة صفّين:
فقد ورد أنّ الإمام الحسن (عليه السلام) كان يقتحم غمار الموت بنفسه، ويتهجّم إلى الحرب والقتال، حتّى خاف عليه والده أمير المؤمنين (عليه السلام) فأمر أصحابَه أن يمسكوه ويأخذوه حتّى لا يتلف نفسه.
وهذه الحكاية معروفة مشهورة، نقلها علماء الفريقين، قال الشريف الرضيّ: « وقال (عليه السلام) في بعض أيّام صفّين - وقد رأى الحسنَ (عليه السلام) يتسرّع إلى الحرب -: « املكوا عنّي هذا الغلام لا يهدّني، فإنّني أنفس بهذين - يعني الحسن والحسين (عليهما السلام) - على الموت؛ لئلّا ينقطع بهما نسل رسول الله (صلّى الله عليه وآله) » [نهج البلاغة ج2 ص186، وينظر ربيع الأبرار ج2 ص286، تذكرة الخواصّ ص292].
وقال الشيخ محمّد عبده في شرحه: (املكوا عنّي: أي خذوه بالشدّة وأمسكوه؛ لئلّا يهدّني، أي يهدمني ويقوّض أركان قوّتي بموته في الحرب، ونفّس به - كفرح - أي ضنّ به، أي أبخل بالحسن والحسين على الموت).
فهذا يبيّن أنّ الإمام الحسن (عليه السلام) كان يخوض غمار الموت، ويندفع إلى المعركة بقلب ثابت، حتّى تخوّف عليه أبوه أمير المؤمنين (عليه السلام).
وحينئذٍ، هل يُعقل أن يُقال عنه بأنّه «صاحب جفنة وخوان، فتى من فتيان قريش، لو قد التقت حلقتا البطان لم يغن في الحرب شيئاً » أو: « لم يغن في الحرب حبالة عصفور »؟!!
والحمد لله ربّ العالمين
اترك تعليق