الإلحاد في الأسماء

السؤال: ما معنى الإلحاد في الأسماء في قوله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون)؟

: - اللجنة العلمية

الجواب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

{وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

الإلحاد هو العدول عن الاستقامة والميل عن الحقّ.

والإلحاد في الأسماء الإلهيّة بوضعها في غير مواضعها، كما في الحديث الوارد عن الإمام الصادق (عليه السلام)، قال: « فليس له شبه ولا مثل ولا عدل، وله الأسماء الحسنى التي لا يُسمّى بها غيره، وهي التي وصفها في الكتاب فقال: {فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} جهلاً بغير علم، فالذي يلحد في أسمائه بغير علمٍ يشرك وهو لا يعلم، ويكفر به وهو يظن أنه يحسن، فلذلك قال: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشْرِكُونَ}، فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علمٍ، فيضعونها غيرَ مواضعها » [التوحيد ص324].

ووضع الأسماء غير مواضعها يشمل إطلاق الأسماء الإلهيّة على غيره، وإطلاق أسماء غيره تعالى عليه.

قال الشيخ الطبرسيّ: ({وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} أي: دعوا الذين يعدلون بأسماء الله تعالى عما هي عليه، فيسمّون بها أصنامهم، ويغيّرونها بالزيادة والنقصان، فاشتقّوا اللات من الله، والعزى من العزيز، ومنات من المنان، عن ابن عباس، ومجاهد. وقيل: إنّ معنى {يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ}: يصفونه بما لا يليق به، ويسمّونه بما لا يجوز تسميته به. وهذا الوجه أعمّ فائدة، ويدخل فيه قولُ الجبائيّ: أراد تسميتهم المسيح بأنّه ابن الله. وفي هذا دلالة على أنّه لا يجوز أن يُسمّى الله تعالى إلّا بما سمّى به نفسه) [مجمع البيان ج4 ص400].

وقال العلّامة الطباطبائيّ: (والناس في هذا الموقف على ما لهم من الاتّفاق على أصل الذات ثلاثة أصناف:

صنفٌ يسمّونه بما لا يشتمل من المعنى إلّا على ما يليق أن يُنسَب إلى ساحته من الصفات المبيّنة للكمال، أو النافية لكلّ نقص وشين.

وصنف يلحدون في أسمائه، ويعدلون بالصفات الخاصّة به إلى غيره، كالماديّين والدهريّين الذين ينسبون الخلق والإحياء والرزق وغير ذلك إلى المادّة أو الدهر، وكالوثنيّين الناسبين الخير والنفع إلى آلهتهم، وكبعض أهل الكتاب حيث يصفون نبيّهم أو أولياء دينهم بما يختصّ له تعالى من الخصائص، ويلحق بهم طائفةٌ من المؤمنين حيث يعطون للأسباب الكونيّة من الاستقلال في التأثير ما لا يليق إّلا بالله سبحانه.

وصنفٌ يؤمنون به تعالى غير أنّهم يلحدون في أسمائه، فيثبتون له من صفات النقص والأفعال الدنيّة ما هو منزّه عنه، كالاعتقاد بأنّ له جسماً، وأنّ له مكاناً، وأنّ الحواسّ الماديّة يمكن أن تتعلّق به على بعض الشرائط، وأنّ له علماً كعلومنا، وإرادة كإراداتنا، وقدرة كمقدراتنا، وأنّ لوجوده بقاءً زمانيّاً كبقائنا، وكنسبة الظلم في فعله، أو الجهل في حكمه، ونحو ذلك إليه، وهذه جميعا من الالحاد في أسمائه.

ويرجع الأصناف الثلاثة في الحقيقة إلى صنفين:

صنفٌ يدعونه بالأسماء الحسنى، ويعبدون الله ذو الجلال والاكرام، وهؤلاء هم المهتدون بالحقّ.

وصنفٌ يلحدون في أسمائه، ويسمّون غيره باسمه أو يسمّونه باسم غيره، وهؤلاء أصحاب الضلال الذين مسيرهم إلى النار على حسب حالهم في الضلال وطبقاتهم منه) [تفسير الميزان ج8 ص341-342].

والحمد لله ربّ العالمين