من هم البتريََّة؟

السؤال: من هم الفرقة البتريََّة؟

: الشيخ نهاد الفياض

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم

البتريََّة ـ بضم الباء ـ فرقة من فرق الزيديَّة، وهم أصحاب كُثير النوَّاء، والحسن بن صالح بن حي، وسالم بن أبي حفصة، والحكم بن عيينة، وسلمة بن كُهيل، وأبي المقدام ثابت الحداد. وهم الذين دعوا إلى ولاية عليٍّ (عليه السلام)، وأنَّه أفضل الناس بعد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) وأولاهم بالإمامة، ثمَّ خلطوها بولاية أبي بكر وعمر، لأنَّ بيعة أبي بكر ليست بخطأ، وينتقصون عثمان وطلحة والزبير، واعتلُّوا بانَّ عليَّاً (عليه السلام) سلَّم لهما ذلك، فهو بمنزلة رجلٍ كان له على رجلٍ حقٌّ فتركه له، ويرون الخروج مع بطون ولد علي بن أبي طالب، يذهبون في ذلك إلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويثبتون لكلِّ من خرج من ولد عليٍّ (عليه السلام) عند خروجه الإمامة [يُنظر: فرق الشيعة للنوبختيّ ص8، رجال الكشّيّ ص170، مجمع البحرين ج3 ص213].

وقيل في سبب تسميتهم بذلك وجهان:

الوجه الأوَّل: ما رواه الشيخ الكشّيّ (طاب ثراه) بسنده عن سدير قال: (دخلتُ على أبي جعفر (عليه السلام) ومعي سلمة بن كُهيل، وأبو المقدام ثابت الحداد، وسالم بن أبي حفصة، وكثير النوَّاء، وجماعة معهم، وعند أبي جعفر (عليه السلام) أخوه زيد بن علي (عليهم السلام) فقالوا لأبي جعفر (عليه السلام): نتولَّى علياً وحسناً وحُسيناً ونتبرأ من أعداهم. قال: نعم. قالوا: نتولَّى أبا بكر وعمر ونتبرأ من أعدائهم. قال: فالتفت إليهم زيد بن علي وقال لهم: أتتبرؤن من فاطمة؟! بترتُم أمرنا بتركم الله، فيومئذٍ سُمُّوا البتريََّة) [رجال الكشّيّ ص173].

الوجه الثاني: ما قاله أبو الحسن الأشعريُّ ونصُّه: (الفرقة الثالثة من الزيديَّة (البتريََّة) أصحاب الحسن بن صالح ابن حي، وأصحاب كثير النوَّاء، وإنما سُمُّوا بترية، لأنَّ كُثيراً كان يلقَّب بالأبتر) [مقالات الإسلاميين ص68]. وفي نقل الشيخ المفيد (طاب ثراه): (سمُّوا البتريََّة، لأنهم نُسبوا إلى كثير النوَّاء، وكان المغيرة بن سعيد يلقَّب بالأبتر) [المسائل الجاروديَّة ص11].

والذي يظهر لمن تابع أحوال رؤوس الفرقة البتريََّة أنَّ لديهم ضعفاً واضحاً في جانب الولاية لأهل البيت (عليهم السلام)، وذلك كإنكارهم جملةً من مقاماتهم وفضائلهم (عليهم السلام) من قبيل ما رواه الكشّيّ في حقِّ سالم بن أبي حفصة البُتري بسنده عن فضيل الاعور، قال: حدَّثني أبو عبيدة الحذاء، قال: «أخبرتُ أبا جعفر (عليه السلام) بما قال سالم بن أبي حفصة في الإمام، فقال: ويل سالم، ويل سالم، ما يدري ما منزلة الإمام، إنَّ منزلة الإمام أعظم مما يذهب إليه سالم و الناس أجمعون» [رجال الكشّيّ ص172].

ومن قبيل ما رواه الراوندي (طاب ثراه) عن جابر قال: «كنَّا عند الباقر (عليه السلام) نحواً من خمسين رجلاً، إذْ دخل عليه كثير النواء [البُتري] فسلَّم وجلس ثمَّ قال: إنَّ المغيرة بن عمران عندنا بالكوفة يزعم أنَّ معك ملكاً يعرِّفك الكافر من المؤمن، وشيعتك من أعدائك؟! قال (عليه السلام): ما حرفتك؟ قال: أبيع الحنطة. قال: كذبت. قال: وربما أبيع الشعير. قال: ليس كما قلت، بل تبيع النوى. قال: من أخبرك بهذا؟ قال: الملك الذي يعرِّفني شيعتي من عدوِّي» [الخرائج والجرائح ج1ص275].

كما أنَّ لديهم ضعفاً آخر في جانب البراءة من أعداء أهل البيت، وذلك كتولِّيهم بعض الرموز المعادية لأهل البيت (عليهم السلام) والترضي عليهم، من قبيل ما تقدَّم في خبر سدير الذي رواه الكشّيّ.

ومن قبيل ما رواه أبو الصلاح الحلبيّ (طاب ثراه) عن سالم بن أبي حفصة البُتريّ قال: «دخلتُ على أبي جعفر (عليه السلام)، فقلتُ: أئمَّتنا وسادتنا، نوالي من واليتم ونعادي من عاديتم ونتبرَّأ من عدوِّكم، فقال: بخ بخ يا شيخ إنْ كان لقولك حقيقة. قلتُ: جعلتُ فداك إنَّ له حقيقة. قال (عليه السلام): ما تقول في أبي بكر وعمر؟ قلت: إماما عدلٍ رحمهما الله، قال: يا شيخ، والله لقد أشركتَ في هذا الأمر من لم يجعل الله له فيه نصيباً» [تقريب المعارف ص 247].

ولهذا ـ وغيره ـ ورد ذمُّهم في بعض الروايات الشريفة، من قبيل ما رواه الشيخ الكشّيّ (طاب ثراه) بسنده عن أبي عمر سعد الجلاب، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «لو أنَّ البتريََّة صفٌ واحد ما بين المشرق إلى المغرب، ما أعزَّ الله بهم ديناً» [رجال الكشّيّ ص170]، ووجه الذم ظاهر.

والنتيجة المتحصَّلة من جميع ذلك، أنَّ البتريََّة من الفرق التي تدَّعي الولاء لأئمَّة أهل البيت (عليهم السلام) من دون البراءة من أعدائهم الذين غصبوا حقَّهم الذي أُعطي لهم من قبل الله تعالى ورسوله (صلَّى الله عليه وآله)، ولذلك وسموا بالبتريََّة.. والحمد لله رب العالمين.