كيف تقولون أن الصحابة في غضب الله والله تعالى يقول: {هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}؟!
عائشة امنا/: قال تعالى: {هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} بالحصر يدل على كمال إيمان الصحابة بالنسبة إلى غيرهم، لأن الحصر لإفادة الكمال لا لنفي الإيمان عمن غيرهم بدليل قوله: {حَقًّا} أي إيمانا حقا كاملاً فكيف تقولون أنهم كافرون وأنهم في غضب الله تعالى؟
الأخت/ الأخ المحترم .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لابد من الإشارة إلى أن الشيعة لا تقول بكفر الصحابة رضي الله عن الكثير منهم، فهذا من الدعاية المغرضة الباطلة التي ينتهجها المفلسون فكريا وعقائديا مع أتباع أهل البيت (عليهم السلام)؛ إنما عندنا في الصحابة رأي وسط ، لا إفراط فيه ولا تفريط، فلا نذهب إلى تعديلهم عدالة مفرطة تمنح حتى للفاسدين والبغاة منهم، كما هو شأن أهل السنة معهم ، ولا نقول بكفرهم وارتدادهم كلهم، كما هو شأن الغلاة معهم، بل نقول يوجد في الصحابة أناس عدول آمنوا برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وناصروه وآزروه وجاهدوا بين يديه، ويوجد فيهم الفاسقون الذين ذكر الله فسقهم في قرآنه المجيد، ويوجد المنافقون.
وكل هؤلاء أشار إليهم القرآن الكريم .
فراجعوا سورة التوبة وانظروا التقسيم الإلهي للأصحاب في الآيات 102، و 106 ، و 107.
وهاهنا سؤال وبحث علمي: لو سلمنا جدلا أن هذه الآية - التي جئتم بها - يستفاد منها عدالة الصحابة أجمعين وإيمانهم ، فماذا تفعلون مع قوله تعالى : {ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم} التوبة : 101 ، الذي ينطبق على تعريف الصحابي عند أهل السنة ، فهذا المنافق الذي يعيش في المدينة والذي لا يعلم به حتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هو حسب الظاهر صحابي ينطبق عليه تفسير الصحابي عند أهل السنة ، فهو ممن رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومات على ظاهر الإسلام، فهذا اصطلاحا يعد من الصحابة لكنه واقعا يعد من المنافقين .
فهنا - بحسب هذه الآية الكريمة - يوجد عندنا علم إجمالي بوجود المنافقين بين الصحابة لا يعلمهم إلا الله، أي حتى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا يعلم بهم .
وهذا هو العلم الإجمالي الأول الذي يمنعنا من التمسك بعموم التعديل المستفاد من الآية الأولى !
وإن شئتم خذوا علماً إجمالياً ثانياً، فقد ورد في صحيح مسلم قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : في أصحابي اثنا عشر منافقا ثمانية منهم لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط.
فهذا علم إجمالي ثاني يمنعنا من التمسك بعموم التعديل المتقدم .
وإن شئتم خذوا علماً إجمالياً ثالثاً فقد ورد في صحيحي البخاري ومسلم في أحاديث الحوض ما يستفاد منه دخول الكثير من الصحابة للنار وأنه لا ينجو منهم إلا مثل همل النعم أي القليل جدا، ولا يمكن تفسير روايات الحوض بالأعراب الجفاة في أطراف الجزيرة لورود ألفاظ صريحة فيها أنهم من أصحابه (صلى الله عليه وآله وسلم) يعرفهم ويعرفونه .
فهذا علم إجمالي ثالث يمنعنا من التمسك بعموم التعديل المتقدم المستفاد من الآية الكريمة، محل الكلام !
والسؤال الآن: ماذا يفعل المرء بهذه العلوم الإجمالية المستفادة من الآيات والروايات الصحيحة والتي تمنعنا من التمسك بعمومات تعديل الصحابة ؟!!
هل سيغض الطرف عن دليل شرعي ويعمل بدليل شرعي آخر فقط، أم ماذا يعمل ؟!!
إن الصناعة العلمية تقول لا بد من الجمع بين كل هذه الأدلة الشرعية جمعاً عرفياً حتى نخرج بنتيجة علمية سليمة، ومقتضى هذا الجمع بين الأدلة المتقدمة أن يقال: إن الصحابة عدول كرام إلا من ثبت فسقه وارتداده ونفاقه، فنخرجه منهم، جمعاً بين الأدلة.
وهذا هو الذي تقوم به الشيعة الإمامية في موضوع الصحابة، لا تكفرهم كلهم ولا تقول بعدالتهم كلهم بل هي تجمع بين الأدلة الشرعية الواردة فيهم جمعاً عرفياً سليماً وتقول قولاً فصلاً يستند إلى القرآن الكريم والسنة الشريفة .
ويوجد في الموضوع تفصيل أكثر سننزله على الموقع بإذن الله تعالى في مقال مستقل يتناول عدالة الصحابة بكل أبعادها وحيثياتها، فانتظرونا.
ودمتم في رعاية الله وحفظه
اترك تعليق