طول آدم (ع)
السؤالُ: كَم كانَ طولُ النبيّ آدم (ع)، هل كانَ (60) ذراعاً كما يعتقدُ السنّة؟ السلامُ عليكُم ورحمةُ الله ،
الجوابُ:
إنَّ الواردَ في مصادرِ الشيعةِ المُعتبرةِ أنّ طولَ نبيّ اللهِ آدم (ع) هوَ سبعونَ ذراعاً، ويدلُّ على ذلكَ ما رواهُ الكلينيّ في كتابه الكافي (ج ٨/ ص233) عن عليٍّ بنِ إبراهيم ، عن أبيهِ ، عن الحسنِ بنِ محبوب ، عن مقاتلِ بنِ سُليمان قالَ : سألتُ أبا عبدِ الله ( عليهِ السلام ) كم كانَ طولُ آدم ( عليهِ السلام ) حيثُ هبطَ به إلى الأرضِ وكم كانَ طول حوّاء ؟ قالَ : وجدنا في كتابِ عليّ بنِ أبي طالب ( عليهِ السلام ) أنَّ اللهَ عزَّ وجل لمّا أهبطَ آدمَ وزوجتَه حوّاء ( عليهما السلام ) إلى الأرض كانَت رجلاهُ بُثنية الصّفا ورأسُه دونَ أفقِ السماءِ وإنّه شكا إلى اللهِ ما يصيبُه مِن حرِّ الشمسِ فأوحى اللهُ عزَّ وجل إلى جبرئيلَ ( عليهِ السلام ) أنَّ آدمَ قد شكا ما يصيبُه مِن حرِّ الشمسِ فأغمزَه غمزةً وصيّرَ طولَه سبعينَ ذراعاً بذراعِه وأغمزَ حوّاء ، غمزةً فيصيرُ طولُها خمسةً وثلاثينَ ذراعاً بذراعها.
وفي كتابِ (بحارِ الأنوار) ، (ج ١١/ ص ١٢٧) ذكرَ العلّامةُ المجلسيّ إشكالينِ على هذا الخبر، وبيّنَ الجوابَ عنهما، إذ قالَ: اعلَم أنَّ هذا الخبرَ مِن مُشكلاتِ الأخبارِ ومُعضلاتِ الآثار، والاِعضالُ فيه مِن وجهين:
أحدُهما : أنَّ طولَ القامةِ كيفَ يصيرُ سبباً للتأذّي بحرِّ الشمس ؟ والثاني أنَّ كونَه عليهِ السلام سبعينَ ذراعاً بذراعِه يستلزمُ عدمَ استواءِ خلقتِه على نبيّنا وآله وعليهِ السلام، وأن يتعسّرَ بل يتعذّرَ عليهِ كثيرٌ منَ الأعمالِ الضروريّة.
والجوابُ عن الأوّلِ بوجهين : الأوّلُ : أنّه يمكنُ أن يكونَ للشمسِ حرارةٌ مِن غيرِ جهةِ الانعكاسِ أيضاً ، ويكونُ قامتُه طويلةً جدّاً بحيثُ تتجاوزُ الطبقةَ الزمهريريّة ويتأذّى مِن تلكَ الحرارة ، ويؤيّدُه ما اشتهرَ مِن قصّةِ عوجٍ بنِ عناق أنّه كانَ يرفعُ السّمكَ إلى عينِ الشمسِ ليشويه بحرارتِها.
والثاني : أنّه لطولِ قامتِه كانَ لا يمكنُه الاستظلالُ ببناءٍ ولا جبلٍ ولا شجرٍ ، فكانَ يتأذّى مِن حرارةِ الشمسِ لذلك .
وأمّا الثاني فقد أجيبَ عنه بوجوهٍ : الأوّلُ : ما ذكرَه بعضُ الأفاضلِ أنَّ استواءَ الخلقةِ ليسَ مُنحصِراً فيما هوَ معهودٌ الآن ، فإنَّ اللهَ تعالى قادرٌ على خلقِ الإنسانِ على هيئاتٍ أُخرَ كلٌّ مِنها فيهِ استواءُ الخلقةِ ، وذراعُ آدمَ على نبيّنا وآله وعليهِ السلام يمكنُ أن يكونَ قصيراً معَ طولِ العضدِ ، وجعلِه ذا مفاصل ، أو ليّناً بحيثُ يحصلُ الارتفاقُ به والحركةُ كيفَ شاء .
الثاني : ما ذكرَه أيضاً وهوَ أن يكونَ المرادُ بالسبعينَ سبعينَ قدماً أو شبراً ، وتركَ ذكرَهما لشيوعِهما ، والمرادُ الأقدام والأشبارُ المعهودةُ في ذلكَ الزمان ، فيكونُ قولهُ : ذراعاً بدلاً منَ السّبعين ، بمعنى أنَّ طولَه الآنَ وهوَ السبعونَ بقدرِ ذراعِه قبلَ ذلك ، وفائدتُه معرفةُ طولِه أوّلاً فيصيرُ أشدُّ مطابقةً للسّؤالِ كما لا يخفى . وأمّا ما وردَ في حوّاء عليها السلام. فالمعنى أنّه جعلَ طولَها خمسةً وثلاثينَ قدماً بالأقدامِ المعهودةِ ، وهيَ ذراعٌ بذراعِها الأوّل ، فيظهرُ أنّها كانَت على النصفِ منِ آدم. ثُمَّ ذكرَ أجوبةً أخرى في المقام، فمَن أرادَ معرفتَها فليرجِع إلى المصدرِ المذكورِ آنفاً. ودمتُم سالِمين.
اترك تعليق