هل خلق ابليس من نور رسول الله؟

إذا كان كلّ شيء خلق من نور رسول الله، فهل هذا يعني أنّ إبليس والشرور خلقت منه أيضاً؟

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجواب:

إن مفاهيماً مثل الخير والشر، والحسن والقبيح، إنما يتوقف انتزاعها على جهة من جهات الموجود، فقد يكون من جهة هو خير وحسن، ومن جهة أخرى شر وقبيح، فالكافر مثلاً من جهةِ كونهِ موجوداً هو كمال لا نقص، وخير لا شر، لكن من جهة عصيانه أوامر خالقه هو شرير وقبيح.

وعلى هذا الأساس فكل موجود ــ بما في ذلك إبليس لعنه الله ــ من جهة كونه موجوداً مخلوقاً هو كمال وأمر حسن، وكل ما خلقه تعالى كذلك، قال تعالى: (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ.. الآية)، السجدة: 7، نعم يلحقه وصف الشر من جهة أفعاله هو لا من جهة فعل الله تعالى، ومن هذه الجهة (وجوده)، يكون من نور النبي الأكرم صلى الله عليه واله، لا من جهة فعله وشره.

وفي الحديث بإسناده عن جابر بن عبد الله قال: قلت لرسول الله صلى الله عليه وآله: «أول شئ خلق الله تعالى ما هو؟ فقال: نورُ نبيك يا جابر، خلقهُ الله ثم خلق منه كل خير»، (بحار الأنوار، ج ١٥، ص٢٤)، وفي هذا الرواية إجابةٌ مباشرة لسؤال السائل، حيث أكدت على أنّ الخير هو الذي تم خلقهُ من نور محمد (صلى الله عليه وآله).

وفي كونه صلى الله عليه واله وأهل بيته أول الخلق روايات فوق حد الاستفاضة، منها: الحديث عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مخاطباً عمّهُ العباس قائلاً: «يا عمّاهُ أمّا قولك أنا وأنت وعلي والحسن والحسين من ينبوع واحدٍ فصدقت، ولكن خلقنا اللهُ نحن حيث لا سماء مبنية ولا أرض مدحية ولا عرش ولا جنة ولا نار كنّا نسبّحهُ حين لا تسبيح ونقدّسهُ حين لا تقديس، فلمّا أرادَ الله بدء الصّنعة فتق نوري فخلق منه العرش، فنورُ العرش من نوري، ونوري من نور الله وأنا أفضلُ من العرش. ثم فتق نورَ ابن أبي طالب فخلق منه الملائكة، فنور الملائكة من نور ابن أبي طالب ونورُ ابن أبي طالب من نور الله ونور ابن أبي طالب أفضل من الملائكة. وفتق نورَ ابنتي فاطمة منه فخلق السماوات والأرض فنورُ السماوات والأرض من نور ابنتي فاطمة ونورُ فاطمة من نور الله، وفاطمة أفضل من السماوات والأرض. ثم فتق نورَ الحسن فخلق منه الشمس والقمر فنورُ الشمس والقمر من نور الحسن ونور الحسن من نور الله، والحسن أفضل من الشمس والقمر. ثم فتقَ نور الحسين فخلق منه الجنة والحور العين فنور الجنة والحور العين من نور الحسين، ونور الحسين من نور الله، والحسين أفضلُ من الجنة والحور العين..» (بحار الأنوار ج 25 / 17).

وعن معاذ بن جبل أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال: «إنّ الله خلقني وعلياً وفاطمة والحسن والحسين من قبل أن يخلق الدنيا بسبعة آلاف عام. قلت فأين كنتم يا رسول الله؟ قال: قدام العرش نسبّحُ الله ونحمدهُ ونقدّسه ونمجّده. قلت: على أيّ مثال؟ قال: أشباح نور حتّى إذا أراد الله عزّ وجلّ أن يخلق صورنا صيّرنا عمود نور ثمّ قذفنا في صلب آدم ثمّ أخرجنا إلى أصلاب الآباء وأرحام الاُمّهات ولا يصيبنا بخسُ الشرك ولا سفاحُ الكفر يسعد بنا قوم ويشقي بنا آخرون..» (بحار الأنوار ج 15 / ص 3 إلى ص 35).

وعن جابر، قال: «قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) أول ما خلق الله نوري، ففتق منه نور علي، ثم خلق العرش واللوح والشمس وضوء النهار ونور الابصار والعقل والمعرفة» (بحار الانوار ج 54 ص 170).