الإمام الكاظم (ع) في نظر علماء العامة
السؤال: ما هي منزلة الإمام الكاظم (ع) عند علماء العامّة؟ وهل ترجم له أحد منهم؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
من الواضح لمن أمعن النظر في تأريخ المسلمين وجود عاملين أساسيّين يعترضان - في العادة – عمليّة التصريح والإعلان عمّا لأهل البيت (ع) من المنزلة والفضائل والمناقب، أحدهما: الحكومات المناوئة لهم التي تعاقبت على استلام السلطة عبر التاريخ الإسلاميّ حيث ضيّقت الخناق على مثل هذه العمليّة، ومنعت من الإفصاح عن الحقائق بشكل كبير.
والآخر:ما آلت إليه التعصّبات الكلاميّة والاعتقادات الفاسدة من أحقادٍ وضغائن، وأمراضٍ نفسيّةٍ ألقت بظلالها على نزاهة الكُتّاب وتحرّر أقلامهم من حالة التخندق والتموضع الطائفيّ ولو على حساب الحقّ والحقيقة.
لكن، بالرغم من هذين العاملين تبقى الإرادة الإلهيّة غالبة وقاهرة، وقد قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} [التوبة: 32]، وقال عزّ وجلّ في أهل بيت النبوّة (ع): {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ * رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاة..} [النور: 36 – 37]، كما أنّ الحقيقة تظلّ تفرض نفسها على مرّ العصور.
ومن هنا نجد سيرة الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) قد أرغمت الخصوم على الاعتراف بسموّ منزلته وعظيم فضله، وإليك نماذج من تراجم القوم له، واعترافات بعضهم بالإمامة الدينيّة له، وأهليّته للخلافة السياسيّة والإداريّة:
1ـ أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ [ت250هـ]:
فإنّه ذكر الإمام الكاظم (ع) في رسائله عند مدحه عشرة من الأئمة (ع) في كلام واحد فقال: (ومَن الذي يُعَدُّ مِن قريش ما يَعُدّه الطالبيون عَشَرةٌ في نسقٍ، كلّ واحد منهم عالم زاهد ناسك شجاع جواد طاهر زاكٍ، فمنهم خلفاء، ومنهم مُرشّحون: ابن ابن ابن ابن هكذا إلى عشرةٍ، وهم: الحسن [أي العسكريّ] بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ، وهذا لَـم يتّفق لبيت من بيوت العرب ولا من بيوت العجم) [الرسائل السياسيّة ص53].
2ـ إمام الجرح والتعديل أبو حاتم محمّد بن إدريس الرازيّ [ت277هـ]:
فإنّه قال: (ثقةٌ صدوقٌ، إمامٌ من أئمّة المسلمين) [الجرح والتعديل ج8 ص139].
3ـ الخطيب البغداديّ الشافعيّ الأشعريّ [ت463هـ]:
فإنّه قال: (كان سخيّاً كريماً، وكان يبلغه عن الرجل أنّه يؤذيه، فيبعث إليه بصُرّة فيها ألف دينار، وكان يُصِرُّ الصررَ ثلاثمائة دينار وأربعمائة دينار ومائتي دينار، ثمّ يقسّمها بالمدينة، وكان مَثلٌ: «صرر موسى بن جعفر» إذا جاءت الإنسان الصرّة فقد استغنى) [تاريخ بغداد ج13 ص27].
4ـ العلّامة ابن الجوزيّ الحنبليّ [ت597هـ]:
فإنّه قال: (كان يُدعى العبد الصالح؛ لأجل عبادته واجتهاده وقيامه بالليل، وكان كريماً حليماً إذا بلغه عن رجل أنّه يؤذيه بعث اليه بمال) [صفوة الصفوة ج2 ص184].
5ـ محمّد بن طلحة الشافعيّ [ت652هـ]:
فإنّه قال: (الإمام موسى الكاظم (ع)، هو الإمام الكبير القدر، العظيم الشأن، الكبير المجتهد، الجادّ في الاجتهاد، المشهور بالعبادة، المواظب على الطاعات، المشهود له بالكرامات، يبيت الليل ساجداً وقائماً، ويقطع النهار متصدّقاً وصائماً، ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه دُعي كاظماً، كان يُجازي المسيء بإحسانه إليه، ويقابل الجاني بعفوه عنه، ولكثرة عبادته كان يُسمى بالعبد الصالح، ويُعرف بالعراق باب الحوائج إلى الله؛ لنجح مطالب المتوسّلين إلى الله تعالى به، كرامته تحار منها العقول، وتقضي بأنّ له عند الله تعالى قدمَ صدق لا تَزِلُّ ولا تَزول) [مطالب السؤول ج2 ص120].
6ـ سبط ابن الجوزيّ الحنفيّ [ت654هـ]:
فإنّه قال: (موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (ع)، ويلقّب بالكاظم والمأمون والطيّب والسيّد، وكنيته أبو الحسن، ويُدعى بالعبد الصالح لعبادته واجتهاده وقيامه بالليل.. وكان موسى جواداً حليماً، وإنّما سُمّي الكاظم لأنّه كان إذا بلغه عن أحد شيءٌ بعث اليه بمال» [تذكرة الخواصّ ج2 ص459].
7ـ ابن أبي الحديد المعتزليّ [ت656هـ]:
فإنّه قال: (موسى بن جعفر بن محمّد، وهو العبد الصالح، جمع من الفقه والدين والنسك والحلم والصبر) [شرح نهج البلاغة ج15 ص291].
8ـ المؤرّخ ابن الساعي عليّ بن أنجب البغداديّ [ت674هـ]:
فإنّه قال: (أمّا الإمام الكاظم فهو صاحب الشأن العظيم، والفخر الجسيم، كثير التهجّد، الجادّ في الاجتهاد، المشهود له بالكرامات، المشهور بالعبادات، المواظب على الطاعات، يبيت الليل ساجداً وقائماً، ويقطع النهار متصدّقاً وصائماً، ولفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين عليه كان كاظماً، يجازي المسيء بإحسانه إليه، ويقابل الجاني بعفوه عنه ولكثرة عبادته يُسمّى بالعبد الصالح، ويُعرف بالعراق بباب الحوائج إلى الله لنجح المتوسّلين إلى الله تعالى به، كراماته تحار منها العقول، وتقضي بأّن له قدم صدق عند الله لا تَزول) [مختصر أخبار الخلفاء ص29].
9ـ قاضي القضاة ابن خلّكان [ت681هـ]:
فإنّه قال: (كان سخيّاً كريماًـ وكان يسمع عن الرجل أنّه يؤذيه فيبعث إليه بِصُرّة فيها ألف دينار، وكان يصرّ الصرر ثلاثمائة دينار وأربعمائة دينار ومائتي دينار، ثمّ يقسّمها بالمدينة) [وفيات الأعيان ج4 ص393].
10ـ الإمام شمس الدين الذهبيّ [ت748هـ]:
فإنّه قال: (وكان موسى من أجواد الحكماء، ومن العُبّاد الأتقياء، وله مشهد معروف ببغداد) [ميزان الاعتدال ج4 ص202]. وقال: (موسى الكاظم، الإمام، القدوة، السيّد أبو الحسن العلويّ، والد الإمام عليّ بن موسى الرضا) [سير أعلام النبلاء ج6 ص270]، وقال أيضاً: (كبير القدر، جيّد العلم، أولى بالخلافة من هارون) [سير أعلام النبلاء ج13 ص120].
11ـ العلامة عفيف الدين عبد الله بن أسعد اليافعيّ [ت768هـ]:
فإنّه قال: (كان صالحاً، عابداً، جواداً، حليماً، كبير القدر، وهو أحد الأئمّة الاثني عشر المعصومين في اعتقاد الإماميّة، وكان يُدعى بالعبد الصالح من عبادته واجتهاده) [مرآة الجنان ج1 ص405].
12ـ العلّامة ابن كثير الدمشقيّ [ت774هـ]:
فإنّه قال -في حوادث سنة 183هـ -: (وفيها توفّي موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب، أبو الحسن الهاشميّ، ويُقال له الكاظم. ولد سنة ثمان أو تسع وعشرين ومائة، وكان كثير العبادة والمروءة، إذا بلغه عن أحدٍ أنّه يؤذيه أرسل إليه بالذهب والتحف.. وأهدى له مرّةً عبدٌ عصيدةً، فاشتراه واشترى المزرعة التي هو فيها بألف دينار، وأعتقه ووهب المزرعة له) [البداية والنهاية ج10 ص190].
13ـ الحافظ ابن حجر العسقلانيّ [ت852هـ]:
فإنّه قال: (موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ: أبو الحسن الهاشميّ، المعروف بالكاظم، صدوق، عابد...) [تقريب التهذيب ج2 ص221].
14ـ العلّامة محمّد خواجة البخاريّ الحنفيّ [ت822هـ]:
فإنّه قال: (ومن أئمّة أهل البيت: أبو الحسن موسى الكاظم بن جعفر الصادق (رضي الله عنهما).. وكان (رضي الله عنه) صالحاً عابداً جواداً حليماً، كبير القدر، كثير العلم، كان يُدعى بالعبد الصالح، وقيل: بضع عشرة سنة كلّ يوم يسجد سجدة بعد ابيضاض الشمس إلى وقت الزوال، كان سخيّاً كريماً، يبلغه عن الرجل فيبعث إليه بصرّة فيها ألف دينار، وهو أحد الأئمّة الاثني عشر في اعتقاد الإماميّة..) [فصل الخطاب لوصل الأحباب ص575].
15ـ الفقيه الحافظ ابن الصبّاغ المالكيّ [ت855ه]:
فإنّه قال: (قال بعض أهل العلم: الكاظم هو الإمام الكبير القدر، والأوحد الحجّة الحبر، الساهر ليله قائماً، القاطع نهاره صائماً، المسمّى لفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين كاظماً، وهو المعروف عند أهل العراق بباب الحوائج إلى الله وذلك لنجح قضاء حوائج المسلمين ونيل مطالبهم وبلوغ مآربهم وحصول مقاصدهم) [الفصول المهمّة ج2 ص932].
وقال: (وأمّا مناقبه وكراماته الظاهرة وفضائله وصفاته الباهرة تشهد له بأنّه افترع فَيَّة الشرف وعلاها، وسما إلى أوج المزايا فبلغ أعلاها، وذُلّلت له كواهل السيادة فركبها وامتطاها، وحُكِّمَ في غنائم المجد فأختار صفاياها فاصطفاها) [الفصول المهمّة ج2 ص937].
وقال: (كان موسى الكاظم (ع) أعبد أهل زمانه، وأعلمهم، وأسخاهم كفّاً، وأكرمهم نفساً، وكان يتفقّد فقراء المدينة، فيحمل إليهم الدراهم والدنانير إلى بيوتهم ليلاً وكذلك النفقات، ولا يعلمون من أيّ جهة وصلهم ذلك، ولم يعلموا بذلك إلّا بعد موته، وكان كثيراً ما يدعو: «اللّهمّ إنيّ أسألك الراحة عند الموت، والعفو عند الحساب») [الفصول المهمّة ج2 ص949].
16 ـ المؤرّخ جمال الدين يوسف بن تغري بردي الحنفيّ [ت874هـ]:
فإنّه قال -في حوادث سنة 183هـ-: (وفيها توفّي موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر بن عليّ زين العابدين بن السيّد الحسين بن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنهم أجمعين). كان موسى المذكور يُدعى بالعبد الصالح لعبادته، وبالكاظم لحلمه. وُلد بالمدينة سنة ثمان أو تسع وعشرين ومائة وكان سيّداً، عالماً، فاضلاً، سَنِياً، جواداً، ممدوحاً، مُجاب الدعوة) [النجوم الزاهرة ج2 ص112].
17ـ العلّامة ابن حجر الهيتميّ المكّيّ الشافعيّ [ت970هـ]:
فإنّه قال: (موسى الكاظم، وهو وارثه علماً ومعرفة وكمالاً وفضلاً، سُمّي الكاظم لكثرة تجاوزه وحلمه، وكان معروفاً عند أهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله، وكان أعبد أهل زمانه، وأعلمهم، وأسخاهم) [الصواعق المحرقة ص202].
18ـ الفقيه عبد الوهاب الشعرانيّ الحنفيّ الأشعريّ [ت973هـ]:
فإنّه قال: (أحد الأئمّة الاثني عشر، وهو ابن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب (رضي الله عنهم أجمعين)، كان يُكنّى بالعبد الصالح لكثرة عبادته واجتهاده وقيامه بالليل، وكان إذا بلغه عن أحد يؤذيه يبعث إليه بمال) [الطبقات الكبرى ص33] .
19ـ المؤرّخ أحمد بن يوسف الدمشقي القرمانيّ [ت1019هـ]:
فإنّه قال: (هو الإمام الكبير القدر، الأوحد، الحجّة، الساهر ليله قائماً، القاطع نهاره صائماً، المسمّى لفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين كاظماً، وهو المعروف عند أهل العراق بـباب الحوائج لأنه ما خاب المتوسّل به في قضاء حاجة قطّ... له كرامات ظاهرة، ومناقب باهرة، افترع قمّة الشرف وعَلاها، وسما الى أوج المزايا فبلغ عُلاها) [أخبار الدول ج1 ص337].
20ـ الفقيه المؤرّخ ابن العماد الحنبليّ [ت1089هـ]:
فإنّه قال -في حوادث سنة 183هـ-:([توفي] فيها السيّد الجليل أبو الحسن موسى الكاظم بن جعفر الصادق ووالد عليّ بن موسى الرضا. ولد سنة ثمان وعشرين ومائة. روى عن أبيه، قال أبو حاتم: ثقة إمام من أئمة المسلمين.
وقال غيره: كان صالحاً عابداً، جواداً حليماً، كبير القدر. بلغه عن رَجُلٍ الأذى له فبعث إليه بألف دينار) [شذرات الذهب ج2 ص٣٧٧].
21ـ العلّامة محمّد بن عليّ الصبان الشافعيّ الأشعريّ [ت1206هـ]:
فإنّه قال: (أمّا موسى الكاظم فكان معروفاً عند أهل العراق بباب قضاء الحوائج عند الله، وكان من أعبد أهل زمانه، ومن أكابر العلماء الأسخياء ... ولقب بالكاظم لكثرة تجاوزه وحلمه) [إسعاف الراغبين ص606].
22ـ الشيخ مصطفى رشدي [ت1267هـ]:
فإنّه قال: (الإمام موسى الكاظم أبو إبراهيم، كان يبيت الليل ساجداً وقائماً، ويقطع النهار متصدّقاً وصائماً، حليماً يتجاوز عن المعتدين عليه، كريماً يقابل المسيء بالإحسان إليه، ولذا لُقّب بالكاظم، ولكثرة عبادته سُمّي بالعبد الصالح، ويُعرَف في العراق بباب الحوائج إلى الله تعالى لنجح المتوسّلين به إليه سبحانه، عبادته مشهورة تقضي بأنّ له قدم صدق عند الله لا يَزول، وكراماته مشهورة تحار منها العقول) [الروضة النديّة ص11].
23ـ الشيخ مؤمن بن حسن الشبلنجيّ الشافعيّ [ت1291هـ]:
فإنّه قال: (قال بعض أهل العلم: الكاظم هو الإمام الكبير القدر، الأوحد، الحجّة، الحبر، الساهر ليله قائماً، القاطع نهاره صائماً، المسمّى لفرط حلمه وتجاوزه عن المعتدين كاظماً، وهو المعروف عند أهل العراق بباب الحوائج إلى الله، وذلك لنجح قضاء حوائج المتوسّلين به. ومناقبه (رضي الله عنه) كثيرة شهيرة) [نور الأبصار ص146].
24ـ الفقيه الصوفيّ يوسف بن إسماعيل النبهانيّ [ت1350هـ]:
فإنّه قال: (موسى الكاظم، أحد أعيان أكابر الأئمّة من ساداتنا آل البيت الكرام هداة الإسلام، رضي الله عنهم أجمعين، ونفعنا ببركاتهم، وأماتنا على حبّهم وحبّ جدّهم الأعظم (صلّى الله عليه [وآله] وسلّم))[جامع كرامات الأولياء ج2 ص495].
25ـ المؤرّخ خير الدين الزركليّ [ت1396هـ]:
فإنّه قال: (موسى بن جعفر الصادق بن محمّد الباقر: أبو الحسن سابع الأئمة الاثني عشر عند الإمامية، كان من سادات بني هاشم، ومن أعبد أهل زمانه، وأحد كبار العلماء الأجواد) [الأعلام ج7 ص321].
هذا غيضٌ من فيض، وما خفي كان أعظم، والحمد لله ربّ العالمين.
اترك تعليق