لماذا جيء بالتذكير في قوله تعالى في سورة النحل: ( نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ )، وبالتانيث في سورة المؤمنون: (نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا) ؟!
عبد الرحمن/ الكويت/: في سورة النحل يقول الله تعالى: (...نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ...) (النحل:66)، وفي سورة المؤمنون (...نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا...)(المؤمنون:21) فلماذا التأنيث والتذكير مع العلم أن الكلام عن جنس واحد وهو الأنعام ؟ الرجاء أريد جوابا علمياً مقنعاً وافياً.
الأخ عبد الرحمن المحترم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
السر في ذلك - والله أعلم - أن الآية 66 في سورة النحل كانت تتحدث عن إسقاء اللبن فقط، حيث قالت: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خَالِصاً سَائِغاً لِلشَّارِبِينَ)(النحل:66).
والسؤال الآن : هل كل الأنعام مما يمكن شرب لبنها؟
الجواب تجده في السورة نفسها، حيث فصل الحق سبحانه في هذه السورة من الآية(5) إلى الآية(9) أصناف الأنعام، فأوضح لنا أن هناك من الأنعام مما نأكله ومنها ما نركبه.
قال تعالى في الآية (5): (وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ)(النحل:5)، فهذه للأكل.
وقال جل وعلا في الآية (8): (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)(النحل:8) فهذه للركوب.
فالبغال مثلاً التي هي من الأنعام بنص الآية المتقدمة هل يمكن شرب لبنها ؟
الجواب : لا يمكن، لأنه لم يثبت أن لها لبناً، ولو ثبت فهي محرمة اللحم بالإجماع .
وعليه ؛ كان المناسب - لإسقاء اللبن لوحده في الآية (66) - أن يكون الإرجاع بضمير القلة وهو ضمير الذكور، حتى يطابق الضمير مرجعه في الآية الكريمة وهو الإسقاء من بعض الأنعام، بخلافه في الآية (21) من سورة الأنعام حين ذكرت منافع عدة للأنعام غير الإسقاء باللبن، فقالت: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُون)(الأنعام:21)، فناسب هذا التعدّد المذكور أن يكون الإرجاع بضمير الكثرة وهو ضمير الإناث.
ودمتم في رعاية الله وحفظه.
اترك تعليق