هل أسماء الأئمة (ع) ثابتة أو لا ؟!!
هل أسماء الأئمة (عليهم السلام) ثابتة بأحاديث النبي (صلى الله عليه وآله)؟ إذا كانت ثابتة لماذا نجد اختلاف أصحاب الأئمة (عليهم السلام) المقرّبين بعد وفاة كل إمام على تحديد الإمام الذي بعده؟
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
نعم أخي العزيز، أسماءُ الأئمّة ( عليهم السلام ) ثابتةٌ بأحاديث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الواردةِ من طرقٍ مُتعددة ، ويكفي أن نشيرَ هنا إلى حديثٍ واحد فقط ذكرته أغلبُ مصادرنا الحديثيّة وهو حديث اللّوح الأخضر :
روى أبو بصير عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «قال أبي محمّد بن علي لجابر بن عبد الله الأنصاري: إنّ لي إليكَ حاجة، متى يخفُّ عليك أن أخلو بك فأسألك عنها؟ فقال له جابر: في أيّ الأحوال أحببت، فخلا به أبي في بعض الأوقات وقال له: يا جابر! أخبرني عن اللوح الذي رأيتهُ في يد أمّي فاطمة (عليها السلام)، وما أخبرتك به أمّي أنّه في ذلك اللّوح مكتوب.
فقال جابر: أشهدُ بالله أنّي دخلت على أمّك فاطمة (صلوات الله عليها) في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهنّيتها بولادة الحسين (عليه السلام) فرأيتُ في يديها لوحاً أخضر، فظننتُ أنّه من زمرّد، ورأيتُ فيه كتاباً أبيض شبه نور الشّمس، فقلت لها: بأبي أنتِ وأمّي يا بنت رسول الله، ما هذا اللّوح في يدك؟
فقالت: (يا جابر) هذا اللّوح أهداهُ الله تعالى الى رسول الله (ص)، فيه اسمُ أبي واسم بَعلي واسم إبنيَّ وأسماء الأوصياء من وُلدي، فأعطانيه أبي ليسرّني بذلك. قال جابر: فأعطتنيه أمّك (عليها السلام) فقرأته واستنسخته.
قال له أبي (ع): فهل لك يا جابر أن تعرضهُ عليَّ؟ فقال: نعم، فمشى معه أبي (ع) حتّى انتهى الى منزل جابر، وأخرج أبي صحيفةً من رقّ وقال: يا جابر انظر في كتابك لأقرأ عليك، فنظر جابر في نسخته وقرأهُ أبي، فما خالف حرف حرفاً. قال جابر: فأشهد بالله أنّي هكذا رأيتُ في اللّوح مكتوباً:
بسم الله الرّحمن الرّحيم
هذا كتابٌ من الله العزيز الحكيم لمحمّد نبيّه ورسوله ونوره وسفيره وحجابه ودليله، نزلَ به الرّوح الأمين من عند رب العالمين.
عظّم يا محمّد أسمائي، واشكر نعمائي، ولاتجحد آلائي، فإنّي أنا الله لا اله إلاّ أنا قاصمُ الجبّارين ومذلّ الظالمين وديّان يوم الدين، لا اله إلاّ أنا، من رجا غير فضلي، أو خافَ غير عدلي، عذّبتهُ عذاباً لا أعذّبه أحداً من العالمين، فإيّاي فاعبد، وعليَّ فتوكّل.
ثم انّي لم أبعث نبيّاً فأكملتُ أيّامه وانقضت مدّته إلاّ جعلتُ له وصيّاً، وإنّي فضّلتك على الأنبياء، وفضّلت وصيّتك على الأوصياء، وأكرمتك بشبليك بعده وسبطيك: الحسن والحسين، فجعلتُ حسناً معدنَ علمي بعد انقضاء مدّة أبيه، وجعلتُ حسيناً خازنَ علمي، وأكرمتهُ بالشّهادة، وختمت له بالسّعادة، وهو أفضلُ من استشهد، وأرفعُ الشهداء درجة، وجعلتُ كلمتي التامّة معه، وحجّتي البالغة عنده، بعترته أثيب وأعاقب:
أوّلهم عليّ سيّد العابدين وزين أوليائي الماضين، وابنهُ شبيه جدّه المحمود، محمّد الباقر لعلمي والمعدنُ لحكمتي، سيهلكُ المرتابون في جعفر الصّادق، الرادّ عليه كالرادّ عليَّ، حقّ القول منّي لأكرمنّ مثوى جعفر، ولأسرّنه في أشياعه وأنصاره وأوليائه، وانتجبتُ بعده موسى، وأتيح بعده فتنة عمياء حندس ألا إنّ خيط فرضي لا ينقطع، وحجّتي لا تخفى، وإنّ اوليائي لايشقون.
ألا ومن جحدَ واحداً منهم فقد جحد نعمتي، ومن غيّر آية من كتابي فقد افترى عليَّ، وويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدّة عبدي موسى وحبيبي وخيرتي.
ألا وإنّ المكذّب بالثّامن، مكذّب بكلّ أوليائي، عليّ وليّي وناصري ومن أضعُ عليه أعباءَ النبوّة، وأمنحه بالاضطلاع بها، يقتلهُ عفريتٌ مستكبر، يدفن بالمدينة الّتي بناها العبد الصالح : (ذو القرنين) الى جنب شرّ خلقي، حقّ القول منّي لأقرّنّ عينه بمحمّد ابنه وخليفته من بعده، ووارث علمه، فهو معدنُ علمي، وموضع سرّي، وحجّتي على خلقي، جعلت الجنّة مثواه وشفّعته في سبعين من أهل بيته كلّهم قد استوجبَ النّار، وأختم بالسّعادة لابنه عليّ وليّي وناصري، والشّاهد في خلقي، وأميني على وحيي، أُخرجُ منه الدّاعي الى سبيلي، والخازن لعلمي الحسن العسكري ـ (ع) ـ، ثم أكملُ ديني بابنه محمّد رحمة للعالمين، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيّوب، سيّد أوليائي، سيذلّ أوليائي في زمانه، وتتهادى رؤوسهم كما تتهادى رؤوس التُرك والدّيلم، فيقتلون ويحرقون ويكونون خائفين مرعوبين وجلين، تصبغ الأرض بدمائهم، ويفشو الويلُ والرّنة في نسائهم، اولئك أوليائي حقّاً، بهم أدفعُ كلّ فتنةٍ عمياء حندس، وبهم أكشفُ الزلازل وأرفع الآصار والأغلال، اولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة واولئك هم المهتدون.
[رواه الكليني (ره) في اصول الكافي ج 1، ص527، ـ كتاب الحجّة ـ باب ما جاء في الاثني عشر والنصّ (عليهم السلام)، ورواه الصّدوق (ره) في كمال الدين: ص 308، الباب 28، الحديث1.ورواه ايضاً في عيون الاخبار ص 34، الباب 6، الحديث 2.والنعماني في كتاب الغيبة ص 62، الباب 4، الحديث 5.والشيخ المفيد (ره) في الاختصاص ص 210.والشيخ الطوسي (ره) في الغيبة ص 53.ونقله المجلسي في البحار: 36/195 ـ 197]
يبقى السّؤال: لماذا خفيتْ هذه الأسماء عن أصحاب الأئمّة (عليهم السلام)، حتى صارَ البحثُ عن الإمام بعد وفاة أحد الأئمة (عليهم السلام) أشبه بالبحث عن الكبريت الأحمر ؟!!
الجواب: لقد كانت الظّروف التي عاشها الأئمةُ ( عليهم السلام ) وخاصةً ظروف الإمامين الصّادق والكاظم ( عليهما السلام ) صعبةً جداً ، فقد بلغت الحال من مراقبة أجهزة السّلطة القمعيّة لهذين الإمامين أنّ الإمام الكاظم ( عليه السلام ) إذا دخلَ السّوق يأمرُ أصحابه بألاّ يسلّموا عليه ولا يقتربوا منه حتى لا تعرفَ السّلطات أنّهم من أتباعه وشيعته فتعتقلهم . ومن هنا حصلَ خفاءُ الأسماء عند بعض أتباع الأئمة عليهم السّلام بسبب هذه الظّروف القمعيّة الشديدة، ولكن بقيَ أئمّةُ أهل البيت عليهم السلام حريصينَ جداً على الحفاظ على خطّ الإمامة الصّحيح من خلال الإيصاء لبعض أصحابهم الخُلّص جداً بإسم الإمام الذي يلي الإمامَ الآخر عند وفاته، وهو ما وصلَ إلينا بأسانيد صحيحة ومعتبرة في حقّ كلّ إمام من أئمة أهل البيت عليهم السّلام، والحمد لله ربّ العالمين .
ودُمتم سالمين.
اترك تعليق