هل هناك نصوص صريحة وصحيحة تنصّ على أسماء الأئمة؟

هل هناك نصوص صريحة وصحيحة تنصّ على أسماء الأئمة ع واحداً بعد واحد ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله ؟

: الشيخ مروان خليفات

الجوابُ:

ينبغي الإشارةُ أوّلاً إلى أنَّ حصرَ السائلِ سؤالَه بالرّوايات عن رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم غيرُ سليم، لأنّه قد ثبتَ في محلّه أنَّ أحاديثَ أئمّةِ أهلِ البيت ع مأخوذةٌ عن رسولِ الله صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم .

يوجدُ في كتبِ الحديثِ عشراتُ النّصوصِ الصريحةِ التي تنصُّ على أسماءِ الأئمّة ع، مرويّةً عن رسولِ الله وسائرِ الأئمّة ع، وفيها الصحيحُ وغيرُه، وهيَ متواترةٌ ، وبعدَ ثبوتِ تواترِها فلا معنى للبحثِ في أسانيدِها لأنّه منَ الخطأ علميّاً البحثُ في أسانيدِ الأحاديثِ المُتواترة.

وحولَ هذه القاعدةِ الحديثيّةِ قالَ الشريفُ المُرتضى ( ت 436هـ) : ( لأنَّ الأخبارَ المتواترةَ لا يشترطُ فيها عدالةُ رواتِها ، بل قد يثبتُ التواترُ وتجبُ المعرفةُ بروايةِ الفاسقِ بل الكافر ، لأنَّ العلمَ بصحّةِ ما رووهُ يبتني على أمورٍ عقليّةٍ تشهدُ بأنَّ مثلَ تلكَ الجماعةِ لا يجوزُ عليها وهيَ على ما هيَ عليه) رسائلُ الشريفِ المُرتضى ، ج 3 - ص 311 - 312

وقالَ الألبانيّ منَ الجمهور : (ولا يشترطُ في الحديثِ المتواترِ سلامةُ طرقِه منَ الضّعف، لأنّ ثبوتَه إنّما هوَ بمجموعِها، لا بالفردِ مِنها، كما هوَ مشروحٌ في المُصطلح) إرواءُ الغليل، ج6 ص95

أمّا بخصوصِ تواترِ النّصوص، فقالَ الشيخُ النّعماني ( ت 360هـ ) صفحة 103 مِن كتابِ الغيبةِ بعدَ أن أوردَ نماذجَ كثيرةً منَ النّصوص على أسماءِ الأئمّة ع : ((فتأمّلوا - يا معشرَ الشيعة - رحمَكم الله ما نطقَ به كتابُ اللهِ عزَّ وجل ، وما جاءَ عن رسولِ الله ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) ، وعن أميرِ المؤمنينَ والأئمّة ( عليهم السلام ) واحداً بعدَ واحدٍ في ذكرِ الأئمّةِ الاثني عشر وفضلِهم وعدّتِهم مِن طرقِ رجالِ الشيعةِ الموثّقين عندَ الأئمّة ، فانظروا إلى اتّصالِ ذلكَ وورودِه متواتراً ، فإنَّ تأمّلَ ذلكَ يجلو القلوبَ منَ العمى ، وينفي الشكَّ ويزيلُ الارتيابَ عمّن أرادَ اللهُ به الخير ، ووفّقَه لسلوكِ طريقِ الحق ، ولم يجعَل لإبليس على نفسِه سبيلاً بالإصغاءِ إلى زخارفِ المُموّهين وفتنةِ المَفتونين )

وقالَ الشيخُ الصّدوق ( ت 381هـ) : ( وقد وردَت الأخبارُ الصحيحةُ بالأسانيدِ القويّة أنَّ رسولَ الله ( صلّى اللهُ عليهِ وآله ) أوصى بأمرِ اللهِ تعالى إلى عليّ بنِ أبي طالب ( عليهِ السلام ) ، وأوصى عليُّ بنُ أبي طالب إلى الحسنِ وأوصى الحسنُ إلى الحُسين ، وأوصى الحُسين إلى عليّ بنِ الحُسين ، وأوصى عليُّ بنُ الحُسين إلى محمّدِ بنِ عليّ الباقر ، وأوصى محمّدُ بنُ عليّ الباقر إلى جعفرِ بنِ مُحمّد الصّادق وأوصى جعفرُ بنُ محمّد الصّادق إلى موسى بنِ جعفر ، وأوصى موسى بنُ جعفر إلى ابنِه عليّ بنِ موسى الرّضا ، وأوصى عليُّ بنُ موسى الرّضا إلى ابنِه محمّدِ بنِ عليّ ، وأوصى محمّدُ بنُ عليّ إلى ابنِه عليّ بنِ محمّد ، وأوصى عليُّ بنُ محمّد إلى ابنِه الحسنِ بنِ علي : وأوصى الحسنُ بنُ عليّ إلى ابنِه حجّةِ اللهِ القائمِ بالحق ) مَن لا يحضرُه الفقيه، ج ٤، الشيخُ الصّدوق، ص ١٧٧

وقالَ الشيخُ المُفيد ( ت 413هـ ) : ( قالَ : ( فإن قيلَ : ما الدّليلُ على إمامةِ كلِّ واحدٍ مِن هؤلاءِ المذكورين ؟ فالجوابُ : الدّليلُ على ذلكَ أنَّ النبيَّ صلّى اللهُ عليه وآله نصَّ عليهم نصّاً متواتراً بالخلافةِ مثلَ قولِه عليه السلام : " ابني هذا الحُسين إمامٌ ابنُ إمامٍ أخو إمامٍ أبو أئمّةٍ تسعةٍ تاسعُهم قائمُهم يملأُ الأرضَ قسطاً وعدلاً كما مُلئَت ظُلماً وجوراً... ولأنَّ كلَّ إمامٍ مِنهم نصَّ على مَن بعدَه نصّاً متواتراً بالخلافةِ ولأنّهم - صلّى اللهُ عليهم - ظهرَ عنهم معجزاتٌ وكراماتٌ خارقةٌ للعادة لم تظهَر على يدِ غيرِهم كعجنِ الحصا وختمِه وأمثالِ ذلك) النكتُ الإعتقاديّة ، ص 42 - 44

ويؤكّدُ هذا الأمرَ الشيخُ ابنُ شهرآشوب في كتابِ المناقب، ج1 ص 299، فيقول : ( فهذهِ نبذٌ ممّا نقلَته الخاصّة عن النبيّ ص وهيَ في قسمِ التواترِ لاتّفاقِ معانيها وتماثلِ مدلولِها وإن اختلفَت ألفاظُها ويوضعُ ذلكَ أنَّ هذهِ الأخبارَ مُضمّنةٌ أكثرُها في كتبِ سلفِهم المعروفةِ بالأصولِ عندَهم ممّا قد أصابَ مؤلّفوها قبلَ الغيبةِ وكمالِ عدّةِ الأئمّةِ وكانَ الأمرُ موافقاً لِما رووه مِن غيرِ اختلافٍ والإخبارُ بالكائنِ قبلَ كونِه لا يكونُ إلّا منَ اللهِ تعالى ولا يؤخذُ إلّا عن رسولِه)

وهذه نماذجُ مِن تلكَ الأحاديث :

قالَ الحرُّ العامليّ ( ت 1104هـ) : ( وروى الثقةُ الجليلُ الصّدوق الفضلُ بنُ شاذان في كتابِ إثباتِ الرّجعة... وقالَ : حدّثنا فضالةُ بنُ أيّوب عن أبانَ بنِ عثمان عن محمّدِ بنِ مُسلم قالَ : قالَ أبو جعفرٍ عليهِ السلام : قالَ رسولُ اللّه صلّى اللّهُ عليهِ وآله وسلّم لعليّ بنِ أبي طالب عليهِ السلام : يا عليّ أنا أولى بالمؤمنينَ مِن أنفسِهم ثمَّ أنتَ يا عليّ أولى بالمؤمنينَ مِن أنفسِهم ثمَّ الحسنُ ثمَّ الحُسين ثمَّ عليُّ بنُ الحُسين ثمَّ محمّدُ بنُ علي ، ثمَّ جعفرُ بنُ محمّد ، ثمّ موسى بنُ جعفر ، ثمَّ عليُّ بنُ موسى ، ثمَّ محمّدُ بنُ علي ، ثمَّ عليُّ بنُ محمّد ، ثمَّ الحسنُ بنُ عليّ ، ثمَّ الحُجّةُ بنُ الحسنِ الذي تنتهي إليهِ الخلافةُ والوصايةُ ويغيبُ مُدّةً طويلة ، ثمَّ يظهرُ ويملأ الأرضَ عدلاً وقسطاً كما مُلئَت جوراً وظُلماً ) إثباتُ الهُداة ج2 ص233ــــــــ 234 حديث رقم 812.

ترجمةُ رجالِ السند :

الفضلُ بنُ شاذان :

فقيهٌ متكلّمٌ ثقةٌ جليل توفّيَ سنةَ 260هـ، قالَ الشيخُ النجاشي : (روى عن أبي جعفرٍ الثاني ، وقيلَ [ عن ] الرّضا أيضاً عليهما السلام وكانَ ثقةً ، أحدُ أصحابِنا الفقهاءِ والمُتكلّمين . وله جلالةٌ في هذه الطائفة ، وهوَ في قدرِه أشهرُ مِن أن نصفَه ) فهرستُ أسماءِ مُصنّفي الشيعة ، ص 308 .

فضالةُ بنُ أيّوب :

قالَ النّجاشي : ( فضالةُ بنُ أيّوب َالأزديّ عربيٌّ صميم ، سكنَ الأهواز ، روى عن موسى بنِ جعفر عليهِ السلام ، وكانَ ثقةً في حديثِه ، مُستقيماً في دينِه) فهرستُ أسماءِ مُصنّفي الشيعة ، ص 311ــــــ 312

ووثّقَه الشيخُ الطوسي . رجالُ الطوسي ، ص 342

أبانُ بنُ عثمان :

ثقةٌ بلا خلاف ، قالَ الكشّي : (أجمعَت العصابةُ على تصحيحِ ما يصحُّ مِن هؤلاءِ وتصديقِهم لِما يقولون وأقرّوا لهم بالفقهِ ... وأبانُ بنُ عثمان ) ( اختيارُ معرفةِ الرّجال ج2 ص 257

محمّدُ بنُ مسلم : ثقةٌ، بل كانَ مِن أوثقِ الناسِ كما في فهرستِ أسماءِ مُصنّفي الشيعةِ للنّجاشي، ص 325

بقيَ الكلامُ في سندِ الحرِّ العامليّ إلى كتابِ الفضلِ بنِ شاذان مُختصرُ إثباتِ الرّجعة وسائرِ كُتبِه.

ذكرَ الحرُّ العامليّ في كتابِه إثباتُ الهُداة أنَّ له طرقاً إلى الكتبِ التي نقلَ منها، وعدَّ طرقها منَ المُتواترات، قالَ : (التاسعةُ : اعلَم أنَّ لنا طرقاً إلى روايةِ الكتبِ التي نقَلنا مِنها ، والأحاديثُ التي جمعناها قد ذكرنا بعضَها في كتابِ تفصيلِ وسائلِ الشيعة إلى تحصيلِ مسائلِ الشريعةِ وغيرِه ، ولا حاجةَ إلى ذكرِها هُنا لأنَّ هذه الأخبارَ وهذهِ الكتبَ متواترة) إثباتُ الهُداة بالنّصوصِ والمُعجزات، ج ١، الحرُّ العاملي، ص ٤٨ .

مِن هذهِ الكتبِ التي نقلَ عَنها الحرُّ : كتابُ إثباتِ الرّجعةِ للفضلِ بنِ شاذان، كما في الروايةِ التي نقلناها عنه.

وفي وسائلِ الشيعة ج30 ص 170 ذكرَ طرقاً عديدةً تمرُّ عبرَ أجلّاءِ الطائفةِ وعلمائِها الثقاتِ إلى الكتبِ التي اعتمدَ عليها ومِنها كتابُ الفضلِ بنِ شاذان . ن . م ص 179

قد يقالُ: إنَّ كتابَ الفضلِ بنِ شاذان الذي ذكرَه في وسائلِ الشيعةِ هوَ غيرُ كتابِ مختصرِ إثباتِ الرّجعة، لكنَّ هذا مردودٌ لأنَّ الحرَّ نقلَ عن كتابِ مُختصرِ إثباتِ الرّجعةِ في إثباتِ الهُداة وأحالَ إلى وسائلِ الشيعةِ لمعرفةِ طريقِه إليه وإلى سائرِ الكتبِ التي نقلَ عنها في إثباتِ الهُداة .

قالَ في وسائلِ الشيعة ج30 ص 179 : ( وقد عُرفَ مِن ذلكَ الطريق إلى : الكُلينيّ ، والصّدوق ، والحسنِ بنِ محمّد الطوسيّ وأحمدَ بنِ أبي عبدِ الله البُرقي ، ومحمّدِ بنِ الحسنِ الصفّار ، وعبدِ اللهِ بنِ جعفر ، الحِميري وسعدِ بنِ عبدِ الله ، والفضلِ بنِ شاذان...)

قالَ الرّجاليُّ مسلمٌ الداوري : ( كما أنَّ لصاحبِ الوسائلِ طريقاً مُعتبراً إلى الفضلِ ذكرَه في إجازتِه لابنِ المشهدي) أصولُ علمِ الرّجالِ بينَ النظريّةِ والتطبيق ص 305.

قالَ الحرُّ العامليّ في إجازتِه للمشهدي: ( وأجزتُ له أن يروى عنّي رسالةَ القبلةِ وغيرَها مِن مؤلّفاتِ الفضلِ بنِ شاذان بالسندِ الأوّلِ عن الكُليني ، عن محمّدٍ بنِ إسماعيل ، عن الفضلِ بنِ شاذان) بحارُ الأنوار، ج107 ص 119.

والروايةُ موضعُ البحثِ هذه ذكرَها السيّدُ مير لوحي كما في مُختصرِ كفايةِ المُهتدي ص 81 نقلاً عن كتابِ الفضلِ بنِ شاذان، وقد ذهبَ السيّدُ محمّد رضا السيستاني إلى أنَّ ما أودعَه مير لوحي في كتابِ كفايةِ المُهتدي قد نقلَه عن إثباتِ الرّجعة لابنِ شاذان، وخرجَ بنتيجةٍ فقال : ( فتكونُ الروايةُ المذكورةُ مُعتبرةً ويمكنُ الاعتمادُ عليها ) القبسات ج3

بعدَ إثباتِ صحّةِ سندِ الحرِّ العامليّ إلى الفضلِ بنِ شاذان وكتبِه نوردُ نصّاً آخرَ نقلَه الحرُّ عن الفضل.

روى الشيخُ الحرُّ العامليّ هذه الروايةَ : ( ... عن عليٍّ بنِ أبي طالب عن النبيّ صلّى اللّهُ عليهِ وآله وسلّم في حديثٍ طويل أنّه قالَ لعليٍّ عليهِ السلام : لستُ أتخوّفُ عليكَ النسيانَ والجهل ؛ ولكن اكتُب لشُركائكَ الذينَ مِن بعدك ؛ قالَ : قلتُ : يا رسولَ اللّه ومَن شُركائي ؟ قالَ : الذينَ قرنَ اللّهُ طاعتهم ...

قلتُ : يا رسولَ اللّه سمِّهم لي ؟ قالَ : أنتَ يا عليّ ثمَّ ابني هذا . ووضعَ يدَه على رأسِ الحسن . ثمَّ ابني هذا . ووضعَ يدَه على رأسِ الحُسين . ثمَّ سميُّكَ يا أخي هوَ السيّدُ زينُ العابدين ، ثمَّ ابنُه سميّي محمّد باقر عِلمي وخازنُ وحي اللّه وسيولدُ مُحمّدٌ في زمانِك يا أخي فأقرِئهُ منّي السلام ، ثمّ جعفرُ بنُ محمّد ، ثمَّ موسى بنُ جعفر ، ثمَّ عليُّ بنُ موسى ، ثمَّ محمّدُ بنُ عليّ ، ثمَّ عليُّ بنُ محمّد ، ثمَّ الحسنُ بنُ عليّ الزكي ثمَّ مَن اسمُه اسمي ولونُه لوني القائمُ بأمرِ اللّه في آخرِ الزّمان ، المهديّ الذي يملأ الأرضَ قسطاً وعدلاً كما مُلئَت جوراً وظُلماً ، تكملةُ اثني عشرَ إماماً ؛ والمهديُّ اسمُه محمّد الذي يملأ الأرضَ قسطاً وعدلاً بعدَ ما مُلئَت فتنةً وظُلماً ، واللّهِ إنّي لأعرفُه باسمِه ، وحيثُ يبايعُ بينَ الرّكنِ والمقام ، واعرفُ أسماءَ أنصارِه )

قالَ الحرُّ مُعقباً : ( ورواهُ الفضلُ بنُ شاذان في كتابِ إثباتِ الرّجعةِ عن محمّدِ بنِ إسماعيل بنِ بزيع عن حمّادَ بنِ عيسى عن إبراهيمَ بنِ عُمر اليماني عن أبانَ بنِ أبي عيّاش عن سُليمٍ بنِ قيس . ورواهُ أيضاً عن محمّدِ بنِ إسماعيل عن حمّادَ بنِ عيسى عن الصّادقِ عن آبائِه عليهم السّلام مثله) إثباتُ الهداةِ بالنّصوصِ والمُعجزات، ج2 ص 120

وروايةُ الفضلِ بنِ شاذان للنّصِّ السابقِ عن محمّدِ بنِ إسماعيل عن حمّادَ بنِ عيسى صحيحةُ السّند، فمحمّدُ بنُ إسماعيل وحمّادُ بنُ عيسى ثقتان.

وفي الختامِ نحيلُ السائلَ إلى مراجعةِ كتاب : تواترُ النصِّ على الأئمّةِ ، لمحمّد صنقور البحراني، ففيهِ نصوصٌ عديدةٌ منقولةٌ عن النبيّ صلّى اللهُ عليهِ وآله وسلّم فضلاً عن سائرِ الأئمّةِ عليهم السلام.