الفرق بين الإسلام والإيمان
السؤال: ما الفرق بين الإيمان والإسلام عند أئمة أهل البيت (ع)؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
اعلم –أيدك الله– أنَّ ما ورد في بيانات أئمة الهدى (عليهم السلام) من نصوصٍ، تشير إلى وجود اختلافٍ بين الإيمان والإسلام، نذكر بعض الأخبار الواردة في ذلك:
1ـ الإيمان مرتبةٌ أعلى من الإسلام:
روى الكُلينيّ عن سماعة قال: «قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن الإسلام والإيمان، أهما مختلفان؟ فقال: إنّ الإيمان يشارك الإسلام، والإسلام لا يشارك الإيمان. فقلت: فصفهما لي، فقال: الإسلام: شهادة أنْ لا إله إلاّ الله والتصديق برسول الله، به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث، وعلى ظاهره جماعة الناس. والإيمان: الهدى وما يثبت في القلوب من صفة الإسلام وما ظهر من العمل به، والإيمان أرفع من الإسلام بدرجة، إنّ الإيمان يشارك الإسلام في الظاهر، والإسلام لا يشارك الإيمان في الباطن وإنْ اجتمعا في القول والصفة» [الكافي ج2 ص25].
قال المازندرانيُّ: (قوله: «والإيمان أرفع من الإسلام بدرجة» لاعتبار التصديق بالولاية في حقيقة الإيمان دون الإسلام، وبه يستحق العبد الثواب والكرامة في دار المقامة) [شرح أصول الكافي ج12 ص126].
2ـ الإسلام هو الإقرار بالشهادتين والإيمان الإقرار بالولاية:
روى الكُلينيّ بسنده عن سفيان بن السمط قال: «سأل رجل أبا عبد الله (عليه السلام) عن الاسلام والايمان، ما الفرق بينهما، فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه ثم التقيا في الطريق وقد أزف من الرجل الرحيل، فقال له أبو عبد الله (عليه السلام): كأنَّه قد أزف منك رحيل؟ فقال: نعم فقال: فالقني في البيت، فلقيه فسأله عن الاسلام والايمان، ما الفرق بينهما؟ فقال: الإسلام هو الظاهر الذي عليه الناس: شهادة أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنّ محمّداً عبده ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصيام شهر رمضان فهذا الاسلام، وقال: الايمان معرفة هذا الأمر مع هذا، فإنّ أقرّ بها ولم يعرف هذا الأمر كان مسلماً وكان ضالاً» [الكافي ج2 ص24].
قال المازندرانيُّ: (قوله: «إنَّ الايمان يشارك الإسلام في الظاهر» لعلّ المراد أنَّ الإيمان يشارك الإسلام في جميع الأعمال الظاهرة المعتبرة في الإسلام مثل الصلاة والزكاة وغيرهما، والإسلام لا يشارك الإيمان في جميع الامور الباطنة المعتبرة في الإيمان؛ لأنَّه لا يشاركه في التصديق بالولاية وإنْ اجتمعا في الشهادتين والتصديق بالتوحيد والرسالة. ومنه يتبيّن: أنَّ الإيمان كالنوع والإسلام كالجنس، وقد يطلق الإسلام ويراد به هذا النوع مجازاً من باب إطلاق العام على الخاص) [شرح أصول الكافي ج12 ص127].
3ـ الثواب في الآخرة مداره الإيمان لا الإسلام:
روى البرقيُّ والكُلينيّ بالإسناد عن القاسم الصيرفيّ -شريك المفضّل-، قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «الإسلام يحقن به الدم، وتؤدي به الأمانة، وتستحلُّ به الفروج، والثواب على الإيمان» [المحاسن ج1 ص285، الكافي ج2 ص24].
قال المازندرانيُّ: (فإنّ الإسلام هو شهادة أنْ لا إله إلا الله، وأنْ محمداً رسول الله، وبه حُقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث، وعليه جمٌّ غفيرٌ من الناس، والإيمان هو هذا مع التصديق بأئمة الهدى، وبه مدار الثواب والكرامة في دار المقامة، فهما متغايران بحسب الحقيقة، وأعمُّ وأخصُّ بحسب الصدق والآثار؛ إذ كلُّ مؤمنٍ مسلمٌ دون العكس، وكلُّ ما هو أثرٌ للإسلام أثرٌ للإيمان دون العكس) [شرح أصول الكافي ج8 ص163].
4ـ الإسلام يسبق الإيمان:
روى الكُلينيّ والصدوق بالإسناد عن عبد الرحيم القصير قال: «كتبت مع عبد الملك بن أعين إلى أبي عبد الله (عليه السلام): أساله عن الايمان ما هو؟ فكتب إليّ مع عبد الملك بن أعين: سألتَ - رحمك الله - عن الإيمان، والإيمان هو الإقرار باللسان وعقد في القلب وعمل بالأركان، والايمان بعضه من بعض، وهو دار، وكذلك الاسلام دار، والكفر دار، فقد يكون العبد مسلماً قبل أنْ يكون مؤمناً، ولا يكون مؤمناً حتى يكون مسلماً، فالإسلام قبل الإيمان وهو يشارك الإيمان، فإذا أتى العبد كبيرةً من كبائر المعاصي أو صغيرة من صغائر المعاصي التي نهى الله عزّ وجلّ عنها كان خارجاً من الإيمان، ساقطاً عنه اسم الإيمان، وثابتاً عليه اسم الإسلام، فإنْ تاب واستغفر عاد إلى دار الإيمان، ولا يخرجه إلى الكفر إلّا الجحود والاستحلال أن يقول للحلا : هذا حرام، وللحرام: هذا حلال، ودان بذلك، فعندها يكون خارجاً من الإسلام والإيمان، داخلاً في الكفر، وكان بمنزلة من دخل الحرم ثمّ دخل الكعبة وأحدث في الكعبة حدثاً، فأُخرِج عن الكعبة وعن الحرم فضُرِبت عنقه وصار إلى النار» [الكافي ج2 ص28، معاني الأخبار ص186 ، التوحيد ص228].
قال المازندرانيّ: (إنّ الإقرار بالتوحيد والرسالة مقدَّم على الإقرار بالولاية والعمل، والمؤمن والمسلم بسبب الأوّل يخرجان من دار الكفر ويدخلان في دار الإسلام، ثمّ المسلم بسبب الاكتفاء به يستقرّ في هذه الدار، والمؤمن بسبب الثاني يترقّى وينزل في دار الإيمان. ومنه لاح أنّ الإسلام قبل الإيمان، وأنَّه يشارك الإيمان فيما هو سببٌ للخروج من دار الفكر، لا فيما هو سببٌ للدخول في دار الإيمان) [شرح أصول الكافي ج12 ص135].
نكتفي بهذا القدر والحمد لله أولاً وآخراً
اترك تعليق