هل خلع رسول الله النعل في المعراج؟

السؤال: لمّا أُسري بالنبيّ الأكرم (ص) ليلة المعراج، هناك قول يُتداول أنَّه نودي: (يا محمَّد، لا تخلع نعليك، فإنَّ العرش يتشرَّف بقدومك متنعِّلاً...الخ) خلاف ما قيل للنبيّ موسى (ع)، فهل هذا القول موجود في مصادرنا، وما مدى صحَّته؟

: الشيخ نهاد الفياض

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

بداية ـ عزيزي السائل ـ لابدَّ أنْ يُعلم بأنَّ (أصل) تحقّق المعراج ثابت بلا ريب، لما دلَّ عليه من الكتاب والسنَّة، من ذلك قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الإسراء:1].

وروي في كتاب البحار، نقلاً عن كتاب صفات الشيعة للصدوق (رحمه الله) بإسناده عن محمَّد بن عمارة، عن أبيه قال: قال الصادق (عليه السلام): «ليس من شيعتنا من أنكر أربعة أشياء: المعراج، والمسألة في القبر، وخلق الجنة والنَّار، والشفاعة» [بحار الأنوار ج ٦٦ ص9].

إذا اتّضح هذا، نقول: بعد الفحص والتفتيش ـ بحدود المتاح ـ لم نجد لهذا الحديث المذكور في السؤال من ذكر في مصادرنا الشيعيّة، وإنَّما ذكره بعض العامَّة في كتبهم مع حكمهم عليه بالوضع والكذب.

قال أبو الحسنات اللكنويّ الهنديّ: (ذكر بعض القصص المشهورة: ولنذكر ههنا بعض القصص التي أكثر وعَّاظ زماننا ذكرها في مجالسهم الوعظيّة، وظنُّوها أموراً ثابتة، مع كونها مختلقة موضوعة. فمنها: ما يذكرون من أنَّ النبيّ لما أسري به ليلة ‌المعراج إلى السموات العلى، ووصل إلى العرش المعلَّى، أراد خلع نعليه آخذاً من قوله تعالى لسيّدنا موسى حين كلَّمه: ﴿فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِي الْمقَدَّسِ طُوًى﴾ [طه:12]. فنودي من العليِّ الأعلى: يا محمَّد، لا تخلع نعليك، فإنَّ العرش يتشرَّف بقدومك مُتنعِّلاً، ويفتخر على غيره متبرِّكاً، فصعد النبيُّ إلى العرش وفي قدميه النعلان، وحصل له بذلك عزٌّ وشأن. وقد ذكر هذه القصَّة جمعٌ من أصحاب المدائح الشعريّة، وأدرجها بعضهم في تأليف السنيّة، وأكثر وعَّاظ زماننا يذكرونها مطوَّلة ومختصرة في مجالسهم الوعظيّة. وقد نصَّ أحمد المقريّ المالكيّ في كتابه فتح المتعال في مدح خير النعال، والعلَّامة رضي الدين القزوينيّ، ومحمَّد بن عبد الباقي الزرقانيّ في شرح المواهب اللدنيّة على أنَّ هذه القصَّة موضوعة بتمامها، قبَّح الله واضعها، ولم يثبت في روايةٍ من روايات ‌المعراج النبويّ ـ مع كثرة طرقها ـ أنَّ النبي كان عند ذلك مُتنعِّلاً) [الآثار المرفوعة في الأخبار الموضوعة ص37].

والنتيجة من كلِّ ما تقدَّم: أنَّ الخبر المذكور في السؤال غير ثابتٍ ولا يصحُّ نقله.. والحمد لله ربِّ العالمين.