ما معنى أنَّ الضيف يخرج بذنب أهل الدار؟
السؤال: هل هناك روايةٌ تقول إنَّ الضيف يذهب بذنب أهل الدار، وما هو معناها إنْ وجدت؟
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
بداية لا بأس أنْ يُعلم بأنَّ الإسلام حثَّ على الضيافة بشكلٍ أكيد؛ كونها تمثل نوعاً من أنواع الكرم والإحسان، مضافاً إلى كونها وسيلةً لتعزيز الروابط الاجتماعيَّة والتراحم والتواصل بين الناس، وسبباً لنيل الثواب والبركات.
من ذلك مثلاً: ما رواه الكُلينيُّ (طاب ثراه) بسنده عن إسحاق بن عبد العزيز وجميل وزرارة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «مما علَّم رسول الله (صلَّى الله عليه وآله) فاطمة (عليها السلام) أنْ قال لها: يا فاطمة، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه» [الكافي ج6 ص٢٨٥].
ومنه أيضاً ما رواه (طاب ثراه) بسنده عن سليمان بن حفص، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): إنَّ من حقِّ الضيف أنْ يُكرم وأنْ يُعدُّ له الخلال» [الكافي ج6 ص٢٨٥].
إذا بان هذا ـ عزيزي السائل ـ فيقع الكلام في أمرين:
الأمر الأوَّل: في لفظ الرواية:
1ـ روى البرقي بسنده عن الحسين بن نعيم، قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): «أتُحبُّ إخوانك يا حسين؟ قلت: نعم. قال، تنفع فقراءهم؟ قلت: نعم. قال: أما إنَّه يحق عليك أنْ تحب من يحب الله، أما والله لا تنفع منهم أحداً حتَّى تحبَّه، أتدعوهم إلى منزلك؟ قلت: ما آكل إلَّا ومعي منهم الرجلان أو الثلاثة أو أقلّ أو أكثر، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): فضلهم عليك أعظم من فضلك عليهم، فقلت: أدعوهم إلى منزلي، وأطعمهم طعامي وأسقيهم، وأوطئهم رحلي، ويكونون على أفضل منا؟! قال: نعم، إنَّهم إذا دخلوا منزلك دخلوا بمغفرتك ومغفرة عيالك، وإذا خرجوا من منزلك خرجوا بذنوبك وذنوب عيالك» [المحاسن ج2 ص390].
2ـ وروى الكلينيُّ بسنده عن محمَّد بن قيس، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «ذكر أصحابنا قوماً فقلت: والله ما أتغدَّى ولا أتعشَّى إلَّا ومعي منهم اثنان أو ثلاثة أو أقل أو أكثر، فقال (عليه السلام): فضلهم عليك أكثر من فضلك عليهم، قلت: جعلت فداك، كيف ذا، وأنا أطعهم طعامي وأنفق عليهم من مالي ويخدمهم خادمي؟ فقال: إذا دخلوا عليك دخلوا منَّ الله (عزَّ وجلَّ) بالرزق الكثير وإذا خرجوا خرجوا بالمغفرة لك» [الكافي ج6 ص284].
3ـ وروي في كتاب الإمامة والتبصرة بالإسناد عن السكونيّ، عن جعفر بن محمَّد، عن أبيه، عن آبائه (عليهم السلام) قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله): «الضيف يأتي القوم برزقه، فإذا ارتحل ارتحل بجميع ذنوبهم» [بحار الأنوار ج72 ص ٤٦١].
4ـ ونقل الشيخ محمَّد السبزواريُّ عن النبي (صلَّى الله عليه وآله) قال: «إذا أراد الله بقومٍ خيراً أهدى إليهم هدية»، قالوا: وما تلك الهدية؟ قال: «الضيف، ينزل برزقه ويرتحل بذنوب أهل البيت» [جامع الأخبار ص378].
5ـ ورواه جمعٌ من علماء العامَّة أيضاً، يُنظر: الترغيب والترهيب ج3 ص52، الغنية للجيلاني ج2 ص299، زهر الفردوس ج1 ص544، جمع الجوامع ج1 ص266، كنز العمَّال ج9 ص242، وغيرهم.
الأمر الثاني: في معنى الرواية:
الظاهر من ألفاظ الروايات أنَّ المراد منها هو أنَّ الضيف إذا حلَّ عند شخصٍ فقد حلَّ ورزقه الذي كتبه الله له ولأهل ذلك البيت الذين استضافوه معه، ولذلك يكون مجيء الضيف سبباً في نزول البركة والرزق عليهم.
أمَّا إذا خرج من الدار فقد أخرج معه ذنوب أهل البيت الذين استضافوه، فصار الضيف سبباً في مغفرة ذنوب أهل ذلك البيت، رحمةً وفضلاً من الله تعالى لمن أكرم الضيف وقام بواجب الضيافة.
وبعبارة أُخرى: إنَّ الله تعالى قد جعل أجر مكافأة الضيف والإحسان إليه هو تكفير الذنوب التي اكتسبها أهل ذلك البيت الذين قام بضيافته، كلُّ ذلك رحمةً منه تعالى بأهل الفضل والإحسان الذي يكرمون ضيفهم.
والنتيجة المتحصَّلة من كلِّ ذلك، هي أنَّ الرواية محلَّ السؤال واردة في جملة من المصادر الإسلاميَّة، ومعناها أنَّ الضيف سببٌ في رزق العيال وغفران ذنوبهم.. والحمد لله ربِّ العالمين.
اترك تعليق