ماهي الكتب التي ألفت في زمن الأئمة (عليهم السلام) غير كتاب سليم بن قيس الهلالي

ممكن تذكرون لنا الكتب التي ألفت في زمن الأئمة عليهم السلام غير كتاب سليم بن قيس الهلالي ؟ وكذلك الكتب المعتبرة غير الكتب الأربعة المعتمدة في القرن الثاني والثالث الهجري؟ وشكرا" بالتسلسل اذا أمكن

: الشيخ معتصم السيد احمد

السلام عليكم ورحمة الله

تشيرُ الرّواياتُ إلى وجودِ عددٍ منَ المُصنّفاتِ العائدةِ إلى أصحابِ أميرِ المؤمنينَ (عليه السّلام)، وقيلَ أنَّ أوّلَ مَن دوّنَ في الحديثِ هوَ مولى النّبي أبو رافعٍ واسمُه أسلم، فقد ذكرَهُ النّجاشيّ (المُتوفّى سنةَ450هـ) في فهرستِه بأنّه كانَ مولى للعباسِ ثمّ وهبَه إلى النّبي، وبعدَ ذلكَ أصبحَ مِن أصحابِ الإمامِ عليّ (عليه السّلام)، حيثُ شهدَ حروبَه وأدارَ بيتَ مالِه في الكوفةِ، ونُقلَ أنَّ لهُ كتابَ السُّننِ والأحكامِ والقضايا( ). كذلكَ فإنّ لابنهِ عليٍّ بنِ أبي رافعٍ كتاباً في فنونٍ منَ الفقهِ والوضوءِ والصّلاةِ وسائرِ الأبوابِ، حيثُ كانَت لهُ صحبةٌ معَ الإمامِ عليّ (عليه السّلام) وكانَ كاتباً له، وروى النّجاشيّ حولَ الكتابِ عدداً منَّ الطّرقِ، بعضُها يُشيرُ إلى كونِ مُصنّفِه هوَ عليٌّ بنُ أبي رافعٍ، وبعضٌ آخرُ يشيرُ إلى غيرِه( ). وكذا جاءَ أنَّ لعُبيدِ اللهِ بنِ أبي رافعٍ كتاباً عنوانُه (قضايا أميرُ المؤمنينَ) كما لهُ كتابٌ آخر عنوانُه (تسميةُ مَن شهدَ معَ أميرِ المؤمنينَ الجملَ وصفّينَ والنّهروانَ منَ الصّحابةِ) وقَد رويَ الكتابانِ بعددٍ منَ الطّرقِ، كالذي نقلَه أبو جعفرٍ الطّوسيّ في فهرستِه( ) 

كما جاءَ للأصبغِ بنِ نُباتةَ بعضُ الكُتبِ، وكانَ مِن خاصّةِ الإمامِ عليّ، وروى عنهُ النّجاشيّ أنَّ لهُ عهدَ الإمامِ للأشترِ ووصيّته إلى إبنِه مُحمّد. وروى الطّوسيّ أنَّ لهُ مقتلَ الحُسينِ بنِ عليّ، ومثلُ ذلكَ جاءَ عن ربيعةَ بنِ سميعٍ أنَّ لهُ كتاباً عنِ الإمامِ عليّ في زكواتِ النّعم( ) كما جاءَ عَن سُليمٍ بنِ قيسٍ الهلاليّ كتابٌ في الإمامةِ، وقيلَ إنّهُ أوّلُ كتابٍ ظهرَ للشّيعةِ، وصاحبُه مِن أصحابِ الإمامِ عليّ( ) 

وكانَ لزينِ العابدينَ عليٍّ بنِ الحُسينِ (عليه السّلام) صحيفةٌ منَ الأدعيةِ وُصفَت بزبورِ آلِ محمّدٍ، وعرّفها حسنُ الصّدر بأنّها منَ المُتواتراتِ مثلَ القُرآنِ عندَ كلِّ فرقِ الإسلامِ، وهيَ اليومَ موجودةٌ ومطبوعةٌ بعنوانِ الصّحيفةِ السّجاديّةِ. 

كذلكَ جاءَ عَن زيدٍ بنِ زينِ العابدينَ (عليه السّلام) أنَّ لهُ كتاباً عنِ الإمامِ عليٍّ (عليه السّلام)، ونقلَ عَن جماعةٍ آخرينَ مِن أصحابِ عليّ أنَّ لهُم كُتباً مُصنّفةً، مثلَ الحرثِ بنِ عبدِ الله، وميثم التّمّار، وعُبيدِ اللهِ بنِ الحُرّ، ومحمّدٍ بنِ قيسٍ البجليّ، ويُعلى بنُ مُرّة( ) ويبدو أنَّ بعضَ هؤلاءِ مُتأخّرٌ عَن عصرِ عليّ مثلَ مُحمّدٍ بنِ قيسٍ البجليّ (المُتوفّى سنةَ 151هـ). 

أمّا ما كُتبَ في عهدِ الأئمةِ (سلامُ اللهِ عليهم) فيمكنُ تحديدُ بدايتِها بعصرِ الإمامِ الصّادقِ وأبيهِ الباقرِ، وذلكَ خلالَ القرنِ الثّاني للهجرةِ. ففي هذهِ المرحلةِ بدأ التّدوينُ العامُّ للحديثِ يظهرُ شيئاً فشيئاً، وأخذَتِ الكتبُ والمُصنّفاتُ طريقَها إلى الشّياعِ بينَ العُلماءِ، وكانَ مِن بينِ ذلكَ ما ظهرَ لعُلماءِ الشّيعةِ منَ الكتابةِ والرّوايةِ. وقَد رويَ أنَّ للإمامِ الصّادقِ العديدَ منَ الكتبِ والرّسائلِ، ومِن ذلكَ رسالتُه إلى والي الأهوازِ عبدِ الله النّجاشيّ، وعلى ما قالَهُ صاحبُ الرّجال النّجاشيّ أنّه لَم يرَ للإمامِ الصّادقِ مُصنّفاً غيرها، كما ذكرَ أنَّ لهُ رسالةً في شرائعِ الدّينِ أوردَها الشّيخُ الصّدوقُ في (الخصالِ) ولهُ رسالةٌ إلى أصحابِه، ورسالةٌ إلى أصحابِ الرّأي والقياسِ، ورسالةٌ في احتجاجِه على الصّوفيّةِ، ورسالةٌ في الغنائمِ ووجوبِ الخُمسِ، ورسالةٌ في وجوهِ معايشِ العبادِ، ولهُ وصيّةٌ لعبدِ اللهِ بنِ جُندب، ووصيّةٌ لأبي جعفرٍ مُحمّدِ بن النّعمانِ الأحولِ، كما لهُ الكتابُ المعروفُ باسمِ توحيدِ المُفضّلِ، وكذا كتابُ الإهليلجةِ، وكتابُ تقسيمِ الرّؤيا، وغير ذلكَ منَ الكتبِ والرّسائلِ( ) 

وللأئمّةِ عددٌ كبيرٌ منَ الأصحابِ المُتلقّينَ، فمنهُم الفُقهاءُ وهُم على درجاتٍ كأصحابِ الإجماعِ وغيرِهم، ومنهُم عامّةُ النّاسِ، وقيلَ أنَّ مَن روى عنِ الإمامِ الصّادقِ وحدَه يبلغُ ما يُقاربُ أربعةَ آلافِ رجلٍ، وقد ذكرَهُم أبو العبّاسِ بنُ عُقدةَ الزّيدي (المُتوفّى سنةَ 333هـ) في كتابٍ لهُ عن الرّجالِ الذينَ رووا عن الصّادقِ( )، وقالَ الشّيخُ المُفيدُ: أنَّ النّاسَ قد نقلوا عنِ الإمامِ الصّادقِ منَ العلومِ ما سارَت بهِ الرّكبانُ، ومِن ذلكَ أنَّ أصحابَ الحديثِ قد جمعوا أسماءَ الرّواةِ عنهُ منَ الثّقاتِ على اختلافِهم في الآراءِ والمقالاتِ، فكانوا أربعةَ آلافِ رجلٍ( ). وسعى الشّيخُ الطّوسي إلى إحصائِهم وعدَّ منهُم ما يزيدُ على ثلاثةِ آلافِ (3050 ). كما أحصاهُم بعض المُعاصرينَ وأوصلَهُم إلى (3759) صاحبٍ وهُم مِن أهلِ العراقِ والحجازِ وخراسان والشّام، وإنَّ الحسنَ بنَ عليٍّ بنِ زيادٍ الوشّاءِ - وهوَ مِن أصحابِ الإمامِ الرّضا - كانَ يقولُ: أدركتُ في هذا المسجدِ (الكوفة) تسعمائةَ شيخٍ؛ كلٌّ يقولُ حدّثني جعفرٌ بنُ محمّدٍ( )

وقد كانَت المُصنّفاتُ الحديثيّةُ لأصحابِ الأئمّةِ وأتباعِهم كثيرةً جداً، ومِن ذلكَ أنَّ النّجاشيّ عدّدَ ما وقفَ عليهِ منَ المُصنّفينَ لأصحابِ الأئمّةِ فبلغَ لديهِ ما يقاربُ ألفاً وثلاثمائةَ (1269) رجلٍ( ). وضبطَ الحرُّ العامليّ عددَ مُصنّفاتِهم فبلغَت أكثرَ مِن ستّةِ آلافٍ وستمائةِ كتاب، وقَد ظفرَ منها على ما يزيدُ على ثمانينَ كتاباً، كالذي جاءَ في خاتمةِ (وسائلِ الشّيعةِ)، وكانَ مِن بينِ هذهِ المُصنّفاتِ أنَّ للفضلِ بنِ شاذانَ مائةً وستّين كتاباً( )، وأنَّ للحُسينِ بنِ سعيدٍ بنِ حمّادٍ الأهوازي ثلاثينَ كتاباً( )، وبمثلِ هذا العددِ كانَ لعبدِ اللهِ بنِ المُغيرةِ، وكذا كانَ ليونسَ بنِ عبدِ الرّحمنِ أكثرُ مِن ثلاثينَ كتاباً( )، وكانَ لعليٍّ بنِ مهزيارَ الأهوازيّ ثلاثةٌ وثلاثون كتاباً( )، وكانَ للبزنطيّ الكتابُ الكبيرُ المعروفُ بجامعِ البزنطيّ، وكانَت كتبُ البُرقيّ تربو على مائةِ كتابٍ( )، وقد تزيدُ الأحاديثُ المُدوّنةُ في كُتبِ البُرقيّ على خمسينَ ألف حديثٍ( )، وكانَ للنّسابةِ هشامٍ الكلبيّ (المُتوفًى سنةَ 206هـ) أكثرُ مِن مائةٍ وخمسينَ كتاباً ( )، كما كانَ لمُحمّدٍ بنِ أبي عُمير أربعةٌ وتسعونَ كتاباً( )، وكانَ لعبدِ اللهِ بنِ أحمد بنِ أبي زيدٍ الأنباريّ (المُتوفّى سنةَ 356هـ) مائةٌ وأربعونَ كتاباً ورسالةً( )، كما كانَ لمُحمّدٍ بنِ بحرٍ الرّهنيّ نحو خمسمائةِ مُصنّفٍ ورسالةٍ( )، وأيضاً كانَ لأحمدٍ بنِ مُحمّدٍ بنِ دولٍ القُمّيّ (المُتوفّى سنةَ 350هـ) مائةُ كتابٍ( )، كما كانَ لمُحمّدٍ بنِ مسعودٍ العياشيّ ما يزيدُ على مائتي مُصنّفٍ( ) 

ويرى البعضُ أنَّ هذا العددَ لا يُشكّلُ جميعَ المُصنّفاتِ لأصحابِ الأئمةِ، بَل هوَ العددُ الذي شاعَ في فترةِ الإمامينِ الباقرِ والصّادقِ، وإنَّ مجموعَ المُصنّفاتِ في زمنِ الأئمًةِ كبيرٌ لا يمكنُ إحصاؤه. وقَد ذكرَ الطّبرسيّ في كتابِه (إعلامُ الورى) أنّهُ روى عنِ الإمامِ الصّادقِ مِن مشهوري أهلِ العلمِ أربعةُ آلافِ إنسانٍ، وصنّفَ مِن جواباتِه في المسائلِ أربعمائة كتابٍ معروفٍ تُسمّى الأصولُ رواها أصحابُه وأصحابُ إبنِه موسى الكاظمِ. كما ذكرَ المُحقّقُ الحلّيّ في كتابِه (المُعتبَر) أنّه روى عنِ الإمامِ الصّادقِ ما يقاربُ أربعةَ آلافِ رجُلٍ، وأنّهُ كُتِبَ مِن أجوبةِ مسائلِه أربعمائةُ مُصنّفٍ لأربعمائةِ مُصنِّفٍ سمّوها أصولاً( ). وصرّحَ بهذا زينُ الدّينِ العامليّ في شرحِه لكتابِ (الدّرايةِ) وقالَ: (قد اِستقرَّ أمرُ الإماميّةِ على أربعمائةِ مُصنّفٍ سمّوها أصولاً فكانَ عليها اعتمادُهم)( ) 

نقلَ ابنُ شهرِ آشوبَ في كتابِ (معالمِ العُلماءِ) عنِ المُفيدِ أنّه قالَ: صنّفَت الإماميّةُ مِن عهدِ أميرِ المؤمنينَ إلى عهدِ أبي محمّدٍ الحسنِ العسكريّ أربعمائةَ كتابٍ تُسمّى الأصولَ، وتعودُ أهمّيّةُ هذهِ الأصولِ إلى أنّها أُلِّفَت في زمنِ الأئمّةِ، وكانَ عليها المُعوّلُ لدى المُتقدّمينَ، وبعدَ ذلكَ أصبحَت تُشكّلُ المادّةَ الأوّليّةَ لروايةِ الحديثِ عندَ عُلماءِ الشّيعةِ بعدَ الغيبةِ، حيثُ كانَ الكثيرُ منها شائِعاً لدى أوساطِ العُلماءِ، وقَد إعتمدَ عليها أولئكَ الذينَ قامُوا بجمعِ الحديثِ، وكانَ مِن أبرزِهم أصحابُ الكُتبِ الأربعةِ المُعتبرةِ وهيَ الكافي ومَن لا يحضرُه الفقيه والتّهذيبُ والإستبصارُ للمُلقّبينَ بالمُحمّدينَ الثّلاثةِ، وهُم كلٌّ منَ الكُلينيّ والصّدوقِ والطّوسيّ.