التشيع ظهر مع أول الإسلام على يد رسول الله (ص).
سالم/ الجزائر/: ثلاثة آراء للشيعة في نشأة التشيع فأيها الحق؟: الأول: إن التشيع قديم ولد قبل رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه ما من نبي إلا وقد عرض عليه الإيمان بولاية علي.. وقد وضع الشيعة أساطير كثيرة لإثبات هذا الشأن، ومن ذلك ما جاء في الكافي عن أبي الحسن قال: "ولاية علي مكتوبة في جميع صحف الأنبياء، ولن يبعث الله رسولاً إلا بنبوة محمد - صلى الله عليه وآله -، ووصية عليّ عليه السلام" (الكليني/ أصول الكافي: 1/437) . الثاني: أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي وضع بذرة التشيع، وأن الشيعة ظهرت في عصره، وأن هناك بعض الصحابة الذين يتشيعون لعليّ، ويوالونه في زمنه صلى الله عليه وسلم. يقول القمي: "فأول الفرق الشيعة، وهي فرقة علي بن أبي طالب المسمون شيعة علي في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وبعده، معروفون بانقطاعهم إليه والقول بإمامته، منهم المقداد بن الأسود الكندي، وسلمان الفارسي، وأبو ذر جندب بن جنادة الغفاري، وعمار بن ياسر المذحجي.. وهم أول من سمو باسم التشيع من هذه الأمة (المقالات والفرق ص: 15) . ويشاركه في هذا الرأي النوبختي (فرق الشيعة ص: 17)، والرازي (انظر: الرازي (من شيوخ الإسماعيلية) الزينة ص: 205 (مخطوط)). ويقول محمد حسين آل كاشف الغطا (المتوفى سنة 1373هـ) : إن أول من وضع بذرة التشيع في حقل الإسلام هو نفس صاحب الشريعة -؛ يعني أن بذرة التشيع وضعت في بذرة الإسلام . وهذا اعتراف منه بأن بذرة التشيع غير بذرة الإسلام. الثالث: ظهور الشيعة يوم الجمل قال ابن النديم محمد بن إسحاق بن محمد بن أبي يعقوب النديم، كان معتزلياً متشيعاً : إن علياً قصد طلحة والزبير ليقاتلهما حتى يفيئا إلى أمر الله جل اسمه، فسمى من اتبعه على ذلك الشيعة، فكان يقول: شيعتي، وسماهم - عليه السلام - الأصفياء الأولياء، شرطة الخميس، الأصحاب (ابن النديم/ الفهرست ص: 175) . هذا رأي انفرد به ابن النديم وهو فيما يبدو يشير إلى تاريخ ظهور الشيعة بمعنى الأنصار والأتباع، وتاريخ إطلاق لقب الشيعة على أنصار علي - رضي الله عنه - وأن علياً - عليه السلام - هو الذي لقبهم بذلك حيث يقول: "شيعتي".
الأخ سالم .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنّ النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) حين أنزل الله تعالى عليه : { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الاْقْرَبِينَ } الشعراء: 214 ، وذلك قبل ظهور الإسلام بمكّة، دعاهم إلى دار عمّه أبي طالب وهم يومئذ أربعون رجلا، يزيدون رجلا أو ينقصـون، وفيهم أعمامه: أبو طالب وحـمزة والعبّـاس وأبو لهب...
وفي آخـره: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا بني عبـد المطّلب! إنّي والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به، جئتكم بخير الدنيا والآخـرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم؟
فأحجم القوم عنها غير عليّ ـ وكان يومئذ أصغرهم ـ إذ قام فقال: أنا يا نبيّ الله! أكون وزيرك عليه.
فأخذ رسول الله برقبته وقال: إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم فاسـمعوا له وأطـيعوا...
فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطـيع. انتهى ( انظر: تاريخ الأُمم والملوك 2 : 64 بطرق مختلفة، الكامل في التاريخ 1 : 585 ـ 586 ; وقد أرسله إرسال المسلّمات عند ذكره أمر الله فيه بإظهار دعوته، السيرة الحلبية 1 : 461)
وهذا الحديث قد أخرجه بهذه الألفاظ كثير من حفظة الآثار النبوية، كـ: ابن إسحاق، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبي نعيم، والبيهقي في سُـننه و دلائله، والثعلبي في تفسـيره..
ورجال سنده مع الشواهد هم من رجال الصحاح ومن الثقات المعتبرين عند أئمّة الحديث.
ومَن تأمّل هذا الحديث يجد أنّ النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) طلب من عشيرته الأقربين، بأمر الله تعالى، الاعتراف بالتوحيد لله تعالى، ثمّ الاعتراف برسالته (صلى الله عليه وآله وسلم)، ثمّ أمرهم بالسـمع والطاعة لأخيه ووصـيّه وخليفته عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، وهذا هو معنى التشـيّع لعليّ (عليه السلام) الّذي نصّ عليه أرباب اللغة.
قال الفيروزآبادي في القاموس المحيط 3 : 49: شيعة الرجل ـ بالكسر ـ: أتباعه وأنصاره، ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكّر والمؤنّث، وقد غلب هذا الاسم على من يتولّى عليّاً وأهل بيته حتّى صار اسماً خاصّاً لهم. انتهى.
وقال الزبيدي في تاج العروس 5: 405: كلّ قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة، وكلّ مَن عاون إنساناً وتحزّب له فهو شـيعة ; فإذا قيل: فلان من الشيعة، عُرف أنّه منهم... وأصل ذلك من المشايعة، وهي: المطاوعة والمتابعة. انتهى.
فالمستفاد من هذا الحديث أنّ بذرة التشـيّع لعليّ (عليه السلام) وضعت مع بذرة الإسلام في يوم واحد وساعة واحدة، فالصحابة الّذين كانوا ممتثلين لجميع ما أمر به الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) كانوا شيعة للنبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) وشيعة لعليّ (عليه السلام) في آن واحد، سواء سُمّوا بذلك أو لم يُسمّوا، وقد سُمّي بذلك جماعة من الصحابة الكرام ـ رضي الله عنهم ـ وذلك لِما كانوا يجهرون به من متابعة عليّ (عليه السلام) ومطاوعته، منهم: سلمان وأبو ذرّ والمقداد وعمّار وغيرهم.
وقد ذكر ذلك: أبو حاتم سهل بن محمّـد السجستاني ـ المتوفّى سنة 205 هـ ـ في كتابه: الزينة / ج 3 باب: الألفاظ المتداولة بين أهل العلم ; فقال: أوّل اسـم ظهر في الإسلام على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) هو: الشيعة، وكان هذا لقب أربعة من الصحابة، وهم: أبو ذرّ الغفاري، وسلمان الفارسي، والمقداد بن الأسـود الكندي، وعمّار بن ياسر، إلى أوان صِفّين، فانتشرت بين موالي عليّ (عليه السلام). انتهى.
وقال محمّـد كرد عليّ ( رئيس المجمع العلمي العربي بدمشـق في كتابه خطط الشام 5:256): "عُرف جماعة من كبار الصحابة بموالاة عليّ في عصر رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، مثل: سلمان الفارسي، القائل: بايعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على النصح للمسلمين والائتمام بعليّ بن أبي طالب والموالاة له.
ومثل: أبي سعيد الخدري، الّذي يقول: أُمر الناس بخمس، فعملوا بأربع وتركوا واحدة. ولمّا سئل عن الأربع، قال: الصلاة والزكاة وصوم شـهر رمضان والحجّ. قيل: فما الواحـدة الّتي تركوها؟ قال: ولاية عليّ ابن أبي طالب. قيل له: وإنّها لمفروضـة معهنّ؟ قال: نعم هي مفروضـة معهنّ.
ومثل: أبي ذرّ الغفاري، وعمّار بن ياسر، وحذيفة بن اليمان، وذي الشهادتين خزيمة بن ثابت، وأبي أيّوب الأنصاري، وخالد بن سعيد ابن العاص، وقيس بن سعد بن عبادة، وكثير أمثالهم". انتهى
ودمتم سالمين
اترك تعليق