معنى الواحد الأحد

أرجو منكم إيضاح بسيط حول أنّ الله تعالى واحد، أحد، أزليّ، لم يلد، و لم يولد.

: الشيخ معتصم السيد احمد

الجواب:

يقول الشيخ الصدوق في كتاب الاعتقادات: (اعلم أنّ اعتقادنا في التوحيد أنّ الله تعالى واحد، أحد، ليس كمثله شيء، قديم، لم يزال، سميع، بصير، عليم، حكيم، حيّ، قيّوم، عزيز، قدّوس، قادر، غني. لا يوصف بجوهر، ولا جسم، ولا صورة، ولا عرض، ولا خطّ، ولا سطح، ولا ثقل، ولا خفّة، ولا سكون، ولا حركة، ولا مكان، ولا زمان. وأنّه تعالى متعالٍ عن جميع صفات خلقه، خارج من الحدّين: حدّ الإبطال وحدّ التشبيه. وأنّه تعالى شيء لا كالأشياء، أحد، صمد، لم يلد فيورث، ولم يولد فيشارك، ولم يكن له كفء أحد، ولا ندّ، ولا ضدّ، ولا شبه، ولا صاحبة، ولا مثل، ولا نظير، ولا شريك، لا تدركه الأبصار والأوهام وهو يدركها، لا تأخذه سنة ولا نوم، وهو اللطيف الخبير، خالق كلّ شيء، لا إله إلّا هو، له الخلق والأمر، تبارك الله رب العالمين).

وتوضيح ذلك بشكل مختصر:

1- الأحديّة: وتعني أنّ الله واحد بذاته، أي أنّ ذاته المقدّسة بسيطة غير مركبة من أجزاء، كما هو شأن الأجسام، فهو الصمد الذي لا جوف ولا أبعاض ولا أعضاء له، سُئل الإمام زين العابدين (عليه السلام) عن الصمد؟ فقال (عليه السلام): « الصّمد الّذي لا شريك له، ولا يَؤوده حفظ شيء، ولا يَعزب عنه شيء، والّذي لا جوف له، والّذي قد انتهى سُؤْدُدُه، والّذي لا يأكل ولا يشرب، والّذي لا ينام، والّذي لم يَزَل ولا يزال ».

2- الواحد: وتعنى نفي العدد والكثرة، فالله واحد ليس معه شريك أو مثيل أو نظير، وفي ذلك يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): « إنّ القول في أنّ الله واحد على أربعة أقسام: فوجهان منها لا يجوزان على الله عزّ وجلّ، ووجهان يثبتان فيه. فأمّا اللذان لا يجوزان عليه: فقول القائل: واحد، يقصد به باب الأعداد، فهذا ما لا يجوز؛ لأنّ ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداد، أما ترى أنّه كفّر من قال: ثالث ثلاثة. والثاني: قول القائل: هو واحد من الناس، يريد به النوع من الجنس، فهذا ما لا يجوز عليه؛ لأنّه تشبيه، وجلّ ربّنا عن ذلك وتعالى. وأمّا الوجهان اللذان يثبتان فيه: فقول القائل: هو واحد ليس له في الأشياء شبه، كذلك ربّنا. والثاني: قول القائل: إنّه عزّ وجلّ أحديّ المعنى، يعني به أنّه لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم، كذلك ربّنا عزّ وجلّ ».

وجاء في كتاب التوحيد للشيخ الصدوق: (« الواحد، الأحد »: الأحد معناه أنّه واحد في ذاته، ليس بذي أبعاض ولا أجزاء ولا أعضاء، ولا يجوز عليه الأعداد والاختلاف؛ لأنّ اختلاف الأشياء من آيات وحدانيّته ممّا دلّ به على نفسه، ويقال: لم يزل الله واحداً. ومعنى ثانٍ: أنّه واحد لا نظير له، فلا يشاركه في معنى الوحدانيّة غيره؛ لأنّ كل مَن كان له نظراء وأشباه لم يكن واحداً في الحقيقة، ويقال: فلان واحد الناس، أي لا نظير له فيما يوصف به، والله واحد لا من عدد؛ لأنّه عز وجل لا يعدّ في الأجناس، ولكنّه واحد ليس له نظير).

3- الأزليّة والأبديّة: ويعبر عنها أيضاً بالقديم والباقي، وتعني أنّ الله واجب الوجود بذاته، لم يستمد وجوده من غيره، وهذا بخلاف الموجود الإمكانيّ: وهو الموجود الذي وقع عليه الخلق والإيجاد، فوجود جميع الموجودات في عالم الإمكان غير نابع من ذاتها؛ لأنّها مسبوقة بالعدم، وطرأ عليها الوجود بعد أن لم تكن موجودة. يقول الشيخ الصدوق: (« القديم »: معناه أنّه المتقدّم للأشياء كلّها، وكلّ متقدّم لشيء يسمّي قديماً إذا بولغ في الوصف، ولكنّه سبحانه قديم لنفسه بلا أوّل ولا نهاية، وسائر الأشياء لها أوّل ونهاية).

وفي الحديث عن الإمام محمّد بن علي الباقر (عليهما السلام) قال: «... هو الله القديم الذي لم يزل... القديم في ذاته »، وعن الإمام علي بن موسي الرضا (عليه السلام) قال: « إنّ الله تبارك وتعالي قديم، والقدم صفة دلّت العاقل علي أنّه لا شيء قبله... ».

4- لم يلد ولم يولد: إذا كان الله بسيطاً غير مركب - كما بيّنا - فحينها ينتفي خروجه من شيء أو خروج شيء منه، ففي الحديث عن الإمام الحسين (عليه السلام) في قوله تعالى: (لم يلد) قال: « لم يخرج منه شيء كثيف كالولد وسائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين، ولا شيء لطيف كالنفس، ولا يتشعّب منه البدوات كالسنة والنوم... (ولم يولد): لم يتولّد من شيء، ولم يخرج من شيء كما يخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها... ولا كما يخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر من العين ».