لماذا تكرّرت كلمة اصطفاك مرّتين؟
السؤال: (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ). لماذا كرّر الله كلمة اصطفاك مرّتين في نفس الجملة مع أنّ مدلولها واحد..
الجواب:
لا شكّ بأنّ كلمة الاصطفاء تحمل معنى واحد وهو الاختيار، فنقول اصطفى فلان أيْ اختاره وفضَّله، وقد جاءت بنفس هذا المعنى في الآية الكريمة، إلّا أنّ متعلّق الاصطفاء في الأولى يختلف عن متعلّقه في الثانية، والذي يؤكّد ذلك أنّ كلمة (اصفاك) الأولى جاءت مجرّدة من حرف الجر على، في حين كلمة (اصطفاك) الثانية جاءت مع حرف الجر على، ويستفاد من ذلك أنّ كلمة اصفاك الأولى جاءت مطلقة وليست خاصّة أو منحصرة في مريم (عليها السلام)، فكما اختارها الله لطاعته وعبادته وطهّرها من الأدناس والأرجاس كذلك اصطفى واختار غيرها أيضاً، يقول تعالى: (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
في حين كلمة اصفاك الثانية جاءت خاصّة فقط بمريم (عليها السلام)، فلا يشاركها الرجال؛ لأنّه اصطفاء خاصّ بالنساء، ولا تشاركها النساء؛ لأنّ الله اصطفاها على نساء العالمين.
جاء في تفسير الأمثل: "والجدير بالذكر أنّ كلمة "اصطفاك" تكرّرت مرّتين في هذه الآية، ففي المرّة الأولى كانت لبيان الاصطفاء المطلق، وفي الثانية إشارة إلى أفضليّتها على سائر نساء العالم المعاصرة لها.
وهذا يعني أنّ مريم (ع) كانت أعظم نساء زمانها، وهو لا يتعارض مع كون سيّدة الإسلام فاطمة الزهراء (عليها السلام) سيّدة نساء العالمين، فقد جاء في أحاديث متعدّدة عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلم) والإمام الصادق (عليه السلام) قولهما: "أمّا مريم فكانت سيّدة نساء زمانها. أمّا فاطمة فهي سيّدة نساء العالمين من الأوّلين والآخرين".
كما أنّ كلمة "العالمين" لا تتعارض مع هذا الكلام أيضا، فقد وردت هذه الكلمة في القرآن وفي الكلام العامّ بمعنى الناس الذين يعيشون في عصر واحد، كما جاء بشأن بني إسرائيل وأنّي فضّلتكم على العالمين. فلا شكّ أنّ تفضيل مؤمني بني إسرائيل كان على أهل زمانهم" (ج2 ص 493 – 494).
اترك تعليق