ما هو رأي علماء الشيعة في جلال الدين الرومي؟

جلالُ الدّينِ الرّومي شاعرٌ وعالمٌ صوفيّ ينتمي إلى المذهبِ السنّي، ويحظى بشعبيّةٍ واسعةٍ وبخاصّةٍ عندَ المُهتمّينَ بأعمالِه الفنيّةِ والأدبيّة، مثلَ "مثنويّةِ الرّحمن"، و"ديوانِ شمسِ الدين التبريزي".

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجوابُ:

جلالُ الدّينِ الرّومي شاعرٌ وعالمٌ صوفيّ ينتمي إلى المذهبِ السنّي، ويحظى بشعبيّةٍ واسعةٍ وبخاصّةٍ عندَ المُهتمّينَ بأعمالِه الفنيّةِ والأدبيّة، مثلَ "مثنويّةِ الرّحمن"، و"ديوانِ شمسِ الدين التبريزي".

وقد جاءَ في ترجمتِه من كتابِ أعلامِ الزّركلي: (جلالُ الدينِ الرّومي (604 - 672هـ = 1207 - 1273م) محمّدُ بنُ محمّد بنِ الحُسين بنِ أحمدَ البلخيّ القونويّ الرومي، جلالُ الدين: عالمٌ بفقهِ الحنفيّةِ والخلافِ وأنواعِ العلوم، ثمّ متصوّفٌ (تركَ الدّنيا والتصنيف)، كما يقولُ مؤرّخو العرب. وهوَ عندَ غيرِهم صاحبُ (المثنوي) المشهورِ بالفارسيّة، وصاحبُ الطريقةِ (المولويّة) المنسوبةِ إلى (مولانا) جلالِ الدين..

ولدَ في بلخ (بفارس) وانتقلَ مع أبيه إلى بغداد، في الرّابعةِ مِن عُمره، فترعرعَ بها في المدرسةِ المُستنصريّة حيثُ نزلَ أبوه. ولم تطُل إقامتُه؛ فإنَّ أباهُ قامَ برحلةٍ واسعة، ومكثَ في بعضِ البُلدان مُدداً طويلةً، وهوَ معَه، ثمّ استقرَّ في قونية سنةَ (623هـ).

وعُرفَ جلالُ الدين بالبراعةِ في الفقهِ وغيرِه منَ العلومِ الإسلاميّة، فتولّى التدريسَ بقونية في أربعِ مدارس، بعدَ وفاةِ أبيه (سنةَ 628هـ)، ثمّ تركَ التدريسَ والتصنيفَ والدّنيا وتصوّفَ (سنةَ 642هـ) أو حولَها، فشغلَ بالرّياضةِ وسماعِ الموسيقى ونظمِ الأشعار وإنشادها.

ونظمَ كتابه (المثنوي - ط) بالفارسيّة (وقد تُرجمَ إلى التركيّة، وشُرح، وطُبعَ بها وبالعربيّة وبالفارسيّة)، وهو منظومةٌ صوفيّةٌ فلسفيّة في 700/25 بيتٍ، في ستّةِ أجزاء، كتبَ مقدّمتَها بالعربيّة وتخلّلتها أبياتٌ عربيّةٌ مِن نظمِه.

واستمرَّ يتكاثرُ مُريدوه وتابعو طريقتِه إلى أن توفّيَ بقونية. وقبرُه فيها معروفٌ إلى اليوم، في تكيّةٍ أصبحَت (مُتحفاً) يضمُّ بعضَ مخلّفاتِه ومخلّفاتِ أحفادِه وكتباً).

ولم نقِف على دراساتٍ أو مواقفَ خاصّةٍ مِن علماءِ الشيعةِ تتعلّقُ بجلالِ الدّين الرومي، فالرّجلُ لم يكُن مُناهضاً للفكرِ الشيعيّ ولم يشكِّل خطراً حتّى ينبريَ العلماءُ على مناقشتِه وردّه، فقد تميّزَ بنهجٍ خاصٍّ في التصوّفِ وإليهِ تنتمي الطريقةُ المولويّةُ المشهورةُ في تركيا وبعضِ الدّولِ الإسلاميّة، ولا يعني ذلكَ أنَّ علماءَ الشيعةِ لهم موقفٌ متصالحٌ معَ التصوّفِ فقد ردّوا على الصوفيّةِ في الكثيرِ مِن مؤلّفاتهم.

وعليهِ منَ الصّعبِ الحصولُ على رأيٍ موحّدٍ لدى الشيعةِ حولَ شخصِ الرومي.

وفي الجُملةِ يمكنُ القولُ أنَّ بعضَ العلماءِ الشيعةِ يتبنّونَ نهجًا مُتحفّظًا تجاهَ جلالِ الدّينِ الرومي وأعمالِه، وذلكَ بسببِ اختلافِ الأقوالِ حولَ بعضِ المفاهيمِ والموضوعاتِ التي يتناولُها في أعمالِه، والتي يرونَها تتعارضُ معَ العقيدةِ الشيعيّة.

ومنَ الجانبِ الآخر، يوجدُ العديدُ مَنَ العلماءِ الشيعةِ الذينَ يحترمونَ ويقدّرونَ أشعارَ جلالِ الدّينِ الرّومي وأعمالَه، ويرونَها مؤثّرةً ومفيدةً للنّفسِ البشريّة، وهيَ قادرةٌ على تعزيزِ الروحانيّةِ والتواصلِ معَ اللهِ بطرقٍ مُختلفة.