معنى الغفلة في قوله: {وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}؟

سؤال: قال تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}، ما معنى {وَإِن كُنتَ مِن قَبْلِهِ لَمِنَ الْغَافِلِينَ}؟ هل معناه أنّ رسول الله كان غافلاً قبل أن يؤتى القرآن؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجواب:

الغفلة هنا بمعنى عدم الاطّلاع والمعرفة بما جاء في القرآن من قصص الماضين وأخبارهم، فلولا الوحي وإخبار الله لاستحال على النبيّ معرفة ذلك.

وفي هذا دليل على أنّ مصدر القرآن هو الله تعالى، وليس من ابتكارات النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله) كما يدّعي بعض المبطلين، فقصص الأنبياء والأمم السابقة من الأمور الغيبيّة التي يستحيل على الرسول وعلى مَن كان في عصره الاطّلاع عليها، والطريق الوحيد لمعرفتها والوقوف على تفاصيلها هو الوحي، ولذا قال تعالى في آية أخرى من نفس السورة: {ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ}، فخبر اجتماع أبناء يعقوب على التخلّص من يوسف والمكر به من أنباء الغيب؛ وذلك لأنّ الرسول لم يكن شاهداً عليه ولم يكن حاضراً بينهم، والله وحده هو العالم بذلك، والمطّلع على نواياهم، وهو الذي أوحى إلى رسوله الكريم، وأخبره بما جرى.

وكذلك الحال في قوله تعالى: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ}، فقوله: {بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ}، دليل على أنّ الوحي هو السبب في معرفة رسول الله بتلك القصص والأخبار، فالباء في الآية سببيّة، أي بسبب إيحائنا إليك هذا القرآن صرت عارفاً بتلك القصص.

والمعنى: نحن نقص عليك أحسن القصص بسبب ما أوحيناه إليك من هذا القرآن، والحال أنّك كنت قبل إيحائنا إليك بهذا القرآن، من الغافلين عن تفاصيل هذا القصص، شأنك في ذلك شأن كلّ مَن لم يكن حاضراً وشاهداً عليها، وهذا ما يؤكده قوله تعالى: {تِلْكَ مِنْ أَنْبَآءِ الغيب نُوحِيهَآ إِلَيْكَ مَا كُنتَ تَعْلَمُهَآ أَنتَ وَلاَ قَوْمُكَ مِن قَبْلِ هذا فاصبر إِنَّ العاقبة لِلْمُتَّقِينَ}.