لماذا يخلق الله الكون وهو لا يحتاج إليه؟
هل هناكَ سببٌ عقلانيّ لإلهٍ كاملٍ أن يخلقَ كوناً لا يحتاجُه؟ إذا كانَ الإلهُ في وقتٍ منَ الأوقات هوَ الموجودُ الوحيد وهوَ كاملٌ لا يحتاجُ شيئاً ولا يوجدُ أحدٌ بحاجةٍ له فلا يمكنُ تصوّرُ أيّ سببٍ عقلانيّ لخلقِ كونٍ مِن لا شيء إذا لم يكُن هناكَ حاجةٌ له، ولأنَّ الكمالَ يقتضي العقلانيّةَ وانتفاءَ العَبث فلن يفعلَ الإلهُ أشياءَ لا حاجةَ لها. إن كانَ كلُّ ما هوَ موجودٌ هوَ الإله وهوَ كاملٌ فإنّ أيَّ تغييرٍ هوَ نقصٌ لأنَّ الكاملَ لا يمكنُ أن تزيدَ عليه وبالتالي عملُ أيّ شيءٍ سيكونُ بلا فائدةٍ بل قد يكونُ ضارّاً.
الجواب:
الإجابةُ عن هذا السّؤال لا تحتاجُ إلى مزيدٍ منَ التوضيح فهيَ موجودةٌ في طيّاتِ السّؤالِ نفسِه، فطالما افترضَ السائلُ الكمالَ في الله فإنَّ ذلكَ كافٍ للقولِ بضرورةِ أن يخلقَ اللهُ الخلقَ دونَ أن يُتوقّعَ مِن ذلكَ مردودٌ لنفسِه.
فالكمالُ ليسَ مقصوراً على عدمِ حاجتِه لغيرِه فقط – كما توهّمَ السائل – وإنّما الكاملُ يجبُ أن يكونَ كريماً ومِعطاءً يفيضُ منه الخيرُ لغيرِه أيضاً.
فالإلهُ الكامل يجبُ أن يكونَ كامِلاً في رحمتِه، وكامِلاً في إحسانه، وكامِلاً في عطائِه، مِن دونِ أن يكونَ مُحتاجاً لذلك.
فإن كانَ لا يفعلُ إلّا بمُقابلٍ عِقلانيّ لَما أصبحَ كاملاً.
وعليهِ ما يبحثُ عنه السائلُ مِن أسبابٍ عقلانيّةٍ لسببِ الخلق لا يمكنُ فهمُه طالما افترَضنا كونَ الخالقِ كاملاً، فنقصُ العُقلاء هوَ الذي يدفعُهم للبحثِ عن الأسبابِ العقلانيّةِ لكلِّ فعلٍ مِن أفعالهم.
بينَما الكاملُ لا يُسألُ لماذا تكرّمتَ وخلقتَ الخلق، ولماذا ترحمُ مَن خلقت، ولماذا تخصُّهم بهذهِ النعم؟ لأنَّه ليسَ هناكَ إجابةٌ سوى كونِه كاملاً، فالكاملُ لا يكونُ مخفيّاً وإنّما يُظهِرُ كمالَهُ في غيره.
ففي الرّوايةِ أنَّ رجلاً سألَ الإمامَ الصادق (عليهِ السلام) قال: لمَ خلقَ اللهُ الخلق؟ فقالَ: (إنَّ اللهَ تباركَ وتعالى لم يخلِق خلقَه عبثاً، ولم يترُكهم سُدىً، بل خلقَهم لإظهارِ قُدرتِه، وليكلّفَهم طاعتَه، فيستوجبوا بذلكَ رضوانَه، وما خلقَهم ليجلبَ مِنهم منفعةً ولا ليدفعَ بِهم مضرّةً، بل خلقَهم لينفعَهم ويوصلَهم إلى نعيمِ الأبد).
اترك تعليق